منوعات

“القدر” يُنقذ لبنان من العتمة الشاملة وفي عيد التحرير تُحرر سلفة الكهرباء

يُعيد التاريخ في لبنان نفسه بما يتعلق بأزمة الكهرباء، ولكي لا نعود إلى بداياته، ننتقل بالذكرى إلى الصيف الماضي، وتحديداً إلى شهر تموز، عندما كانت معامل الكهرباء تحتضر مع انخفاض منسوب تغذيتها بالمواد البترولية الضرورية لحياتها. يومها خيّم شبح العتمة الشاملة على اللبنانيين، واليوم يعود هذا الشبح ليهدّدهم مجدّداً، ولكن بشكل جدّي أكثر هذه المرة.

موعد العتمة الشاملة

يُنتج لبنان حوالي 2000 ميغاواط من الكهرباء، ولكنه لا يُنتج اليوم سوى الربع تقريباً، وبواخر الطاقة التي كانت تنتج حوالي 370 ميغاواط أوقفت عملها بسبب عدم حصولها على مستحقاتها منذ أشهر، وردّاً على قرار القاضي علي ابراهيم الذي طلب الحجز على البواخر تمهيداً لاستكمال التحقيقات في ملف الرشى والتنفيعات، وبالتالي فإن شبكة لبنان الكهربائية لا تؤمن اليوم سوى 4 إلى 12 ساعة تغذية، تقول مصادر مطّلعة.

تُشير المصادر إلى أن المناطق المحظية لا تزال تحظى بعدد ساعات تغذية تصل إلى 12 ساعة أحياناً، ولكن أغلب المناطق اللبنانية لا تحصل سوى على 4 ساعات، أو 6 ساعات، والسبب هو عدم وجود الفيول لتشغيل المعامل.

تكشف المصادر أن الأسبوع الجاري لن يشهد توقّف أي معمل عن الإنتاج، على خلاف ما قيل في السابق، ولكن التوقف يصبح حتمياً، انطلاقاً من نهاية شهر أيار، حتى منتصف شهر حزيران، وهو الموعد المحدد للعتمة الشاملة، بحال لم يُولد الحل، وهذا ما سنتطرق إليه في نهاية المقال، مشيرة إلى أن مؤسسة كهرباء لبنان أبلغت كل المسؤولين بهذا الموعد، ووضعتهم أمام مسؤولياتهم.

كانت عيدية “الفطر” للبنانيين توقف البواخر عن إنتاج الطاقة، وفي الأسبوع الاخير من أيار سيتوقّف معمل الذوق عن العمل، أما الأسبوع الأول من حزيران فسيشهد توقّف دير عمار والجيّة، ليكون معمل الزهراني هو الصامد الأخير الذي سيستسلم في الأسبوع الثاني من شهر حزيران، وهكذا تكون معامل الكهرباء في لبنان قد توقفت جميعها، ما يعني أن ساعات التغذية ستصبح “صفر”.

 

أصحاب المولدات يستنفرون

عندما نتحدث عن أزمة الكهرباء لا يمكن تهميش ملف المولدات التي تؤمن البديل، والتي لن تستطيع هذه المرة، بحسب مصادر تجمع أصحاب المولدات في لبنان، أن تغطّي انقطاع الكهرباء في لبنان.

تشير المصادر عبر “احوال” إلى أن المولدات بحاجة إلى شرطين أساسيين للعمل هما “المازوت”، و”الراحة”، وبحال عدم توفر الشرطين او احدهما على الأقل يُصاب الإنتاج بأذى، مشددة على أن أصحاب المولدات بحال انقطعت “كهرباء الدولة” بشكل كامل، سيحلّون مكان مؤسسة كهرباء لبنان في وضع نظام التقنين، هذا بشرط توفير الدولة لمادة المازوت.

ولان الشرط هذا قد لا يكون متوفراً في القريب العاجل، فيمكن القول أن الحل الوحيد المتاح لتجنب العتمة هو “عودة” قانون سلفة الكهرباء إلى الحياة.

 

السلفة ودستوريتها

بعد الضغوط الكبيرة على النواب، أقرّ المجلس النيابي سلفة لمؤسسة كهرباء لبنان لشراء الفيول بقيمة 200 مليون دولار، ولكن اختار نواب “القوات اللبنانية” الطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري والسبب بحسب ما يؤكدون هو “حماية أموال المودعين والإحتياطي الإلزامي”.

قرر المجلس الدستوري تجميد السلفة لحين البت بالطعن، ولكنه اليوم لم يعد قادراً على الإنعقاد بسبب وفاة ثلاثة من أصل 10 أعضاء، وفقدان النصاب القانوني المحدد بـ8، وتكشف المصادر المطّلعة أن وفاة العضو الثالث انطوان بريدي منذ أيام، قد يكون المنقذ للبنان من العتمة الشاملة، وذلك بسبب أن المجلس لن يتمكن من الإنعقاد بعد الدعوة التي وجهها رئيسه طنوس مشلب إلى الأعضاء نهار الثلاثاء الماضي في 11 أيار، بعد تلقيه تقرير المقرر.

وتضيف المصادر: “الثلاثاء الماضي كان موعد بدء احتساب مهلة الـ 15 يوماً التي يملكها المجلس الدستوري لإصدار قراره، والتي يكون بعدها القانون نافذاً بحال لم يصدر عن المجلس الدستوري أي قرار، وهو ما سيحصل بسبب غياب النصاب”، مشيرة إلى انه بإمكان المجلس اختصار المهلة وإعلان عدم قدرته على الإنعقاد والتقرير، ويمكنه انتظار المهل لتسري وحدها، وبالتالي تنتهي مهلة الـ 15 يوماً في 25 أيار المقبل، والذي يُصادف ذكرى عيد التحرير.

إذا تؤكد المصادر أن قانون سلفة الكهرباء سيعود إلى الحياة مجدّداً، وستدخل المؤسسات المعنية في سباق مع الزمن لتأمين الفيول لإعادة التغذية بالتيار الكهربائي، ما يعني أن لبنان لن يذهب حالياً نحو العتمة الشاملة، ولكن سيبقى هذا الخطر موجوداً طالما أن الحلول لا تطال أصل المشكلة.

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى