منوعات

حبيقة لـ”أحوال”: المركزي يعمَق الأزمة ويرهن الليرة بالانتخابات

ولّد انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الليرة أملاً ولو مؤقتاً لدى اللبنانيين، فبعد وصوله إلى مستويات قياسية مسجلاً سعر 33500 ألف ليرة، تراجع سعر صرف الدولار تدريجياً حتى وصل إلى ما دون 22 ألفاً، كاسراً توقعات استمرار انهيار الليرة دون سقوف. فهل سجّل مصرف لبنان هدفاً في مرمى السوق الموازية من خلال ضخّ الليرات التي امتصها من السوق مقابل الدولارات التي ضخها على مدار الأسبوعين الماضيين بعد أن فعّل دور منصته “صيرفة”؟ وهل خطة المركزي أفقدت السيولة باللّيرة من السوق لا سيما بعد أن تهافت اللبنانيون على شرائها لاستبدالها بالدولارات؟
المحلل الاقتصادي لويس حبيقة يقول لـ”أحوال” أن “التّحسن الملحوظ في قيمة الليرة يعود لأهداف سياسية مؤقتة، حيث قام مصرف لبنان بضخ كميات كبيرة من الدولارات في السوق بهدف خفض سعر صرف الدولار، ما زاد من رغبة اللّبنانيين بالحصول على الليرات لاستبدالها بالدولارات، ورغم التهافت الكبير على شرائها إلا أنها مازالت موجودة في المصارف وهي غير مفقودة كما يشاع” مشيراً إلى أنّ “اللّيرة يقوم بطباعتها “المركزي” الذي يختزن المليارات منها ومن المستحيل أن تفقد من الأسواق”.
ولا يخفي حبيقة قدرة “المركزي” على “التّحكم في السّوق النقدي، خصوصاً بعد محاولتة الأخيرة امتصاص الكتلة النّقدية بالليرة اللبنانية من السوق، بهدف خفض سعر صرف الدولار قدر المستطاع”.
ولكن إلى متى سيستمر في قدرته على ضبط السوق؟
هنا يرى حبيقة أن “ما يحدث اليوم مرتبط بأهداف انتخابية، وكل أفرقاء السياسة يحاولون أن يظهروا للبنانيين بأن وضع اللّيرة يتحسن، كي لا يكون لديهم الرغبة بالتغيير، لا بل وأكثر من ذلك للقضاء على حماسة الأفرقاء الذين يودون التّرشح ضد السّلطة”.
ويلفت إلى أنّ “يوم انتهاء تقديم الترشيحات الانتخابية ستعود الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً لأن تحسّن سعر الصرف “مدفوش” ومرتبط بنوايا سياسية خصوصاً وأن وضع البلد على المحك وهو من سيء إلى أسوأ”.
وفي سؤال عما لو نجح “المركزي” بامتصاص الدولارات من السوق يقول حبيقة “اللبنانيون هذه المرة خائفون ويفضلون الاحتفاظ بدولاراتهم الموجودة في البيوت أو الشّركات رغم انخفاض سعر الصّرف”.
مصرف لبنان يبيع الدولارات من خلال منصة صيرفة، هل يقوم بالمقابل بشراء الدولارات؟ يجيب حبيقة أن “المصرف المركزي يبيع ويشتري الدولارات لكن النسبة الأكبر تعود لضخ الدولارات في السوق حالياً بهدف تحسين وضع الليرة”.
ويضيف “هذه السياسية التي يعتمدها مصرف لبنان مؤقتة لأنّ الحلول في لبنان لا يمكن أن تكون حلولاً نقدية لا بل سياسية-اقتصادية- اجتماعية وتنعكس على سعر الصرف، فالسياسات النّقدية غير قادرة على معالجة الأزمة”.
هذا أظهرت ميزانيّة مصرف لبنان تراجعاً في موجوداته الخارجيّة بمبلغٍ قدره 394.06 مليون د.أ. خلال النصف الثاني من شهر كانون الثاني 2022 إلى 17.32 مليار د.أ.، من 17.71 مليار د.أ. قبل فترة أسبوعين.
وكشف تقرير لبنك الإعتماد اللّبناني أنّ ميزانيّة مصرف لبنان تقلّصت بـ 2.14 مليار د.أ. خلال النصف الثاني من شهر كانون الثاني 2022 إلى 161.86 مليار د.أ. على إثر تراجع قيمة الموجودات الأُخرى (والتي تمثّل رسملة خسائر التدخّل في السوق لتثبيت سعر الصرف) بنسبة 2.06% (1.53 مليار د.أ.) إلى 72.68 مليار د.أ. وإنخفاض قيمة الموجودات الخارجيّة بنسبة 2.22% إلى 17.32 مليار د.أ. وتدنّي قيمة إحتياطي الذهب بنسبة 1.83% إلى 16.51 مليار د.أ.، ما طغى على تطوّر قيمة محفظة الأوراق الماليّة بنسبة 0.20% إلى 41.43 مليار د.أ.
وفي هذا الإطار، تراجعت حصّة الموجودات الخارجيّة لمصرف لبنان إلى 10.70% من مجموع ميزانيّة هذا الأخير كما في نهاية شهر كانون الثاني 2022، مقابِل 10.80% في منتصفه، كما وإنخفضت حصّة إحتياطيّ الذهب إلى 10.20% من 10.25% قبل فترة أسبوعين. من جهةٍ أُخرى، بلغت حصّة الموجودات الأُخرى 44.90% من مجموع ميزانيّة مصرف لبنان في منتصف شهر نهاية الثاني 2022، مقابل 45.25% قبل فترة أسبوعين.
هنا يقول حبيقة “من الطّبيعي أن تتراجع موجودات المركزي، خصوصاً وأن مصرف لبنان كان يضخّ يومياً 50 مليون دولار تقريباً، والاحتياطي الموجود لديه يكفيه لمدة شهرين فقط أي ما قبل موعد الانتخابات النّيابيّة”.
وتمنى على اللّبنانيين أن “يكونوا على قدر كافٍ من الوعي لأن الأمور في لبنان ضبابيّة” معتبراً أن “سنة 2022 هي “سنة عذاب” على لبنان وشعبه”.

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى