منوعات

تطبيقات سوق الدولار… شريك في التّلاعب بسعر الصّرف والصرّافون أبرز المستفيدين

“حياتنا باتت وقفاً على سعر صرف الليرة مقابل الدولار”، هذا حديث اللبنانيين اليومي. يمكن الوقوع على ذلك في أدق التفاصيل. بدءاً من أسعار المواد الغذائية وصولاً إلى الثياب وحتى الأدوية غير الخاضعة للدعم وغير ذلك الكثير.

أما الدليل إلى السعر، فليس ما يفصح عنه المصرف المركزي يومياً. هذا لا شأن لنا به على التأكيد. ذلك أنّ مصدر الناس إلى تدبّر شؤون يومهم، مجموعة من التطبيقات التي تخبرهم بإشعارات متتاليّة حركة سعر الدولار لحظة بلحظة.

هكذا، وحتى تاريخ كتابة هذه السطور، يخبرنا أحد التطبيقات أن كل دولار يتجاوز 8300 ليرة للشراء، و8400 للمبيع. لكن ترى، كيف نشأت هذه التطبيقات؟ ومن يقف خلفها؟ وهل لها تأثير على تقلبات سعر الصرف، أم أنها كما يقول أصحابها مجرد ناقلة للأسعار؟

يؤكد غسان بلطه جي، الخبير في الأمن الإلكتروني، أن هناك أكثر من 20 تطبيقاً تعمل بشكل يومي على جميع منصات التطبيقات مثل “آبل ستور”، ومنها 16 تطبيقاً على “غوغل بلاي ستور” وحده.

ويضيف في حديث لــ “أحوال” أن هذه التطبيقات تؤثر بشكل كبير على سعر صرف الدولار مقابل الليرة في السوق السوداء. فهي تقوم بلعبة استدراج الأسعار إلى حدود معينة والتلاعب بسعر الصرف، ويحصل هذا عادة لتحقيق أرباح كبيرة.

لم يكن اللبنانيون ليعرفوا هذا النوع من التطبيقات لو أن هناك ثقة بالوضع النقدي في البلاد، لكن اضطراب الإقتصاد وانفلاش السوق السوداء ووجود ثلاثة أسعار للدولار، جعل من تطبيقات سوق الدولار حاجة لكل لبناني يستيقظ صباحاً ويريد أي يعرف “كيف يتدبّر نهاره”، خاصة أن معظمنا بات، فعلياً، يحيا كل يوم بيومه.

لكن هذا لا يعفينا من السؤال حول الجهات التي ربما تقف وراء تطبيقات سوق الدولار، وما هي الغاية من وجودها. ومن الأسئلة التي تطرح: هل يمكننا معرفة هوية أصحاب التطبيقات وتحديد أماكنهم؟ وهل هم محترفون؟

يجيبنا بلطه جي عن هذه الأسئلة بالقول إنّ “المشغّل ليس بحاجة عادةً إلى أن يكون محترفاً. يكفي أن يكون على دراية بكيفية الإشتراك في “بلاي ستور” لإنشاء تطبيق”، ويمكن حصول المستخدم على تطبيقات سوق الدولار في متاجر الهواتف الجوالة أو عند أي صراف”.

ويلفت إلى أنّ متاجر التطبيقات العالمية مثل “آبل ستور” و”غوغل بلاي ستور” يمنعان هكذا أنواع من التطبيقات. الأمر الذي يدفعه إلى الإعتقاد إلى أن ما يجري هو عمل مافياوي بامتياز. أما لماذا، فيشرح بلطجي قائلاً: “بإمكان الدولة اللبنانية منع هذه التطبيقات في ظرف 4 دقائق على أكثر تقدير. يمكن لها أن تقدم شكوى الكترونية لآبل وغوغل ضد هذه التطبيقات لأنها تعود بالضرر على الإقتصاد اللبناني. وهذا إن حصل يجعل من تشغيل التطبيق في لبنان مستحيلاً”.

إلا أن الدولة لم تقدم أي شكوى بهذا الخصوص. الأمر الذي يدل، وفق تصريحات بلطجي، إلى أن الجهة الأكثر إستفادة من تطبيقات أسواق الدولار هم الصرافين ومن يعملون أو ينسقون معهم، مؤكداً أن “هذا يحصل أيضاً في مفاوضات على واتساب بين الصرافين يتفقون فيها على تحديد سعر للصرف ليحققوا أكبر قدر من الإستفادة المالية. من مصلحة هؤلاء أن يتحكموا بالسوق عبر التطبيقات، خاصة أنها مجانية بالنسبة للمستخدمين”.

هل تستطيع الأجهزة الأمنية الوصول إلى أصحاب التطبيقات؟

نعم، يجيب بلطه جي مؤكداً أن “مكتب جرائم المعلوماتية” في جهاز الأمن العام يمكنه معرفة هوية أصحاب تطبيقات السوق السوداء، وذلك من خلال الــ Key وليس فقط الــ Ip Adress. أي أن تتبع صاحب التطبيق ومكان وجوده ممكن ببساطة من خلال أوجيرو. وحول هذه النقطة يشدد أن “كل مشغلي التطبيق غير محترفين. وليسوا من الصنف الذي لا يترك خلفه أي أثر ويستلزم الوصول إليه تحقيقات طويلة. بل على العكس، إنهم مشغلون عاديون ولديهم أبسط المعلومات عن تشغيل التطبيقات ويمكن الوصول إليهم بسهولة. وهذا يعني أن عملية غضّ النظر عن هذه التطبيقات وأصحابها، يدل أن هناك من يوفر لهم الغطاء الأمني والقضائي والسياسي، ربما أحزاب وربما زعامات سياسية أو أمنية واقتصادية”.

وفي هذا السياق، يذكر بلطه جي أن القوى الأمنية سبق وأوقفت تطبيقات أخرى ومشغليها، “لكن يبدو أنهم لم يكونوا ناس مهمين، ولذلك جرى توقيفهم. أكيد الدولة مش مقدمة أي بلاغ ولا أخدت إجراء لتوقيفهم”.

نانسي رزوق

صحافية منتجة ومعدة برامج تلفزيونية وأفلام وثائقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى