منوعات

لبنان سيُبلِغ “هوكشتاين”: فشل التفاوض سيدفعنا إلى تثبيت الخط 29 نهائيًا

هل يكون "الخط المُتعرّج" الحل لأزمة الترسيم؟

تستقبل بيروت مجددًا الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود، آموس هوكشتاين، الذي يصل إليها الثلاثاء المقبل بحسب معلومات “أحوال”، ويحمل في جعبته الرد الإسرائيلي على استئناف التفاوض مع لبنان، لإبلاغه للمسؤولين اللبنانيين بعد جولة مباحثات قام بها الدبلوماسي الأميركي مع المسؤولين الإسرائيليين خلال الشهر المنصرم، وسط معلومات في كواليس المقرات الرئاسية عن احتمال التوصل الى حل وسطي لترسيم الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، إذا أقرّ الإسرائيلي بعبثية ضغوطه ومماطلته وتلاعبه.

أوساط سياسية تُحذّر عبر “أحوال” من أن المبعوث الاميركي سيحاول مجددًا ممارسة الضغط على لبنان وتهديد بعض المسؤولين بالعقوبات للتنازل، واستغلال واقع الانهيارات المالية والاقتصادية والاجتماعية المتتالية والانقسام السياسي، ما يدفع لبنان للرضوخ للضغوط الاميركية والسير بخط “هوف” ومنح الاسرائيلي المساحة الاكبر من المنطقة الاقتصادية المتنازع عليها في المياه الإقليمية.

كما كشفت المعلومات أن الأميركي تمكّن من تجميد استثمار لبنان لثروته النفطية والغازية بكافة حقوله قبل حل النزاع الحدودي وفق الرؤية الإسرائيلية، إذ يحاول الأميركي منذ فترة المقايضة بين إخراج لبنان من الحصار الاقتصادي المفروض عليه، وبين إنقاذه من أزماته المالية والاقتصادية، مقابل التنازل عن البلوك رقم 9.

إلا أن لبنان استبق وصول هوكشتاين برسالة بعث بها إلى الأمم المتحدة ملوحًا عبرها باستحضار المرسوم رقم 6433 تاريخ 1 تشرين الاول 2011 الذي يثبت كامل حقوق لبنان، والبدء بالتفاوض من الخط 29 الذي رسمه الجيش اللبناني وتمسك به الوفد العسكري اللبناني المفاوض، والذي كان السبب بانسحاب الوفد المفاوض الإسرائيلي من جولة المفاوضات غير المباشرة الأخيرة في الناقورة.

وتتضمّن الرسالة تمسّك لبنان بكامل حقوقه في رفع أي مطالب لاحقة، ومراجعة حدود منطقته الاقتصادية الخالصة، كما تنص المادة الثالثة من المرسوم رقم 6433، إذا فشلت المفاوضات غير المباشرة في تحقيق التسوية التفاوضية.

مصادر مطلعة على الملف اعتبرت في حديث لـ”احوال” أن الدولة اللبنانية تهدف في الرسالة التي أودعتها الأمم المتحدة الى رفع السقف التفاوضي وتحذير الوسيط الأميركي ومن خلفه الإسرائيلي من مغبة المماطلة والتسويف في المفاوضات بغية الابتزاز والضغط لإخضاع لبنان والتنازل للشروط والمطالب الإسرائيلية، لا سيما التراجع عن الخط 29 وأيضاً التنازل الى ما دون الخط 23 والموافقة على خط هوف المتمثل بالخط 21، أي التفاوض على مساحة 860 كلم2 بنسبة ثلثين للبنان وثلث لإسرائيل، وفق المعادلة: “ما لنا لنا، وما لكم لنا ولكم”.

وتضيف المصادر أن “الرسالة اللبنانية تخفي تهديدًا للإسرائيليين بأن عرقلة المفاوضات وقضم حقوق لبنان من خلال البدء بالتنقيب في حقل كاريش الواقع ضمن الخط 29 الذي قدّمه لبنان على طاولة المفاوضات وفي المنطقة المتنازع عليها، وكذلك منع لبنان من استثمار حقوله النفطية والغازية في المنطقة المثبتة في الأمم المتحدة بأنها تابعة للمياه الإقليمية اللبنانية والمستندة الى الخط 23، سيدفع لبنان تلقائيًا الى توقيع المرسوم رقم 6433 من رئيس الجمهورية، وبالتالي تثبيت الخط 29 كنقطة أساسية ونهائية للتفاوض لا يتم التراجع عنها وإبلاغ الأمم المتحدة بذلك رسميًا”.

وعلم “أحوال” أن المشاورات تكثّفت بين بعبدا وعين التينة والسراي الحكومي بالتنسيق مع “حزب الله” لحسم الموقف اللبناني الذي سيبلغ للزائر الأميركي.

وكشفت المصادر المطلعة على الملف لـ”أحوال” أن الدولة اللبنانية ستبلغ الموقف اللبناني الرسمي للوسيط الأميركي بأن لبنان متمسك بالخط 29 لكنه مستعد للبحث والنقاش بحل تفاوضي وسطي يحفظ حقوق لبنان بين الخطين 23 و29، وبالتالي رفض لبنان التنازل عن ما دون الخط 23 ولو طال أمد التفاوض لسنوات.

كما سيبلغ لبنان الوسيط الأميركي بأن لبنان سيتجه إذا ما فشلت جولة التفاوض المرتقبة، الى استثمار ثروته النفطية والغازية الواقعة في المياه الإقليمية اللبنانية خارج المنطقة المتنازع عليه.

ووفق المعلومات أيضاً، فإن الوسيط الأميركي تمكن من انتزاع موافقة الحكومة الاسرائيلية على الخط المتعرج وليس الأفقي، وبذك تحل عقدة الخلاف حول نقطة الترسيم، ما يمنح لبنان حقل استثمار حقل “قانا”، و”اسرائيل” حق استثمار حقل “كاريش”.

ويستند الموقف اللبناني، بحسب المصادر، الى الوحدة الوطنية والى قوة الردع التي تمثلها المقاومة، وذلك انطلاقاً من التهديد الذي أطلقه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بأن المقاومة تترك للحكومة اللبنانية تحديد الحدود البحرية، لكن المقاومة تستطيع الدفاع عنها ومنع “إسرائيل” من التنقيب في المساحة التي تقول الدولة إنها متنازع عنها، وحماية أي استثمار للبنان في ثروته في المياه الخالصة.

وفي هذا الصدد، كشفت أوساط ديبلوماسية لموقعنا عن حماسة أميركية لتكثيف التفاوض للتوصل الى حل، للحؤول دون اندلاع نزاع حدودي بين “حزب الله” و”إسرائيل” يؤدي الى حرب قد يحولها الحزب الى معركة رأي عام لبناني وعالمي للدفاع عن مصالح وحقوق وثروات لبنان والشعب اللبناني، الذي هو بأمسّ الحاجة إليها في ذروة أزمته المالية والاقتصادية والاجتماعية.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى