منوعات

ميقاتي في باريس.. عينه على الدعم الدولي والمشاريع الاستثمارية

بعد أن نالت حكومة “معًا للإنقاذ” ثقة البرلمان في جلسته التي عقدها في قصر الأونيسكو، من المتوقع أن تنال غدًا ثقة المجتمع الدولي من قصر الإليزيه، حيث سيلتقي رئيسُ الحكومة اللّبنانية نجيب ميقاتي الذي وصل اليوم إلى باريس الرئيسَ الفرنسي إيمانويل ماكرون، في أوّل زيارةٍ خارجيةٍ لـ ميقاتي منذ تشكيل حكومته الجديدة.

قصر الإليزيه كان قد أعلن أنّه، وخلال غداء عملٍ عند الواحدة ظهرًا، سيناقش الرجلان التدابير والإصلاحات الواجب تطبيقها في بيروت وفق جدولٍ زمنيٍّ محدّدٍ، وسيتطرقان إلى دور فرنسا والأسرة الدولية في مواكبة الحكومة في تطبيق برنامج الإصلاحات. ومن البديهي أن يوجّه الجانب اللبناني خلال اللقاء الشكرَ لـ ماكرون على مساندته لبنان منذ انفجار مرفأ بيروت وإطلاقه مبادرته الإنقاذية التي اشترط فيها تشكيل حكومة، وهو ما حدث فعلًا.

إذن، تشكيل الحكومة، وإن كان وحده غير كافٍ لإطلاق رحلة الإنقاذ، إلّا أنّه يضع القطار على سكته الصحيحة، ويُعتبرُ بمثابة محطة إنطلاق تُضاف إلى محطتين أخرتين لا بدّ من المرور عبرهما. الأولى ترتبط بالإصلاحات الداخلية ولا سيما تلك التي ستنصّ عليها المفاوضات مع صندوق النّقد الدولي وتلك التي ستنتج عنها مشاريع إنمائية تركّز على تطوير البنى التحتية من طاقة وكهرباء ومرافئ وغيرها. والمحطة الثانية تصبّ اهدافها بإتجاه إستعادة ثقة المجتمع الدولي التي تُترجم بتقديم الدعم للبنان والإستثمار في قطاعاته الحيوية، بما يتكامل مع أهداف المحطة الاولى.

فعليًا، رغم الخلافات والإختلافات الكثيرة في مقاربة الخطة الإنقاذية، ورغم الخطابات والخطابات المضادّة التي صدحت بها أصوات النواب تحت قبّة قصر الأونيسكو والتي كانت أشبه باستعراضاتٍ إنتخابيةٍ، إلّا أنّ هناك إجماعًا على وجوب إتخاذ خطواتٍ فعليّةٍ وجادّةٍ تكون بمثابة إصلاحاتٍ جذريّةٍ للمنظومة بفروعها الإدارية والمالية والإقتصادية.

وبعد أن خَبِر الرئيس الفرنسي “اللوفكة اللبنانية” بما تنطوي عليه من مماطلةٍ وتسويفٍ ووعودٍ وأقوالٍ عقيمةٍ بعيدةٍ عن الأفعال، من المتوقع أن يسأل عن خطةِ عملٍ واضحةٍ تبدأ بتقييم الوضع الراهن وتحديد الإجراءات الإصلاحية الواجب اتخاذها مع مواكبةٍ فرنسية للتطبيق وفق جدولٍ زمنيٍّ يحدّد الأولويات التي تبدأ بالمفاوضات مع صندوق النّقد الدّولي.

الترجمة الفعلية لـ”الإجراءات” تمرّ بمؤتمرِ سيدر أو بنسخةٍ جديدةٍ منه، وبمشاريعَ إستثماريةٍ لإعادةِ إعمار مرفأ بيروت وحلّ معضلة الكهرباء وغيرها عبر شركاتٍ أجنبيةٍ يريد ماكرون ان تكون للفرنسيةِ منها حصّة وفيرة.

وبالإضافة إلى تأمين صفقاتٍ لشركاتٍ فرنسيةٍ، يسعى الرئيس الفرنسي إلى تحقيق إنجازاتٍ خارجيةٍ أحدها في الملف اللبناني بعد سلسلة الهزائم التي مُني بها ولعل آخرها اتفاقية “أوكوس” بين أستراليا والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والتي أدّت إلى إلغاء صفقة غواصات فرنسية ضخمة بقيمة 37 مليار دولار لأستراليا.

تحقيق تقدّمٍ في الملف اللبناني والعلاقة مع إيران وحزب الله على بعد أشهرٍ من الانتخابات الرئاسية الفرنسية يصبُّ في مصلحة ماكرون الذي شدّد سابقًا في اتصالٍ هاتفيٍّ مع نظيره الإيراني الرئيس حسن روحاني على “ضرورة تعاون فرنسا وإيران، إلى جانب حزب الله، من أجل تأليف حكومة لبنانية قوية”.

من ناحيته، يأمل رئيس الحكومة اللبناني أن تشكّل زيارته إلى فرنسا فاتحة خيرٍ تسبق زياراتٍ مماثلةٍ إلى عواصم العالم، ولا سيما الأوروبية والعربية. فمن على منبر الإليزيه، يُمكن لـميقاتي أن يوجه رسائل إيجابية للدول المهتمّة بمساعدة لبنان والإستثمار فيه بما يسوّق لأي مؤتمرٍ قد يدعو إليه ماكرون مجددًا أو لأي مساعٍ من هذا النوع يريد الرئيس الفرنسي أن يقودها هو، وبالطبع لا يمانع الجانب اللبناني ذلك.

آلاء ترشيشي

مذيعة ومقدمة برامج. محاضرة جامعية. حائزة على ماجستير في العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى