منوعات

ما حقيقة الوثيقة الأمنيّة المسرّبة وهل أصبحنا على مشارف “الفوضى الأهلية”؟

لا نحتاج إلى أجهزة استشعار متطورة لنكتشف حجم الفوضى التي يغرق فيها لبنان، وعادة لا ينتج عن الفوضى “حياة وردية”، بل الدمار وهذا ما ينتظرنا بحال بقيت الحلول غائبة، والعقول متحجّرة، والقلوب سوداء.

وثيقة أمنية تحذّر

سُرّبت أمس وثيقة أمنية صادرة عن “الأمن القومي” في الأمن العام، نصت على أنه “توافرت معلومات أنه بالتزامن مع التدهور الإقتصادي والمالي، تم التداول بمعلومات عن التحضير لتصعيد كبير في الشارع ومن الممكن أن يتطور إلى حصول عمليات ظهور مسلّح وتوجّه إلى منازل السياسيين، وأشارت المعلومات إلى أن الأمور ذاهبة نحو فوضى وتخريب واستخدام السلاح في الشارع وأعمال عنف وسرقة وتصفية حسابات بحجّة ارتفاع سعر صرف الدولار والغلاء المعيشي، تنفيذاً لأجندات سياسية وأن التوقيت أصبح بين ليلة وضحاها”.
لم تنف الجهات المعنية هذه الوثيقة ولم تؤكدها، ولكن بحسب مصادر مطّلعة فإن ما ورد فيها لا يتدعى كونه تحليلاً للوضع القائم، يمكن لأي كان ملاحظته.
وتضيف المصادر عبر “أحوال”: “تُطلق الوثيقة تحذيراً من خطورة المرحلة المقبلة، ولكنها تشبه إلى حدّ بعيد “التقرير الإعلامي”، إذ أنه يُفترض عادة أن تكون المعلومات واضحة، من مصدر واضح، وبتوقيت واضح، بينما في الوثيقة هذه قيل أنه “توافرت معلومات” أنه “تم التداول بمعلومات”، وأن “التوقيت أصبح بين ليلة وضحاها”، وهذه كلها عبارات لا يجب أن تُستخدم في الوثائق الأمنية”.
إذا هي تحليل يرتبط بالوضع القائم حالياً، ومن يقرأ الوثيقة يشعر بالخوف، وهذا ما يعني أن من سرّبها أو اخترعها يريد نشر المزيد من الخوف، وهذا يسرّع الوصول إلى الفوضى.

كل المؤشرات تُوصل إلى مكان واحد

تؤكّد المصادر أن هناك من يجهّز الأرضية في الإعلام والإقتصاد والشارع لأجل تفجير الوضع، مشيرة عبر “أحوال” إلى أن التلاعب بسعر صرف الدولار بهذه الوتيرة، والشحّ بالمواد الغذائية، والتسبب بوقوف الناس في طوابير أمام محطات الوقود، والتخويف من العتمة الشاملة بعد أسبوعين، كلّها أمور تؤدي إلى أن يفقد المواطن عقله، ويتحوّل إلى “غوغائي” عنيف.
وتضيف المصادر: “الأرضية باتت جاهزة، ولا تحتاج الأمور إلا الى صاعق تفجير، ومن حضّر الأرضية بكل تفاصيها لا بدّ أنه يملك الصاعق، لذلك فإن الأمور خطيرة جداً، مع العلم أن البلد مرّ بتجربة الأسبوع الماضي كادت تُشعل الحرب، بين أهالي الجيّة وبرجا، أو بين أهالي مغدوشة والقرى المحيطة”، مشدّدة على أن الإحتقان الطائفي بلغ أوجه، مع وفاة شابين من زغرتا، والإحتقان السياسي أيضاً، والأخطر هو عدم جهوزية من يفترض بهم منع الفوضى.

الأجهزة الأمنية تعاني

ترى المصادر أن أخطر ما في الأمر هو وضع القوى الأمنية، فالعنصر الأمني يجد نفسه اليوم وحيداً مع مسؤوليات عظيمة على عاتقه، ولكن تفكيره وعقله مشغولان بتأمين لقمة العيش لعائلته، وهو بكل تأكيد ليس بوارد التصادم مع الناس لأجل أحد، مشيرة إلى أننا لا نعرف من يضبط الفوضى إذا اندلعت.

الأحزاب تستعد ولكن..

لا شكّ أن الأحزاب اللبنانية باتت على قناعة أن الأسوأ لم يأت بعد، لذلك فهي تعدّ العدّة لها، وسيكون لها إجراءات خاصة، ولكن بكل تأكيد لن تكون قادرة على لجم الفوضى لوحدها.
وفي هذا السياق علم “أحوال” أن الإجراءات التي يقوم بها الفريق الشيعي في الضاحية الجنوبية وبعض مناطق بيروت ستستمر، ولكنها لا تُعتبر حلاً ناجعاً، بل هي مؤقتة، والحلول يجب أن تتوفّر بالسياسة، لأن أحداً لن يتصادم مع المواطنين بحال “فلتت الأمور”.

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى