منوعات

الحريري مهدّد بالعقوبات الأميركية وخشية من تدهور الوضع الأمني

في النهاية لا يمكن لرئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري أن يعارض التوجهات الأميركية في المنطقة، خاصة عندما تبلغ حملات الضغط حدّها الأقصى، وها هي اليوم قد بلغته. هذا في السياسة، ولكن الأخطر هو تدحرج الأمور الأمنية إلى ما لا يُحمد عقباه.
ترى مصادر قيادية في فريق 8 آذار أن الإدارة الأميركية الحالية أخذت قرار التصعيد، ولكن من غير الواضح بعد “المدى” الذي تنوي أن تبلغه، ولكنها بكل تأكيد لن ترحل بهدوء. فيما يخص لبنان، تشير المصادر عبر “أحوال” إلى “أننا في ذكرى استقلالنا لا نملك قرار تشكيل الحكومة التي تناسب البلد، فالأميركي الذي كان منذ شهرتقريباً “يتمنى” على الحريري تشكيل حكومة اختصاصيين لا ينتمون إلى الأحزاب ولا يكون لحزب الله مشاركته فيها، يأمر اليوم بأمور أكبر، وهي معاقبة التيار الوطني الحر ومنعه من تسمية الوزراء”.
تشير المصادر إلى أن الجميع في لبنان يعلم بحساسية موقف سعد الحريري، وحتى أنهم يتفهمون موقفه مما يجري، فهو لا يستطيع تحدي الإدارة الأميركية لأن أي حكومة تحدي تعني الفشل على المستوى الوطني، وانتهاء الحريري سياسياً وربما أكثر، مشددة على أن الفريق الشيعي مثلا يتفهم موقف الحريري لذلك هو اليوم لا يشارك بالصراعات على تشكيل الحكومة، وينتظر، رغم علمه بأن الإتفاقات التي عقدها مع الرئيس المكلف لن تستمر بظل التحول الأميركي، ولكنه يفضل أن لا يخلق معارك جديدة لا تحمل أي فائدة لا على الصعيد السياسي ولا على صعيد ملف التأليف.
لطالما حذّر رئيس المجلس النيابي نبيه بري من خطورة عدم استغلال الفرص وربط الحكومة اللبنانية بملف الإنتخابات الرئاسية الأميركية، تقول المصادر، مشيرة إلى أن هذا الربط أضاع الفرص الثمينة، وجعلنا في مهب رياح المنطقة ككل، فالمنطقة اليوم بانتظار الأسابيع الحاسمة التي تفصل الأميركيين عن الإنتقال من إدارة إلى أخرى، خاصة بظل وجود رئيس حالي لم يتأقلم بعد مع واقع خسارته، فيحاول قلب الطاولة وخلق نزاعات تُعيق عمل الإدارة الجديدة.
تؤكد المصادر أن الملف اللبناني بالنسبة للأميركيين ليس ملفّاً بسيطاً، ولو أن هناك من يحاول دائماً تسخيف الملف اللبناني بالعيون الأميركية، إلا أن الحقيقة غير ذلك، فالأميركي يعتبر الملف اللبناني أساسياً في الصراع في المنطقة، وبالتالي ليس صحيحاً أن الأميركيين لا يدخلون بتفاصيل الحياة السياسية اللبنانية، بدليل انزلاق السفيرة الاميركية في بيروت إلى مستنقع الرد الإعلامي والرد المضاد، والتدخل في مناصب ومراكز وأسماء شخصيات ووزراء، تؤكد أنهم على اهتمام بكل التفاصيل اللبنانية.

الحريري والتهديد بالعقوبات
تكشف المصادر عبر “أحوال” أن الحريري، ولو لم يسمعها بشكل واضح ومباشر، إلا أنه يُدرك من خلال قنوات عدة أن تحدّي المطالب الأميركية في الحكومة سيجعله شريكاً لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس على لائحة العقوبات الأميركية، مشددة على أن هناك بعض المعطيات التي تتحدث عن أسماء لبنانية جديدة ستكون على اللائحة في وقت قريب وهي تابعة لما يعرف بقوى 14 آذار، وأحدها من المقربين، ولو سابقاً، للحريري، على أن تكون الأسماء رسالة لمن يعنيهم الأمر بأن الأميركي لم يعد يثق بحلفائه في لبنان، وسيضطر إلى “توسيخ يديه” لتحقيق رغباته، كذلك ستكون محاولة من الأميركيين لتبييض صورة “العقوبات” والتأكيد على أنها بسبب الفساد لا السياسة، وفي ذلك محاولة لإعطائها المصداقية بوجه الحملات التي سيقت بوجهها مؤخرا.
لذلك دخل المعنيون في ملف التأليف إلى غرفة الإنتظار، على أمل أن تتبدّل المعطيات الخارجية، فتنعكس على الداخل اللبناني، لأن الحريري، الذي حجز كرسي رئاسة الحكومة ولن يعتذر، يعلم بأن شروطه لا يمكن أن تتحقّق، والطرف الآخر يعلم أيضاً أن لا حكومة شبيهة بحكومة دياب.
تتخوف المصادر القيادية في فريق 8 آذار من الأيام المقبلة، إذ لا حكومة قريباً، والضغط الإقتصادي سيزداد، والخشية من تحريك الوضع الأمني، رغم التأكيد أن لا معطيات أكيدة بشأن ذلك، إلا أن التحركات الأميركية في المنطقة، والإسرائيلية على الحدود الشمالية وعلى جبهة الجولان تشير إلى ذلك، كاشفة أن جبهة الجولان ساخنة جداً بعد عودة القوات الإيرانية وحزب الله إلى الحدود مباشرة، بعد فشل الإتفاق السابق الذي يقضي بابتعاد الطرفين عن الحدود 40 كيلومتراً، مقابل الخروج الأميركي من التنف.

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى