صحة

كورونا لبنان: الإصابات ترتفع رغم الإقفال … فهل تنجح “مناعة القطيع”؟

يبدو أنّ لبنان ينزلق نحو السيناريو الإيطالي، بعد انفلات أعداد الإصابات المُسجّلة بفيروس كورونا.

ولهذا السبب، تم إقفال القطاعات الناشطة في البلد لتأخير الوصول للسيناريو الأسوأ، وهو انهيار القطاع الصحي المتصدّع أساساً وموت المصابين على الطرقات.

في هذا الإطار، يتوقع الخبراء متأسفين، الحفاظ على أعداد مرتفعة من الإصابات، وهذا مردّه لعدّة أسباب، فهل تنجح خطة مناعة القطيع التي اعتمدتها السويد سابقاً في لبنان وتحلّ مكان خطة الإقفال التام؟

 

أسباب ارتفاع الإصابات رغم إقفال البلد:

بين الشوائب التي تحوم حول قرار الإقفال، وبين استهتار الشعب وعدم تقيّده بإرشادات السلامة، يصبح الإقفال التام بلا جدوى على غرار فتح القطاعات دون حسيب أو رقيب.

وفي التفاصيل، يُوضح الدكتور غسان سكاف، رئيس قسم جراحة الأعصاب والدماغ في مستشفى الجامعة الأميركية  لـ”أحوال” أنّ قرار الدولة فيما خصّ الإقفال غير صحيح، تقنياً، ويشرح أنّ قرار المفرد والمزدوج يؤدي لارتفاع الإصابات وليس العكس، إذ يزيد الإكتظاظ البشري في السيارات والباصات، ممّا يؤدي لانتقال العدوى بشكل أسرع.

ويضيف أنّ المشكلة الأكبر تكمن عند حاملي الفيروس الصامتين، الذين لا عوارض ظاهرة عليهم، فينقلون العدوى دون معرفة مسبقة بإصابتهم.

من جهة أخرى، يؤكد سكاف أنّ عدم التزام المواطنين بالتباعد الاجتماعي/ الجسدي، وارتداء الكمّامات واستخدام المعقمات، يلعب دوراً عكسياً في احتواء الفيروس، إذ يساعد هذا التصرف في نشر الوباء.

مناعة القطيع: ما هي؟ ولماذا هي مستحيلة في لبنان؟

مناعة القطيع أو المناعة بالعدوى، مصطلح ظهر في منتصف مارس/آذار الماضي، وهو يعني ممارسة الحياة بشكل طبيعي، بحيث يصاب معظم أفراد المجتمع بالفيروس، وبالتالي تتعرّف أجهزتهم المناعية على الفيروس، ومن ثم تحاربه إذا ما حاول مهاجمتها مّجددا.لكن منظمة الصحة العالمية تحذر من إتباع هذه السياسة لمواجهة فيروس سريع الإنتشار وفتاك مثل الكوفيد 19.

في هذا الإطار، يتساءل المواطن اللّبناني حول إمكانية تطبيق هذا القرار في لبنان، تجنّباً لإغلاق البلد وتعويم الطبقات الفقيرة والمتوسطة والمياومة في مزيد من الفقر، لكنّ الأطباء  يرفضون هذه الاستراتيجية، ويؤكدون على ضرورة إيجاد حل وسط لمحاربة الفيروس دون إبادة ما تبقى من الطبقة المتوسطة.

ففي ظل انهيار مالي ونقدي واقتصادي، معظم المستشفيات ليست مؤهلة من الناحية الهندسية واللّوجستية لاستقبال المصابين، والدولة عاجزة عن تقديم أيّ دعم، ويقول الطبيب سكاف لـ”أحوال” أنّ الخطورة تكمن في قيام المستشفيات تحت الضغط بتجهيز أقسام غير مطابقة للمواصفات المطلوبة مما سيّشكل خطراً على الصحة العامة يؤدي إلى إصابات بالطواقم الطبية ونقل العدوى من مريض إلى آخر وذلك سيكون بمثابة جريمة.

 

الحل الوسطي بين الإقفال التام وإستراتيجية مناعة القطيع:

يشدّد الأطباء المختصين بعلم الفيروسات والأوبئة على ضرورة اتباع إجراءات التباعد الاجتماعي وارتداء الكمّامات والالتزام بالتعقيم وتهوئة الأمكنة المغلقة بشكل دائم، وتوضح الدكتورة رولا حسني لـ”أحوال” أنّه يمكن تنفيذ الفتح الجزئي للبلد شرط التزام الجميع بالشروط المناسبة لتجنب إنتشار الكوفيد 19، كما تكشف أن إصابة الشخص الذي يلتزم بالإجراءات بحسب الإحصائيات شبه نادرة، مؤكّدة أنّ تجنّب الإصابة ممكن.

من جهته، يعتبر الطبيب سكاف أنّ السيطرة على الوباء تتطلّب زيادة كبيرة في عدد الـPCR اليومية ومتابعة دقيقة للمصابين، أي إجراء مسح شامل للمناطق والبلدات واختبارات مكثفة وتقارير صادقة وعزل النتائج الإيجابية وعزل المسنين، كما يجب تقديم فحص الـPCR بشكل مجانيّ وتوزيع الكمّامات ومواد التعقيم مجّاناً.

تجدر الإشارة إلى أنّ وزارة الصحّة رفضت اتّباع خطّة مناعة القطيع لعلمها بقدرة المستشفيات المحدودة، وقد أكّدت مصادر من الوزارة لـ”أحوال” أنّ تجهيز قسم الكورونا مكلف جدّاً ولبنان في وضع اقتصادي استثنائي، لذا وجب العمل باللّتي هي أحسن.

 

جويل غسطين,

جويل غسطين

صحافية لبنانية تهتم بالشؤون الاجتماعية والثقافية، حائزة على شهادة البكالوريوس في الإعلام من الجامعة اللبنانية الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى