مجتمع

مصادر “أحوال”: الحرائق مفتعلة بـ”غالونات المازوت” لأسباب تجارية

النيران تحاصر لبنان واحتراق 1200 "دونم" في الجنوب

في وقتٍ يغرق لبنان بمستنقع الأزمات السياسية والحكومية والقضائية والاقتصادية، حوصرت حدوده الشمالية والجنوبية وجبله بسلسلة من الحرائق التي قضت على مساحات كبيرة من الأحراش والمزروعات ما يهدد الثروة الحرجية، وبتداعيات بيئية خطيرة. وفيما بقيت أسباب الحرائق مجهولة، كشفت جهات مطلعة لـ”أحوال” أن “بعض الحرائق مفتعلة لأسباب تجارية، وقد عُثر على غالونات مازوت تم استخدامها لإشعال الحرائق التي قضت على مساحات واسعة تُقدّر بآلاف “الدونمات” من الأحراش والمزروعات والغابات المحمية.

وإذ أكدت مصادر ميدانية لموقعنا أن “فرق الإطفاء تمكّنت من السيطرة على جميع الحرائق التي اندلعت في الجنوب، أفادت بأن الحرائق في عكار مستمرة حتى الساعة، لا سيما في خراج بلدتَي برقايل والقرقف، وحصدت المزيد من الأشجار الحرجية والنباتات البرية، فيما اندلعت حرائق كبيرة في أحراج بقعاتة وعشقوت اقتربت من المنازل السكنية”.

على صعيد حرائق الجنوب، أفادت مصادر لجنة إدارة هيئة الكوارث في قضاء صور لـ”أحوال” أن “فرق الإطفاء تمكنت من السيطرة على الحرائق التي بلغ مجموعها حوالي 25، وقضت على 1200 دونم من الأشجار كحصيلة أولية، واحتراق 3 منازل في بلدة شحور و10 حالات اختناق، واقتصرت الأضرار على مساحة كبيرة من الأحراش لا سيما الزيتون، وتضرر معدات فرق الإطفاء”.

ولفتت المصادر إلى أن “لجنة إدارة الكورث تابعت الحرائق منذ اندلاعها وعملت كشافة الرسالة الإسلامية والهيئة الصحية والدفاع المدني على إخمادها، وتمّت الإستعانة بالجيش اللبناني الذي أرسل طوافة عسكرية محمّلة بخزانات من المياه لإطفاء بعض المناطق التي لم تستطع فرق الإطفاء الوصول اليها، كما تمّت الإستعانة بعدد من صهاريج المياه التابعة لقوات “اليونيفل”.

ولفتت المصادر إلى أننا “لا زلنا في مرحلة مسح وتقييم الخسائر والأضرار، أما عملية الإطفاء فانتهت بعدما تم إطفاء آخر الحرائق صباح اليوم”. ورفضت المصادر الحديث عن تقاعس أو تلكؤ أو مماطلة في عملية الإطفاء، لا سيما وأن اللجنة تحركت فور تبلغها بالحريق.

وعلم “أحوال” أن وزير البيئة ناصر ياسين أشرف على عملية الإطفاء من مكان الحريق في المنصوري، وذلك بعدما صودف حصول الحرائق مع جولة له في الجنوب كانت مقررة سابقاً، حيث ألغى جولته وأجرى سلسلة اتصالات شملت وزير الداخلية بسام المولوي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وطلب إرسال جميع الإمكانات المتوافرة لإطفاء الحرائق.

إلا أن معلومات ميدانية كشفت لموقعنا أن بعض الحرائق تم افتعالها عن قصد أو إهمال لأسباب مجهولة، ولفتت إلى أن “التحقيقات التي يتولاها الدفاع المدني بدأت منذ الصباح وهي مستمرة في هذه اللحظة، حيث يتعقب الخبراء مصدر الحرائق ومسارها ويتنقلون من قرية إلى أخرى لتحديد سبب الحريق. وقد تم الكشف حتى الآن على بلدتي مروحين والمنصوري”.

وتحدثت المعلومات عن احتراق مساحات شاسعة جداً من أحراش الزيتون والسنديان ومشاعات غير مأهولة بالسكان. وأوضحت أن “فرضية افتعال الحرائق مرجحة كون الرياح لا تتمكن لوحدها من إشعال هذا الحريق الهائل، فقد يكون هناك من استغل ظروفاً مناخية لتغطية افتعال الحريق”، مشيرة إلى أن “هذا الحريق أوسع نطاقاً من الحريق الذي شهده لبنان العام المنصرم، لكنه ليس الأضخم في تاريخ لبنان”.

وبالتزامن، اندلعت سلسلة حرائق في مناطق إقليم الخروب – الشوف، شمل بلدة الزعرورية – عانوت. وعلم “أحوال” من مصادر مطلعة في المنطقة أنه تم العثور على غالونات مازوت استخدمت في إشعال الحرائق لأهداف تجارية، لافتة الى أن “التحقيقات مستمرة لمعرفة الجهات الفاعلة رغم صعوبة تحديدها”.

وفيما عزا خبراء بيئيون أسباب الحرائق إلى عوامل الطقس وارتفاع درجة الحرارة وسرعة الرياح وتغير اتجاهاتها، إلى جانب رمي النفايات والزجاجات الفارغة في الأحراش والغابات وغياب الرقابة الدورية من وزارة البيئة ومأموري الأحراش المولجين مهمة الحراسة والرقابة، تردّ جهات سياسية واقتصادية السبب لدوافع تجارية للحصول على الحطب، لا سيما مع ارتفاع كلفة وسائل التدفئة التقليدية بعد تحليق أسعار المازوت والغاز، ما يدفع بعض “تجار الحطب” المحميين من جهات حزبية وسياسية إلى افتعال الحرائق ثم تقديم عروض لأصحاب الأراضي باستثمار أو بيع الأشجار المحروقة بأسعار مغرية، أي “ضمانها”، ثم يعملون على توضيبها وتخزينها وبيعها في موسم الشتاء القارس بأسعار مرتفعة، لا سيما وأن مصادر تجارية تشير إلى “ازدهار سوق الحطب في موسم الشتاء بسبب ارتفاع سعر المازوت والغاز، وتوقعات مناخية ببرودة قاسية هذا العام مع ازدهار السياحة في المخيمات والمنازل الجبلية في فصل الشتاء”.

وفيما دعا مصدر نيابي عبر “أحوال” إلى “وضع خطة وطنية للحفاظ على الثروة الحرجية والنباتية و‏التشدد في العقوبات والقوانين ذات الصلة، و‏توسيع جهاز مأموري الاحراش وتعزيزه”، دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري للإسراع بإقرار “تعيين مأموري أحراج خارج القيد الطائفي”، مشيراً إلى أن “أخطر الحرائق التي لا يمكن إخمادها هي الحرائق المذهبية والطائفية المندلعة في النفوس”.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى