منوعات

أين لبنان من المصالحة الخليجية؟

القطيعة الخليجية – الخليجية التي استمرت ثلاث سنوات ونصف، قطعتها أميركا بيد من حديد معلنة أمس الإثنين عبر مسؤولها الرفيع المستوى، موافقة السعودية والإمارات والبحرين ومصر على رفع حصارها الجوي والبري لقطر، مقابل أن تتنازل الأخيرة عن الدعاوى القضائية التي رفعتها على دول الحصار؛ وبعد أن أعلنت هذه الدول مجتمعة قطع علاقاتها مع قطر في حزيران 2017، تجتمع اليوم الثلاثاء في مدينة العلا السعودية بمشاركة الشيخ تميم بن حمد آلـ ثاني مترأساً وفد دولة قطر للمشاركة في القمة الخليجية.

فما هي تداعيات “المصالحة الخليجية” على لبنان اقتصادياً وسياسياً؟

أمل منقوص ومشروط للبنان

استقبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان اليوم الثلاثاء الوفود الخليجية المشاركة في القمة الخليجية الـ41 التي تستضيفها مدينة العلا شمال غربي المملكة العربية السعودية؛ فيما نقلت وسائل إعلام خليجية الترحيب الحار الذي خصصه الأخير لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي هبطت طائرته في الأراضي السعودية لأول مرة منذ بدء الحصار الذي فرض على بلاده منذ أكثر من 3.5 سنوات.

الباحث المالي والاقتصادي الدكتور محمود جباعي قال في حديث لـ “أحوال”، إنّ القمة الخليجية وما تخلّلها من تواجد قطري في إطار التقارب القطري –السعودي، لا شكّ سينهي الخلاف والحصار المفروض على الدوحة؛ لافتاً إلى التأثير السلبي للمقاطعة على الأطراف مجتمعة؛ في وقت يواجه العالم أصعب أزمة اقتصادية متأتية من جائحة كورونا. وأكد جباعي أنّ المصالحة ستحسّن قدرة مجلس التعاون الخليجي على حلّ الأزمات الاقتصادية والمالية، وستفتح سوقاً اقتصادية مشتركة من جديد؛ ومن شأن هذه السوق أن تعزّز عوامل الإنتاج والقدرة التنافسية، رافعة النمو الاقتصادي الذي سيساعد منطقة الخليج على الخروج من أزمتها الاقتصادية.

لا مؤشر لدعم خليجي

هذه النظرة التفاؤلية للسوق الخليجي قابلتها نظرة تشاؤمية لناحية لبنان المنكوب. فبرأي الباحث المالي والاقتصادي، “لا يمكن الجزم بأن تأتي المصالحة بأي فائدة على صعيد الوطن”؛ لافتاً إلى أنّ مشكلة لبنان سياسة بامتياز، قبل أن تكون اقتصادية، وما يحصل من تقارب بين دول مجلس التعاون الخليجي لن يأتي بالضرورة بفائدة على البلاد.

وأردف جباعي أنّنا بانتظار قرارات الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن وأيّ تسوية متوقعة مع  إيران؛ مستطرداً، هل نحن أمام اتفاق نووي جديد؟ أو تسوية ما لحل مشاكل الشرق الأوسط؟  لافتاً إلى دعم متوقع في حال حصلت التسوية الإقليمية.

وأشار الباحث المالي والاقتصادي إلى جولة الحريري الأخيرة إلى السعودية والامارات، حيث جرى حديث عن دعم قطري، مشيراً إلى أنّ هذه المحادثات قد  تساهم في أن تلعب قطر دوراً مع الإمارات والسعودية لدعم لبنان، “لكن ضمن التسوية في المنطقة”. وقال جباعي، “قطر قد تلعب دور الوساطة بين السعودية والإمارات من جهة، وتركيا وإيران من جهة أخرى”.

واعتبر أنّ السوق الخليجية المشتركة ستلعب دوراً ريادياً في تعزيز التجارة وتأمين سوق أوسع للتداول التجاري والاستتثمارات والإنتاج والأرباح في دول مجلس التعاون الخليجي.

وتوقّع جباعي، في حال حصول التسوية في المنطقة، أن يقوم مجلس التعاون الخليجي بعدة استثمارات في لبنان لا سيّما قطاعي الزراعة والصناعة وتحسين البنى التحتية. “لكن كل هذا مرتبط بالتفاهمات السياسية في المنطقة”؛ متسائلاً هل لدول الخليج النيّة الحقيقة في أن يكون لها دور في لبنان في ظل المحاور الموجودة؟

دعم لبنان بعيداً عن المصالحة

المحلّل في شؤون الشرق الأوسط سامي نادر رأى في حديث لـ “أحوال” أنّ  المصالحة الخليجية تعود لأربعة أسباب:

  • طلب أميركي قديم وأساسي.
  • تقلّبات في السياسة الأميركية وتأثيرها على الوضع.
  • الألعاب الاولمبية المتوقع عقدها في قطر في كانون الثاني / يناير 2021.
  • العوامل الجغرافية والثقافية المشتركة والإنتماء العربي.

ولفت نادر إلى ليونة قطرية في المصالحة، فيما يخشى الفريقان السعودي- القطري تقلّبات السياسة الأميركية في المرحلة المقبلة؛ نظراً لأنّ استمرار الإنقسام  الخليجي قد يكون عنصراً لزعزعة الاستقرار، ولا مصلحة للطرفين في ذلك.

وعن علاقة قطر بإيران ومدى التزامها بقرار مجلس التعاون الخليجي في هذا الشأن، لفت نادر إلى أنّ اقتراب قطر من السعودية سيؤثر حتماً على علاقتها بإيران عبر خلق مساحة بين الطرفين، وكذلك الحال مع الأتراك؛ نافياً نظرية المقاطعة فيما بينها؛ مشيراً إلى تراجع المحور الذي كانت تقوده قطر إقليمياً.  “كلّما اقتربت قطر من السعودية، كلما بعدت عن إيران وتركيا”، لافتاً إلى أنّ عامل الجغرافيا والثقافة المشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي يفرضان نفسهما.

وفي ما يخص لبنان، ودور المصالحة في دعمه للخروج من محنته، رأى المحلّل في شؤون الشرق الأوسط أن لا تأثير للمصالحة على لبنان. “لبنان اليوم غير لبنان منذ 4 سنوات. فهو يحتاج إلى عملية جراحية لن تسعفها مساعدة من هنا وهناك”؛ وشدّد نادر على ضرورة دعم صندوق النقد  الدولي والتغيّرات الجذرية في القطاع المصرفي والمالي والنقدي. وهذا يتطلّب إعادة النظر في صيغة النظام نفسه، وبالتالي لا يمكن أن تؤثر المصالحة إلاّ في حال قمنا بإصلاحات جذرية قد تحفّز الدول الصديقة لدعم البلاد.

لكن في المرحلة الحالية، لا تأثير لمجلس التعاون الخليجي أو غيره بإنقاذ لبنان. “كل الدول تطلب إصلاحات ضرورية كشرط للدعم”.  ولفت نادر إلى نوعين من المساعدات، المساعدات الاقتصادية كخط تمويل للبنان واستثمارات للخروج من كبوة اقتصادية، “وهذه مستحيلة دون صندوق نقد”، ومساعدات إنسانية قد تستمر من الدول المانحة والصديقة.

 

الخليج مرحباً بالمصالحة

نقلت وكالة رويترز الإثنين عن ما كشفه مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاتفاق يقضي بإنهاء السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعة قطر، وتخلّي الدوحة عن الدعاوى القضائية المرتبطة بها. وقالت رويترز إنّه من المقرّر توقيع اتفاق في السعودية لإنهاء الخلاف اليوم  الثلاثاء.

وغرّد رئيس الوزراء القطري الأسبق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني في نهاية العام 2020، مؤكداً على أنّ المصلحة الخليجية يجب أن تكون في مقدمة أولويات القادة السياسيين في الخليج، مشيراً إلى ضرورة ضمان مصلحة شعوب المنطقة. ودعا الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني  إلى “تجنب الشطحات التي يدفع تكاليفها المواطن الخليجي في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والاجتماعية”، لافتاً إلى مراجعة  الأخطاء التي “تسببت في جروح عميقة في مجلس التعاون وما حوله، حتى نتدارك في السنة القادمة هذه الأخطاء التي أدّت بنا إلى ما نحن عليه من اهتزاز للثقة على كل المستويات”.

وقال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، “إنّ سياسة المملكة بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز قائمة على نهج راسخ قوامه تحقيق المصالح العليا لدول مجلس التعاون والدول العربية”. وأشار ولي العهد السعودي إلى أنّ قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ستكون “قمة جامعة للكلمة موحّدة للصف ومعزّزة لمسيرة الخير والازدهار”، لافتاً إلى إنفراج للأزمة الخليجية ووضع حدٍ للمقاطعة.

وسجّلت الإمارات موقفاً مباركاً للمصالحة المفاجئة قبل أسبوعين من مغادرة ترامب منصبه، عبر وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية  أنور قرقاش  الذي غرّد  قائلاً “نحن أمام قمة تاريخية بامتياز في العلا نعيد من خلالها اللحمة الخليجية، ونحرص عبرها أن يكون أمن وإستقرار وإزدهار دولنا وشعوبنا الأولوية الأولى. أمامنا المزيد من العمل ونحن في الإتجاه الصحيح.”

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى