مجتمع

هل يستعيد خان الخياطين في طرابلس ألقه يوماً؟

العديد من العابرين في “خان الخياطين” أحد أبرز أسواق طرابلس القديمة ذات البناء وفق النمط المملوكي، هم من عابري السبيل لأن الألق الذي عاشه ذاك الخان الذي كان يعج بالزوار والمهتمين، قد أفل منذ عدة عقود نتيجة طغيان الألبسة الجاهزة الرخيصة الثمن نسبياً عن ما يعده السوق من أشغال يدوية ومطرزات باتت تهم فئة محدودة جداً من المجتمع اللبناني.

فهذا الخان الذي يقارب عمره الالف سنة والذي وجدت عند أحد مداخله آثار بيزنطية كان من أشهر خانات عاصمة الشمال وأجملها، فمنذ أبصر النور كان متخصصاً بحياكة الحرير ونسجه.

وقد اشتهرت طرابلس زمن الصليبيين وبعدهم بصناعة الحرير والنسيج الذي كان ينال إعجاب أمراء أوروبا الذين أرسلوا البعثات لشراء هذه المنسوجات، وفق ما تضمنت الكتب القديمة والروايات. الى أن بات متخصصاً بالخياطة والأزياء الطرابلسية والوطنية العربية، والتي نالت شهرة عالمية.وبات مقصداً للسياح والزوار لشراء عباءة، أو زنار حرير، أو قفطان رجالي، أو ثوب نسائي، مشغول بيد فنان طرابلسي ماهر ورِث حرفته عن أبيه وجده.

ويتميز الخان بسلسلة متناسقة من القناطر التي تجمع جهتيه اليمنى واليسرى، ويتألف من طبقتين: السفلى تضم مخازن حرف القرون الماضية وإطارها الاجتماعي، وفي الطبقة العليا سلسلة من الغرف كانت منامة لحرفيي الخان.

انور الشريف الذي يحمل على منكبيه خمسة وسبعون سنة من السنين أمضى معظمها في السوق قال لموقع “أحوال”: “نتحسر على تلك الأيام التي كنا نعمل فيه ثمانية عشر ساعة بدون كلل من اجل تلبية طلبات الزبائن الذين يتوافدون الينا من كافة المناطق اللبنانية، إضافة الى الأجانب. اما في العقد الأخير من السنوات ومع الأزمات التي تراكمت بتنا ننتظر الزبائن كالذي يصطاد سمكة في بحر، باستثناء بعض الوجوه المهتمة بالتراثيات او التي تبغي إطلالة فنية وهم باتوا نادرين”.

أما محمد حمزه الأربعيني الذي ورث المتجر والمهنة عن والده وجده فهو يصارع لإبقاء أبوابه مفتوحة في ظل سنوات عجاف يعتقد جازماً أنه لم يمر مثلها على محلات الخان في أحلك ما مرّ على المدينة من أحداث وصراعات.

 

 

وقال لـ “أحوال”: إن البضائع الصينية وما يوازيها او يتفرع منها التي غزت الأسواق، قضت على أي احتمال لاستعادة الانفاس في المدى المنظور ونجهد للبقاء واقفين على أرجلنا ولكننا بالتأكيد لا نستطيع تقدير طول هذه الفترة وربما تمر بعد بضع سنوات أو عقود لنجد ان السوق قد تغيرت وجهته بالكامل.

مرسال الترس

مرسال الترس

اعلامي لبناني كتب في العديد من الصحف والمجلات اللبنانية والعربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى