منوعات

من يوقف الإعتداء على أشجار نفق الكينا في تل إندي ـ عكّار؟

قبل أيّام، تفاجأ أهالي بلدة تل إندي الواقعة وسط سهل عكّار بورشة مؤلّفة من عمّال ورافعة ومناشير زراعية تقوم بقطع أشجار نفق الكينا على الطريق العام في البلدة، والذي تعبره يومياً مئات السيّارات والشّاحنات المتجهة إلى أنحاء متفرقة في سهل عكّار، أو التي طريقها إلى الحدود الشّمالية تجاه سوريا.

ونبعت المفاجأة لدى الأهالي من أنّ هذا النفق من الأشجار الباسقة التي يتجاوز عمرها 70 عاماً، ويتجاوز طول كلّ شجرة عتبة الـ40 متراً، يُشكّل بطوله الذي يقارب كيلومتر تقريباً معلماً سياحياً وبيئياً هامّاً في البلدة، وجاذباً للزّوار، كما أنّ أشجاره لا تشكل أيّ خطر لا على السيّارات ولا على المارّة، ما دفعهم لإبداء إستنكارهم واستغرابهم عملية القطع التي تتعرّض لها أشجار الكينا في البلدة، معلنين رفضهم إرتكاب هذه المجزرة البيئية بحقّ أشجار معمّرة، ومطالبين الجهات الرسمية، وعلى رأسها وزارة البيئة، بالتحرك إبطال التراخيص التي أعطيت ويرونها جائرة، ومنع القطع بشكل فوري ونهائي، وأنّ هذه الأشجار بالرغم من أنّها تقع على أطراف أملاك زراعية خاصّة، فإنّها تقع ضمن حرم الطريق العام في البلدة الذي يشق سهل عكّار، ويتوسط حقول واسعة من المشاريع الزراعية والأشجار المثمرة، وعلى رأسها الحمضيات.

هذا التعدّي على أشجار نفق الكينا في بلدة تل إندي تأخّر أكثر من سنة ونصف بفعل ضغوط مورست لمنعه، لكن المعتدّين إستطاعوا بفعل تدخلات ووساطات القيام بفعلتهم.

وتشير المعلومات التي توافرت لـ”أحوال” أنّ وزارة الزّراعة أعطت مطلع عام 2021 الإذن لشركة (BUS) قطع عشرات الأشجار على طول الطريق وصولاً إلى بلدة تل عيّاش المجاورة تمهيداً للبدء بتركيب أعمدة التوتّر العالي لصالح مؤسّسة كهرباء لبنان، وأنّ القرار الذي صدر في 13 كانون الثاني 2021، يسمح ،”بداعي المصلحة العامّة”، بقطع عدد من الأشجار الواقعة في العقار رقم 15 من منطقة العقارية تل عباس الشّرقي التي تتبع لها تل إندي عقارياً، وذلك بناءً على الطلب المقدّم من نزار توفيق جزار رعد وشركائه لصالح الملتزم فادي درغام قريب نائب عكّار أسعد درغام.

ولحظ قرار وزارة الزراعة، بعد موافقة رئيس مصلحة الأحراج والثروة الحرجية، قطع 40 شجرة كينا تنتج أربعة آلاف كيلوغرام من الحطب، على أن يكون القرار (الإذن) صالحاً لمدة سنة فقط، لكن جرى تمديد طلب رخصة القطع عاماً إضافياً بعد تدخّل وضغوط ووساطات، في مقابل إشتراط الوزارة على المتعهد عدم التفحيم للحطب الناتج عن الأشجار المقطوعة، وهو شرط تثار شكوك حوله نتيجة الإقبال الكبير على الحطب لاستخدامه في مجال التدفئة الشتاء المقبل عوضاً عن المازوت الذي ارتفعت أسعاره بشكل هائل في الآونة الأخيرة وبات فوق قدرة أغلب المواطنين على شرائه.

ومع أنّ مشروع قطع أشجار الكينا وتمديد أعمدة التوتر العالي في المنطقة تأجّل تنفيذه العام الماضي، كما جرى تأجيل تنفيذه من قبل عام 2019، بسبب إعتراض الأهالي وناشطين بيئيين في البلدة وجوارها كانوا دعوا إلى أن يكون تمديد الكابلات تحت الأرض، فإنّه لم يسقط نهائياً، إلى أن تم إحياؤه مجدّداً، ودفع المتعهد إلى جلب معداته وعماله والبدء بعملية القطع.

لكن ما لفت إنتباه عدد من أهالي البلدة وناشطين بيئيين أنّه خلال هذه الفترة لوحظ أنّ أشجار الكينا المذكورة تعاني من يباس لم يعهدوه من قبل، وعند قيامهم بفحص التربة حول الأشجار اليابسة تبين أن التيبييس متعمّد، وأنّه جرى عبر سموم تمّ خلطها بالمياه التي روت الأشجار، ما أدى إلى يباسها وجعلها تموت ببطء، ما يعني برأيّهم أنّ “الجريمة مزدوجة”.

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى