مجتمع

“الجامعة اللبنانية” تصحّح الخطأ بخطأ في كلية الطب… وهذه هي أعداد الطلاب المقبولين

وزير التربية يستعين بالقضاء و"أمل تتبرأ" ومعظم الاحزاب تندّد

منظومة الفساد والزبائنية والمحسوبية والطائفية التي عشعشت في الدولة اللبنانية لم ترحم القطاع التربوي وفي مقدمه الجامعة اللبنانية التي لطالما شكلت صرحاً تربوياً وطنياً وهي تئن تحت السطوة الحزبية وتفاقم الوضع في الفترة الأخيرة مع تولي البروفسور فؤاد أيوب (المحسوب على حركة “امل”) رئاسة الجامعة اللبنانية.

فالجامعة المترهّلة والمترنّحة تحت الضربات المتتالية، تلقت ضربة جديدة تمثلت بالخطأ في نتائج مباريات الدخول الى الكليات الطبية (كلية العلوم الطبية، كلية طب الأسنان، كلية الصيدلة) التي جرت يومي السبت و الاحد 24 و 25/10/2020 وصدرت الاثنين 26/10/2020 حيث رسب طلاب بسبب إجابات خاطئة لُقّم بها الحاسوب ثم أعيد نشر نتائج جديدة للمباراة في 27/10/2020 .

في التفاصيل التي عرضها مصدر مطلع لـ”أحوال” “أن نظام أسئلة ذات أجوبة متعددة (QCM) هو المعتمد في امتحان الدخول، أي على كل سؤال يوجد ثلاثة أجوبة A و B وC وعلى الطالب ان يختار بينها. أما عملية تصحيح المسابقات، فتتم عبر المكننة  (Scanner). إجتمعت اللجنة التي تضع مسابقة اللغة الفرنسية واللجنة التي تضع مسابقة اللغة الانكيزية كل على حدى ووضعت مسابقتها. لكن لاحقاً طلب من لجنة الفرنسي ان تعتمد لوائح موحدة لمفاتيح الاجوبة (answer key) مع لجنة الإنكليزي، أي على سبيل المثال إذا كان الجواب الصحيح في السؤال الخامس من مسابقة الانكليزي هو B يجب ان يكون أيضاً B في السؤال الخامس من مسابقة الفرنسي. فأعادت لجنة الفرنسي وضع لائحة جديدة بالأجوبة الصحيحة مطابقة لأبجدية مسابقة الانكليزي. لكن الخطأ تمثل في إعتماد مسابقة اللغة الفرنسية الاولى أي حيث الاجوبة الصحيحة غير مطابقة  للاجوبة الصحيحة في مسابقة اللغة الانكليزية، فيما التصحيح إعتمد لائحة مفاتيح الأجوبة (key answer) التي وضعت للانكيزي وكان من المفترض ان تعتمد في النسخة الثانية من مسابقة الفرنسي. هذا الأمر أدى الى أن تكون الكثير من الاجابات الصحيحة في مسابقة الفرنسي خاطئة وفق إعتمد لائحة مفاتيح الأجوبة (key answer) التي لقم بها الحاسوب. ما تسبب بتدني علامات اللغة الفرنسية مقارنة مع علامة اللغة الإنكليزية، وتالياً عدم حلول طلابها في مراتب متقدمة تسمح لهم النجاح في مباراة الدخول”.

أمام خطأ  كهذا كانت الإدارة أمام ثلاثة حلول:

  • إلغاء مبارة الدخول.
  • الإستمرار بإعتماد العدد المطلوب أي ان كان سيفوز اول 100 طالب،  ولكن بعد تصحيح الخطأ. ما يعني أن بعض من كان ناجحاً وفق نتائج يوم الاثنين تراجع ترتيبه لما بعد الـ100 وأصبح راسباً.
  • فوز كافة الطلاب الناجحين بالتراتبية وصولاً الى أخر طالب كان ناجحاً الاثنين أي من كان تصنيفه مئة وأصبح فرضاً 130 يجب أن يفوز ما يعني ان كل من تقدم عليه بالعلامات فاز حكماً.

إعتماد ادارة الجامعة اللبنانية للخيار الثالث شكل فضيحة أكاديمية كبرى إذ تم إدخال من هو عملياً غير فائز بالمباراة بعد تصحيح الخطأ ليرتفع بذلك عدد المقبولين بشكل لم تعهده هذه الكليات أبداً.

وقد أخذ الأمر ككل شيء بعداً طائفياً لأن معظم الطلاب الذين يعتمدون اللغة الإنكليزية هم من المسلمين، فيما معظم الطلاب الذين يعتمدون اللغة الفرنسية هم من المسيحيين، خصوصاً أن التشنج كبير طائفياً داخل إدارة الجامعة والجسم التعليمي وأن الخطأ في مبارة الدخول تزامن مع تكليف رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب الدكتور يوسف فارس، وهو ينتمي الى الطائفة الشيعية الكريمة، بمهام عمادة كلية العلوم الطبية الى حين تعيين عميد أصيل وفق الأصول مكان عميد الكلية بطرس يارد (وهو ينتمي الى طائفة الروم الملكيين الكاثوليك) الذي تقاعد في 21 تشرين الأول 2020 أي قبل بضعة أيام.

 

الكلية العدد المطلوب في مباراة الدخول العدد الذي اضيف العدد النهائي للمقبولين
الطب 108 38 146
طب الاسنان 61 22 83
الصيدلة 63 13 76

 

علماً انه يضاف الى عدد الناجحين في مباراة الدخول ابناء الاساتذة والاداريين الذين حصلوا على معدل عام 12/20 وما فوق في السنة التمهيدية والذين لا يخضعون لمباراة. هذا عرف ظالم كما الكثير من الاعراف اللبنانية المتخلفة، إذ يقبل هؤلاء الأبناء فيما لا يتم قبول من حلّ في المرتبة 101 على سبيل المثال لأن المطلوب أول 100 طالب، حتى لو كان حائزاً على معدل 15/20. لذا فإن عدد المقبولين في كلية الطب بات 170 طالباً!!

رئاسة الجامعة اللبنانية اعتبرت في بيان أنه كان لديها الشجاعة والشفافية للإعلان عن الخطأ الذي حصل والمسارعة الى تصحيح الخلل الناتج عنه، وأوضحت ما جرى وأشارت الى انه “قبل إعادة احتساب المعدلات الجديدة والترتيب العام للطلاب، تم الاتفاق وبالإجماع بين اعضاء اللجنة الفاحصة والعمداء المعنيين وبحضور رئيس الجامعة على ان يُحفظ حق الطلاب الناجحين الذين صدرت نتائجهم ويضاف عليهم الطلاب الذين حصلوا على المعدلات المعتمدة سابقاً وبعد اعادة احتساب العلامة الصحيحة لمادة اللغة الفرنسية”.

يؤكد المصدر المطلع لـ”أحوال” أن المشكلة لا تكمن فقط في إعتماد عدد أكبر من الطلب بل تكمن في:

  • عدم القدرة على تأمين المستلزمات اللوجستية المطلوبة للطلاب خصوصاً في ما يتعلق بالمختبرات.
  • عدم القدرة على تأمين أماكن تدريب للطلاب كي ينجزوا أرصدتهم التدريبية العملية المطلوبة (stage).
  • عدم قدرة سوق العمل اللبناني على إستيعاب الأعداد المضافة.

هذه الفضيحة دفعت وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب الى توجيه كتاب إلى النيابة العامة التمييزية باتخاذ التدابير والإجراءات الملائمة من ملاحقات وفرض عقوبات في ضوء ما يوجبه اعمال القوانين والانظمة النافذة بغية المحافظة على صدقية مباراة الدخول الى الكليات الطبية في الجامعة اللبنانية.

 

ملخص عن مواقف الاطراف السياسية:

حركة أمل لم نتدخل بأي طريقة كانت، في تنظيم مباريات الدخول الى جميع كليات الجامعة اللبنانية، وعلى الصعد كافة، وما صدر عن المكتب الاعلامي لرئاسة الجامعة كاف لتوضيح ما جرى.
التيار الوطني الحر “الخطأ الفادح في التصحيح” وما تلاه من لغط في نتائج مباراة الدخول (…) وما نشهده من ممارسات تخالف الأعراف الأكاديمية، في ظل غياب تام لمجلس الجامعة، يضرب التوازنات الوطنية التي نتمسك بها(…) ندين ممارسات رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور فؤاد ايوب البعيدة عن المعايير الاكاديمية والعلمية والوطنية.
الكتائب لفتح تحقيق اداري وقضائي ومحاسبة المقصرين او المخالفين (…) وتحديد الدوافع التي أدت الى زيادة عدد الناجحين نسبة للعدد المحدد والمسموح به. هذا الخطأ، سواء حصل عفوا او قصدا، يشكل ضربة قاضية للمستوى العلمي الذي يميز الجامعة الوطنية وخريجيها.
التقدمي الاشتراكي لأعلى درجات الشفافية في التعامل مع الطلاب، منعا لأي شك في النتائج التي سحبت بعد صدورها، ومنعا لأي لغط أو خطأ أو تأويل يضع النتائج ضمن خانة التدخل السياسي أو المحسوبات الطائفية”. على إدارة الجامعة إلى مراجعة النتائج كافة، وتوضيح ملابسات ما جرى.
القوات اللبنانية تحمل المسؤولية لرئيس الجامعة وعمداء الكليات الطبية في معالجة الخطأ الذي نتج بزيادة العدد، وتطالب بإعادة إصدار النتائج بالإعتماد على المعايير العددية المعتمدة في كل عام، وذلك حفاظا على مصداقية الجامعة في لبنان وفي بلاد الإغتراب.
تيار المستقبل مصادر “المستقبل” أفادت “احوال” بأن النائبة بهية الحريري تجري اتصالاتها مع رئاسة الجامعة لايجاد حل.

 

(لم يصدر أي تعليق من حزب الله حتى ساعة اعداد التحقيق)

كان الاجدى بالجامعة اللبنانية ان تقتضي بتجربة وزارة التربية والتعليم العالي في آب 2019 وتملك الجرأة بالإعتراف أمام الرأي العام بالخطأ الذي وقع لمعالجته، بدلاً من التستر عليه. اذ حينها تم جمع رقم السؤال مع نقاطه في احدى مسابقات الإمتحانات الرسمية، فإعترفت الوزارة ان ما جرى خطأ مادي محدود وغير مقصود، وإتخذت كل الإجراءات لتصحيحه في الإطار الذي يحفظ للشهادة الرسمية قيمتها من خلال شفافيتها ونزاهتها وتراجعت عن النتائج عوض ان تتمسك بالخطأ وينجح الراسبين.

بدعة حفظ حق الناجحين بالخطأ من قبل الجامعة اللبنانية ليست سوى تصحح الخطأ بخطأ لـ”غاية في نفس أيوب” ووصمة عار في مسيرة الجامعة الاكاديمية التي وضعها شبيه بوضع بيروت بعد انفجار 4 آب، فهل من يبالي بجامعة الوطن وينقذها؟

 

 

 

 

 

جورج العاقوري

صحافي ومعّد برامج سياسية ونشرات اخبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى