سياسة

هل يرأس أمين سلام حكومة “الفراغ الرئاسي”؟

اشتدي أزمة تنفرجي، هو العنوان الأقرب الى الآمال والتمنيات، ولكن في لبنان يبدو ان الأمور دائماً باتجاه اشتداد الأزمات بدون انفراجات، وهو ما يترجم في الملف الحكومي المحاصر بين الاتفاقات التي لا يجب المسّ بها وكأنها منزلة (اتفاق الطائف على سبيل المثال) والقوانين التي لا تطبق، وسياسيون لا هم لهم سوى النكد والحقد، ونواب مهمتهم التشريع يعيشون على هامش التشريع وكانه آخر اهتماماتهم!

فمع عدم وصول تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي منذ شهرين بالتمام والكمال الى أية نهاية ملموسة، ومع عدم وجود نية او تمريرات للإنطلاق بحكومة جديدة تخرج البلاد من ازمة التكليف والتأليف، وتعطي العباد جرعة من الأمل بغدٍ قد يحمل شيئاً من الحلول لأزمات لا يبدو انها ستنتهي.

تساءل حقوقيون واكاديميون لماذا لا يأخذ عشرة نواب المبادرة (امثال نواب تكتلي “لبنان القوي” أو الجمهورية القوية) برفع عريضة الى رئيس مجلس النواب من أجل تحريك ملف التشكيل الحكومي عبر الذهاب الى استشارات نيابية لتكليف رئيس حكومة قادر على اخراج البلاد مما تتخبط فيه، وطالما ان الأوضاع المزرية التي وصلت اليها البلاد خانقة، وقد يشتد الخناق اكثر إذا بقي صندوق النقد الدولي متمسكاً بالشروط التي يطرحها قبل مد يد المساعدة لمن هم في حالة الموت السريري، وهي فسحة أمل يستطيع النواب ان يمارسوا من خلالها دورهم كاملاً.

ويوسّع هؤلاء الحقوقيون والأكاديميون دائرة بيكارهم ليسألوا النواب المتمسكين بتوصيف “التغيير” لماذا لا يقوموا بهذا الدور طالما هم وعدوا ناخبيهم بالمن والسلوى التشريعي على الأقل، وطالما ان كل شعاراتهم ضنينة على سلوك المؤسسات الدستورية نهج إصلاح ما هو قائم، ليصبحوا متجانسين الى حد مقبول مع طروحاتهم التي شنّفت آذان مستمعيها؟

ومع صعوبة ترجمة هذه الأفكار في القوانين والأعراف اللبنانية، ولأن حكومة تصريف الأعمال تُعتبر ميتة دستورياً ومنطقياً لأنها حظيت بثقة مجلس نواب اصبح من الماضي ويختلف كثيراً في تركيبته ومضمونه السياسي عن المجلس الحالي.

وأن الاعلان عن سحب التكليف من ميقاتي، قد يفجر خلافات مارونية سنية على خلفية مضمون اتفاق الطائف، يصبح من المنطقي أن يفكر رئيس الجمهورية بصوت عالٍ الى من يمكنه تسليم مقاليد الحكم اذا انتصف ليل الحادي والثلاثين من تشرين الأول المقبل، ولم تفلح جلسات مجلس النواب الى انتخاب رئيس جديد، يصبح الاستئناس باللحظات المماثلة منذ تاريخ الاستقلال اللبناني أمراً قابلاً للتطبيق.

وفي هذا السياق تعود الى الأذهان سابقتين لم يقررهما الدستور بل كرستهما الأعراف وهما: في العام 1958 عندما انيطت السلطة التنفيذية بحكومة يرأسها قائد الجيش آنذاك اللواء فؤاد شهاب لحين انتخابه هو بالذات رئيساً للجمهورية.

والثانية في العام 1988 حين أناط رئيس الجمهورية أمين الجميل السلطة الإجرائية الى قائد الجيش آنذاك العماد ميشال عون (بغض النظر عما حصل من استقالات فيها وعلى وقوف الحكومة التي كانت قبلها برئاسة سليم الحص نداً لها).

فهل سيختار الرئيس ميشال عون هذا الطريق المستند الى الأعراف أكثر من الدستور؟

بعض العارفين ببواطن الأمور والمتابعين بدقة لمجريات التطورات والذين باتوا على شبه قناعة بأنه امام هذا الواقع المقفل في التشكيل لحكومة مكتملة المواصفات وأمام الشرنقة من المواقف التي طوّقت السراي الحكومي وقصر بعبدا، وبأن الفراغ الرئاسي قد يمتد الى شهر شباط 2023 على أقل تقدير نظراً للمستجدات الأقليمية والدولية، وخوفاً من أن تصاب أي حكومة عسكرية برئاسة قائد الجيش بما أصاب حكومة عون عام 1988 ولأسباب أخرى غير ظاهرة، فيصبح أحد الاحتمالات المطروحة التي تناهت الى مسامع موقع “أحوال” أن يذهب الرئيس ميشال عون الى توليف حكومة ثلاثينية برئاسة وزير الإقتصاد امين سلام (المَرضي عنه في دوائر غربية فاعلة كانت قد مهدت له الطريق للوصول الى نعيم الوزارة) يُلقي على عاتقها تسيير أمور البلاد في فترة الفراغ الرئاسي. وتضم في حناياها عسكريون متقاعدون تمثل حل “لايموت الديب ولا يفنى الغنم!”.

بعض المصادر التي واكبت حركة ميقاتي في الأربع والعشرين ساعة المنصرمة، لم تستغرب أنه اشتم رائحة هذه الطبخة وقد يذهب في اتجاه التنازل في بعض العناوين والمفاصل كي يقطع الطريق على منافسه الجديد المؤهل لأن يكون احد أعضاء نادي رؤساء الحكومات، وهو ابن العائلة العريقة في السياسة اللبنانية وفي الموقع الثالث في الدولة تحديداً!

مرسال الترس

مرسال الترس

اعلامي لبناني كتب في العديد من الصحف والمجلات اللبنانية والعربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى