ميديا وفنون

بعد طرد مذيعة لبنانية من الكويت بسبب ملابسها… الحرّيات في العالم العربي إلى أين؟

 فعاليات فنيّة ألغيت بسبب محاذير رقابيّة ولبنان تلقّى صفعة مع "مشروع ليلى"

لا يزال طرد المذيعة اللبنانية المعروفة باسم “سازديل” من الكويت يثير الجدل بين الكويتيين أنفسهم، الذين استنكروا أنّ تطرد مذيعة بسبب ملابسها وصورها، في وقتٍ تقوم فيه شهيرات في مختلف المجالات في الكويت نفسها بنشر ما هو أجرأ من سازديل.

فقد طُردت  “سازديل” بسبب صور ومقاطع فيديو اعتبرت المحكمة الجنائية أنّها تخدش الحياء على مواقع التواصل الاجتماعي، وتمّ ابعادها عن البلاد بقرار رسمي اتخذته وزارة الداخلية من أجل المصلحة العامة بحسب ما ورد في صحيفة “القبس” الكويتية.

من جهتها فقد علّقت “سازديل” المُلقبة بشبيهة كيم كارداشيان على قرار إبعادها بأنه طعنة وجّهت لها، إذ لم يُسمح لها حتى بلقاء ممثل السفارة اللبنانية.

لم يكن ما جرى مع سازديل الحادثة الوحيدة التي تدفع فيها امرأة مشهورة ثمناً لمعايير الرقابة المشدّدة، إذ سبقتها الفنانة هيا الشعيبي، بعد أن نُشر فيديو يحمل ايحاءات جنسية على حسابها الخاص عبر سناب شات، أكّدت أنّها لم تكن هي من نشرته وأن حسابها قد تعرّض للاختراق.

ورغم نفيها أن تكون هي من أقدمت على نشر الفيديو، سُجنت بتهمة نشر فيديو مخل للآداب العامة وسرعان ما أُخلي سبيلها بكفالة مالية قدرها 2000 دينار. 

إلغاء فعاليات فنيّة لأسباب رقابيّة 

الرّقابة ليست سيفاً مسلّطاً على رقاب النساء الشهيرات كما يعتقد البعض فحسب، بل على كل ما يمكن أن “يخالف تقاليد المجتمع”، ليس في الخليج فحسب بل في لبنان أيضاً، حيث أصبح منع عملٍ فنّي اتقاءً للفتنة أمراً قد يمرّ مرور الكرام حتّى في الإعلام.

وبالعودة إلى الكويت، فقد ألغي العام الماضي حفل لفرقة “BTS” الغنائية الكورية، تنفيذاً لقرار وزير الإعلام محمد الجبري،  قبل انطلاقها بدقائق بحجّة الحفاظ على قيم وثوابت المجتمع الكويتي.

صفعة على وجه الحريّات في لبنان

وقبلها كان لبنان قد ألغى حفلاً لفرقة “مشروع ليلى” في مهرجانات بيبلوس الدوليّة، في مشهد بدا مستغرباً في الشارع اللبناني.

فالفرقة التي سبق وأحيت أكثر من حفلٍ في لبنان والعالم العربي، دفعت ثمن أغنية لها عمرها سنوات كانت قد غنتها في أكثر من حفل، يومها قامت لجنة المهرجانات بعد التشاور مع الكنيسة المارونية بإلغاء الحفل، وقالت إنّه الإلغاء حصل “منعاً لإراقة الدماء وحفاظاً على الأمن والاستقرار”.

ولم يقف الأمر عند حدود إلغاء حفلٍ،  فقد تلقّى وجه لبنان كبلد منفتحٍ صفعة، إذ قامت فرقة (ويذن تيمبتيشن) الهولندية بإلغاء حفلها في  المهرجان نفسه، وقالت في بيان لها إنّ القرار جاء بعد اكتشافها أن هناك حفلا لمشروع ليلى قد تم سحبه من المهرجان لأسباب أمنية وتهديدات عنيفة.

مشروع ليلى… قمع عابر للقارات

فرقة مشروع ليلى جوبهت بالمنع في أكثر من بلدٍ عربي، لكنّ الأسباب لم تكن دينيّة، إذ اعترضت أكثر من جهة على الفرقة التي اتهمت بأنّها تشجّع على المثليّة الجنسيّة.

ففي الأردن، منعت وزارة الداخلية الأردنية عام 2017 حفلاً لمشروع ليلى، وبررت قرارها بـ”تعارض ما تقدمه الفرقة مع القيم الإسلامية والمسيحية والتقاليد الاجتماعية الأردنية”.

كذلك انقسم الشارع الأردني بين مؤيد ورافض حيث اعتبرها البعض تنشر الإباحية وتسيء للتعاليم الدينية وتروّج لأفكار عبدة الشيطان، بينما رأى البعض أنّ الفرقة تغني منذ سنوات، والهجمة عليها تأتي ضمن حملة للتضييق على الحريات.

لم تكن الأجواء في الشارع المصري أفضل حالاً فقد تسبب رفع علم قوس قزح، خلال حفلة لفريق “مشروع ليلى” في أزمة  حادة، حيث اتّهمت الفرقة بأنها تشجّع على المثلية الجنسية المناقضة للتعاليم الدينية واعتبرتها وزارة الإعلام  تحمل دعوة لتدمير المجتمع المصري.

وقد ألقت قوات الأمن المصرية القبض على 7 أشخاص بتهمة الترويج للشذوذ بعدما رفعوا علم المثلية الجنسية خلال حفل مشروع ليلى الغنائي في القاهرة. وكانت من بين هؤلاء الراحلة سارة حجازي التي سُجنت عام 2017 بتهمة الترويج للفكر المنحرف لمدة ثلاثة أشهر. فغادرت سارة مصر بعد الإفراج عنها إلى كندا لتعيش مثليتها بحرية ولكنها لم تصمد كثيراً في وجه الاضطهاد المعنوي من قبل أبناء بلدها فقررت الانتحار في صيف 2020.

إلغاء حفل سعد المجرد… النقطة المضيئة

ليس كل منع قمعاً، فثمّة قرارات تحمل في مضمونها منعاً لترويج فنِ هابط أو نماذج سيّئة، ويندرج في هذا الإطار منع حفل الفنان سعد المجرد في مصر، بعد اعتراضات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل مصريين، استنكروا إقامة حفلٍ للفنان قبل ظهور براءته من تهم التحرّش والاغتصاب المتهم بها في فرنسا.

الحفل كان مقرراً في كانون الأول المقبل على مسرح “كايرو شو” في القاهرة، وقد لقي إلغاؤه ترحيباً من قبل المنظمات النسائية التي رأت فيه خطوة إيجابية مساندة لحقوق المرأة خصوصاً في موضوع التحرّش.

الرقابة سيف ذو حدّين، فترك الأمور بدون رقيب في مجتمعات لديها محاذيرها الخطيرة، إلا أنّ الأخطر أن يسلّط سيف الرقيب دون أيّة ضوابط، بما يتعارض مع حريّة التعبير والإبداع.

 

منال سعادة

اعلامية لبنانية قدّمت العديد من البرامج الإذاعية الحوارية منذ عام 2005 . أعدّت وقدمت برامج تلفزيونية. عملت في عدة مطبوعات لبنانية وعربية.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى