بُنيَ بـ2.5 مليون حجر.. “دير الأنبا سمعان” تحفة معمارية في قلب هضبة المقطم
مشهد دير الأنبا سمعان الخراز في القاهرة، عصي على التصديق. يصعب على المرء أن يصدق ما تراه عيناه من لوحة عمارية باهرة
الدير الذي نُحت في قلب صخور جبل المقطم، أصبح علامة بارزة في منطقة مصر القديمة ومحط أنظار السياح، التي تزوره للتمتع بجماله وبأصالة معماره اللاب.
ويقع دير الأنبا سمعان الخراز بالمقطم بمنطقة الأباجية في قلب القاهرة الفاطمية، بحسب الموقع الرسمي لوزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري المصرية.
يمتاز دير القديس سمعان الخراز بالمقطم بالطابع المعماري المبهر، والذي تم نحته فى قلب جبل المقطم، ليصبح علامة بارزة محط أنظار العديد من السياح والمصريين من حول العالم، لزيارته والتمتع بجماله، وقد وقع الاختيار على مغارة تم اكتشافها عام 1974، وجرى تكليف مهندس معماري وضع تصميم لها، وبُني بشكل تدريجي بسواعد أبناء “حى الزبالين”، وقد كلفهم ذلك نقل أكثر من مليونين ونصف المليون حجر لبنائه، واستمر العمل حتى وصل الدير لشكله الحالي “جوهرة معمارية” في قلب الجبل على مساحة 1000 متر تقريباً.
دير القديس سمعان الخراز بالمقطم، دير محفور داخل الجبل، يضم ست كنائس، هم: كنيسة الانبا شنوده، كنيسة الأنبا برام بن زرع سريانى، كنيسة للملاك ومارى وحنا، كنيسة الانبا بولا والانبا انطونيوس، كنيسة مارى مرقص، كاتدرائية العذراء والقديس سمعان، وهى أكبر كنيسة في مصر، حيث تحمل 20 الف شخص، كما تحتوي علي 76 صورة محفورة، وتدور حول هذا الدير العديد من الأساطير المتوارثة من قديم الزمن، يحكيها خدام الدير ورواده.
المصور المصري، أحمد عبد التواب الذي صوّر الدير صوراً خلابة نالت شهرة كبيرة، يقول، في حديث صحافي، إنه قرر زيارة دير سمعان خراز من أجل توثيقه بطريقة تبرز جماله وانغامسه مع الطبيعة المحيطة به.
ورغم طبيعته الفريدة من نوعها في مصر، فإنه لا يعرف بوجود هذا الدير الكثير من الأشخاص، ما حفز عبد التواب على التعريف بتاريخ المكان عبر منصات التواصل الاجتماعي، وفقاً لما قاله.
وتعود تسمية الدير نسبةً إلى “أحد قديسي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ويدعى سمعان الخراز، والذي يعرف كذلك باسم الدباغ، وهو رجل قبطي صالح، امتهن دباغة الجلود وإصلاح الأحذية، وعاش في زمن الخليفة المعز لدين الله الفاطمي”، حسب موقع وزارة التخطيط.
و”تحكي أسطورة، أنه كان للخليفة المعز لدين الله الفاطمي وزيراً يهودياً يعادي المسيحيين بشدة، وفي إحدى الجلسات الأدبية التي كان يعقدها الخليفة، حضر بطريرك الأقباط، إبرام بن زرعة السرياني، ومعه مجموعة من الأساقفة، يتباحثون فيها مع اليهود أمور الدين، وخلال الجلسة اتهم أحد الأساقفة اليهود بالجهل، ما أثار غضب الوزير اليهودي وأثرها في نفسه وقرر الرد على المسيحيين”، بحسب ما ذكر في موقع الوزارة.
و”بحث الوزير اليهودي حتى وجد آية في العهد الجديد من الكتاب المقدس تقول: (لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل، ولا يكون شيء غير ممكن لديكم)، وذهب الوزير وعرضها على الخليفة، وكان الخليفة يرغب في التخلص من الجبل الكائن شرق القاهرة، أي جبل المقطم، فراقه الاقتراح”، وفقاً لموقع وزارة التخطيط المصرية.
و”بعث الخليفة لبطريرك الأقباط يعلمه بطلب تحريك الجبل لإثبات صحة الآية وأمهله 3 أيام، فقامت الكنيسة كلها بالصوم والصلاة خلال تلك الفترة، وفي صباح اليوم الثالث ظهرت مريم العذراء للبطريرك، وأخبرته أن يخرج ليرى رجلاً يحمل جرة مياه سيكون هو المختار لإتمام المعجزة، وبالفعل توجه البطريرك لتنفيذ ما أخبرته به العذراء، وأثناء ذلك وجد إسكافي يُدعى سمعان الخراز وأخبره بتلك المهمة، ووفقاً للأسطورة تمكن الخراز من نقل جبل المقطم من شرق القاهرة حتى مكانه الحالي، بعد حدوث زلزلة رهيبة وتحرك الجبل ليظهر في منطقة المقطم الحالي”.
وترجع فكرة بناء الدير “عقب اكتشاف المغارة التي دفن بها القديس سمعان في عام 1974، من قبل بعثة من علماء الآثار القبطية الذين تمكنوا من العثور على مقبرة بها هيكل عظمي يُعتقد أنه يعود لسمعان الدباغ، ورسم لصورة البطريرك وبرفقته رجل أصلع يملأ جرتي مياه، وقد أرجح العلماء أن الرجل هو سمعان الخراز، كما وجدوا وعاءاً نادراً يرجع تاريخ صناعته لما يزيد عن ألف عام، وأرجح العلماء أنه الوعاء الذي كان يستخدمه الخراز لنقل المياه لبيوت الفقراء”، بحسب موقع وزارة التخطيط.
ويضم الدير كافة الاكتشافات التي وجدت في قبر سمعان الخراز، بالإضافة إلى لوحات جميلة نحتت في صخور جبل المقطم العاتية، والتي تتناغم مع الفن المعماري المميز الذي بٌنى به الدير.