ما مصير مساعي إعادة النازحين؟
على وقع اشتداد المعاناة الاجتماعية وتداعي ركائز الأمن الغذائي، تفاقمت تداعيات قضية النزوح السوري بعدما باتت المواد الحيوية والمتناقصة، تحت وطأة الانهيار، تضيق بشعبين فوق أرض واحدة.
والتحديات المتعاظمة جراء ما يحتاجه النازحون من خدمات مكلفة أو غير متوافرة، دفعت الكثيرين الى الإصرار على عودتهم من دون أي إبطاء، بالترافق مع تسجيل احتكاكات ميدانية متزايدة بين نازحين سوريين ومواطنين لبنانيين في مناطق عدة.
واللافت أن من بين أشد المتحمسين لتسريع وتيرة العودة حلفاء سوريا في لبنان ومن بينهم حزب الله ورئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال أرسلان المعروف بعلاقته الوثيقة مع الرئيس بشار الأسد والممثل في الحكومة بوزير المهجرين عصام شرف الدين.
وعُلم أن اجتماعاً عقد أخيراً بين المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين خليل والوزير شرف الدين في إطار التشاور حول سبل تزخيم المساعي الرامية الى تفعيل العودة.
وحتى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، المعروف بحذره الشديد وحساباته المتأنية، علت صرخته في هذا المجال، بينما صار معارضو النظام السوري محرجين في تبرير استمرار وجود النازحين، مع تشديدهم في الوقت نفسه على ضرورة تأمين ضمانات كافية لهم ليعودوا الى وطنهم.
وفيما كان من المتوقع أن يزور شرف الدين دمشق بعد عيد الأضحى لاستكمال النقاش حول الخطة اللبنانية المقترحة لإعادة 15 ألف نازح شهرياً، تبيّن أن عوامل مستجدة أدت الى تأجيل هذه الزيارة، ومن بينها وعكة صحية ألمت بالسفير السوري لدى بيروت علي عبد الكريم علي ودفعته الى دخول المستشفى، وانشغالات بعض الوزراء السوريين المعنيين مباشرة بهذا الملف.
وما ساهم أيضاً في تراجع زخم المعالجة هو تباطوء ممثل المفوضية العليا لشؤون للاجئين أياكي إيتو في إعطاء ردود ينتظرها لبنان على الاستفسارات الآتية:
– إمكان زيادة نسبة اللاجئين السياسيين (ضمن النازحين) الذين تتولى المفوضية نقلهم من لبنان الى دولة أخرى، خصوصاً أن عدد المغادرين حتى الآن وفق هذه الآلية هو متواضع.
– تشكيل لجنة ثلاثية تضم لبنان وسوريا والمفوضية للتنسيق في كل ما يتعلق بتسهيل العودة.
– دفع أموال للسوريين بعد عودتهم وليس في لبنان، لتحفيزهم على المغادرة.
وفي حين يؤشر التأخير في الرد الى استمرار السلبية الدولية في التعاطي مع مطلب لبنان الملح بتخفيف أعباء ملف النازحين عن كاهله، عُلِم أن الممثل الحالي لمفوضية اللاجئين إيتو سيترك مركزه في بيروت قريباً وستحل مكانه شخصية أخرى، على أن يتولى مساعده في المرحلة الانتقالية التواصل مع الدولة اللبنانية.
وكان إيتو قد أبلغ إلى شرف الدين خلال أحد الاجتماعات بينهما أن إعادة النازحين ترتبط بتحقيق الأمن مئة بالمئة في سوريا، فأكد له الوزير أن الأمن أصبح مستتباً في معظم الأراضي السورية الخاضعة لسيطرة الدولة وبإمكان النازحين العودة إليها.