مجتمع

فنّانة لبنانية “تُلملِم الوجع”.. وترفع مجسَّمات “الثورة” بين الركام!

في جعبة الفنّانة التشكيلية، حياة ناظر، الكثير من الأعمال، ولعلّ أهمّها تلك التي غدت من معالم “ثورة 17 تشرين”، هذه الحركة الشعبية التي شكّلت وعياً جَماعياً في مواجهة الظلم والإستبداد، بغضّ النظر عن نجاحاتها وإخفاقاتها، وبعيداً من محاولات حرفها عن مسارها التغييري، كمحطّة تفصل بين مرحلتين.

والثورة بمفهومها العام، لا تقتصر على الإعتراض ومواجهة السلطة فحسب، إنّما قد تمتدّ إلى فضاء الإبداع الذي يؤرّخ، باللوحة والمنحوتة و”الغرافيتي”، حقبة تاريخية لأي بلد في العالم.

ففي لبنان، حلّق الفنّانون في فضاء إبداعاتهم، فكانت أبرزهم الفنانة التشكيلية حياة ناظر، التي تخطت “التقليد” في أعمالها، وابتكرت أعمالاً عديدة ومميّزة، وفق رؤى وتصورات، كان أهمها “طائر الفينيق” و”قلب الثورة” ورسوم “الغرافيتي” في وسط بيروت، بالإضافة إلى “شجرة الشعب اللبناني” في طرابلس.

وفي الذكرى السنوية الأولى لانطلاق ثورة 17 تشرين، كشفت ناظر عن مجسّم جديد، أطلقت عليه اسم “ست الدنيا”، ووضعته إلى جانب تمثال “المغترب اللبناني” مقابل مرفأ بيروت، إلا أن مجموعات الثوار اختاروا له اسمًا جديدًا، وهو “فتاة الثورة”.

الثورة مستمرة

في حديث لموقع “أحوال ميديا”، أشارت الفنانة التشكيلية حياة ناظر إلى أن كل مجسّم له مدلولاته الخاصة، وكل منها مصنوع من مواد مختلفة”، وكأنّها تحاول من خلال هذه المجسّمات، إيصال رسالة معيّنة للمسؤولين اللبنانيين، وللتأكيد على أن “روح الثورة لا تموت”، وأنّها مستمرّة في وجه الفساد والظلم مهما طال الوقت.

وحول المواد التي استخدمتها ناظر لصناعة هذه المجسمات، قالت إنّها استعانت في صناعة “طائر الفينيق”، ببقايا الخيم التي تم تكسيرها في ساحة الشهداء، بعد الاعتداءات التي تعرّض لها الثوّار في الأيام الأولى لانطلاقة الثورة، ليكون هذا الطائر بمثابة رسالة للبنانيين والثوار تحديدًا، بألا يفقدوا الأمل، وبأن لبنان مهما واجهته الصعوبات، سينهض من تحت الرماد ويزدهر من جديد.

أما مجسم “قلب الثورة”، فأوضحت: “تمّ صنعه من القنابل المسيّلة للدموع والحجارة التي كانت تُرمى على المتظاهرين خلال الاحتجاجات”، معبّرة بذلك عن معاناة الناشطين، إذ كتبت أسماء “شهداء الثورة” في أسفل هذا المجسم.

من جهة أخرى، فإن مجسّم “شجرة الشعب أو الطناجر” الموجود في وسط ساحة النور في طرابلس، صُنع من الطناجر القديمة التي قدّمتها سيدات من كافة المناطق اللبنانية ومختلف الطوائف، فكتبت كل منهن أسمها ومنطقتها وأمنيتها، تعبيرًا عن الحب والتضامن بين أبناء البلد الواحد لبناء لبنان الجديد.

أما النصب الأخير، أي مجسّم “ست الدنيا” بيروت، فقالت ناظر إنه يُظهر فتاة تحمل شعلة على شكل حرف V أي Victory أو النصر، وهو مصنوع من الزجاج والمرايا التي نتجت عن انفجار مرفأ بيروت، في 4 آب الماضي، لافتة إلى أنه يعبّر عن آلام اللبنانيين جميعًا، وسيبقى مرفوعًا مقابل موقع الجريمة، ليتذكّر المجرمون في كل مرّة يمرّون بجانب هذا المجسّم، ما اقترفت أيديهم وإلى أين أوصلوا هذا البلد الذي كان ينبض بالحياة.

تراث ثوري

تتخوف ناظر من فصل الشتاء وتداعياته، حيث يمكن أن تؤدي الأمطار الغزيرة والعواصف من تدمير هذا المجسم وغيره من المجسمات، داعية المعنيين للمحافظة على هذا “التراث الثوري” الذي قد يشكّل مقصدًا للسياح من اللبنانيين المقيمين والمغتربين والأجانب، خصوصًا وأنه يرمز للإنفجار الكبير الذي أتى على ما يزيد عن 40 بالمئة من مباني العاصمة بيروت و80 بالمئة من منشآت المرفأ.

سوزان أبوسعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

ناشطة وصحافية لبنانية. مجازة في التحاليل البيولوجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى