منوعات

“سباق على المنخار” يتسيّد الانتخابات الرئاسية الأميركية

غلّفت الأجواء الضبابية صباح أربعاء الولايات المتحدة الأميركية، فأتى المشهد الانتخابي مخيّباً للأميركيين والعالم، الذين تسمّروا أمام شاشات التلفزة ومواقع التواصل ينتظرون نتائج الاستحقاق الرئاسي؛ وفيما أُغلقت صناديق الإقتراع في كافة الولايات، تسيّد “سباق المنخار” البيت الأبيض في منافسة شرسة بين دونالد ترامب وجو بايدن، فبقيت النتائج التي عادة ما تكون واضحة في أميركا عشية الانتخابات، غير محسومة. وأظهر مجموع الأصوات أنّ المرشّح الجمهوري والرئيس الحالي دونالد ترامب والمرشّح الديمقراطي جو بايدن، مفصولان بهوامش ضئيلة في نيفادا وميشيغان وويسكونسن – حيث تفوّق بايدن – وفي جورجيا وكارولينا الشمالية، حيث قاد ترامب.

الأجواء الانتخابية الرئاسية الأخيرة

سارع السياسيان الأميركيان المخضرمان إلى إعلان نتائج فوزهما قبل صدور النتائج؛ حيث أكّد المرشّح الديمقراطي جو بايدن لمؤيديه أنّه سينتصر في النهاية، فيما ذهب ترامب إلى أبعد من ذلك معلناً انتصاره قبل أيام. وتوقّعت حملتا المرشحيّن تحقيق النصر خلال جلسات صحفية هاتفية متزامنة يوم الأربعاء، فيما لم تذكر حملة ترامب أين يمكن أن تبدأ التحديات القانونية المتوقعة على نطاق واسع.

وقال مدير حملة ترامب بيل ستيبين “نحن واثقون في طريقنا”، فيما قال مدير حملة بايدن جين أومالي ديلون للصحفيين إنّ الديمقراطي “في طريقه للفوز في هذه الانتخابات، وسيكون بايدن الرئيس المقبل للولايات المتحدة”.

ولفت متابعون أنّ الديمقراطيين يمروّن بلحظات تحدي، خاصة بعد أن فشلوا في تسجيل الإستفتاء الوطني الحاسم على ترامب الذي سعى إليه بايدن. وقام السياسي الديمقراطي بحملته الانتخابية بصفته معالجًا، بحجة أنّ الرئيس الحالي قد أساء إدارة الوباء، وشقّ البلاد بخطاب لاذع حول الأقليات العرقية والمهاجرين و”النخب” التي يدّعي أنها عازمة على تدميره؛

ترامب: الديمقراطيون يسرقون الانتخابات

من جهة أخرى، تحوّلت الأنظار اليوم الأربعاء إلى ملايين الأصوات التي لا تزال قيد العدّ في الولايات الرئيسية والتحديات القانونية المحتملة، حيث إدّعى ترامب “زوراً” أنّ تغيير الأرقام ليلة الثلاثاء يشير إلى أنّها مشتبه بها.

إلى ذلك، أفاد متابعون للانتخابات الرئاسية الأميريكة أنّ ترامب كسر الأعراف الديمقراطية من خلال التأكيد في وقت مبكر من يوم الأربعاء أنّه قد فاز بالفعل، على الرغم من مسارات النصر المتبقية لبايدن؛ وزعم أنّه سيطلب من المحكمة العليا التدخل في العملية الانتخابية، قائلاً إنّ التصويت يجب أن يتوقف، حيث إدّعى أنّه من خلال الإستمرار في عدّ الأصوات المدلى بها بالفعل، فإنّ الديمقراطيين يسرقون الانتخابات؛ فيما الحقيقة تقضي أنّه تم إغلاق صناديق الاقتراع، ولم يتم الإدلاء بأصوات أخرى، بل تم فرزها فقط.

وغرّد ترامب بعد الساعة العاشرة صباحًا من اليوم الأربعاء بتوقيت واشنطن: “الليلة الماضية كنت أقود النتائج، في كثير من الأحيان بقوة، في العديد من الولايات الرئيسية، بل في جميع الولايات تقريبًا، حتى في الولايات التي يحكمها الديمقراطيون. ثم، واحد تلو الآخر، بدأوا يختفون بطريقة سحرية مع عملية تفريغ الاصوات”. وتابع، غريب جدًا، لقد نسفوا استطلاعات الرأي.

وأفادت مصادر متابعة أنّ أوراق الإقتراع التي يجري فرزها بين عشية وضحاها ويوم الأربعاء، ليست مقالب ولا مفاجأة؛ وأردفت أنّه في جميع الحالات تقريبًا، كانت من بين الملايين التي اختارها الأميركيون الذين قرروا التصويت مبكرًا أو بالبريد، بدلاً من التصويت الشخصي في يوم الانتخابات.

بعيداً عن النتائج، ظهرت عدة أمور على الساحة الأميركية في الآونة الأخيرة تزامناً مع السبق الرئاسي، لم تقلّ أهمية عنه:

السباق على المنخار:

تردّدت كثيراً عبارة “السباق على المنخار” خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية. هذه الجملة هي تعبير يستخدمه متابعو سباقات الخيل عادة، ما يعني نتيجة عير محسومة. وفي حالة ترامب وبايدن، الوضع متطابق.

وقد أعزى محلّلون السبب وراء عدم حسم النتيجة اليوم، أنّ ما حصل هذا العام هو أنّ ليلة الانتخابات صوّت ملايين الأميركيين بالبريد بسبب فيروس كورونا، مما يعني أنّ التأخير في فرز جميع الأصوات كان دائمًا مرجحًا. وأُغلقت صناديق الاقتراع الأولى على الساحل الشرقي في الساعة 19:00 بالتوقيت المحلي للبلاد، تبع ذلك إجمالي عدد الأصوات حيث تم الإبلاغ عنها في كل ولاية. إذن، من الطبيعي أن لا يكتمل العدّ الكامل أبدًا في ليلة الانتخابات، ولكن عادة ما تكون هناك أصوات كافية لتأكيد الفائز، حيث يتم وضع تصوّر من قبل وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية عندما تعتقد أن أحد المرشحين يتقدم على نظيره، دون أن تكون النتيجة نهائية_ والتي غالبا ما تثبت أنّها صحيحة عند فرز جميع الأصوات؛ وهذا ما لم يتم حسمه اليوم.

منصب نائب الرئيس

تاريخيًا، صُنف منصب نائب الرئيس من بين أقل المناصب أهمية في الولايات المتحدة. ووصف النائب الأول لرئيس الولايات المتحدة، جون آدامز، ذات مرة منصب نائب الرئيس بأنّه “المكتب الأكثر تفاهة من بين الإختراعات التي ابتكرها الإنسان على الإطلاق”.

ولكن بحلول نهاية القرن العشرين، أصبح منصب نائب الرئيس موقعًا مؤثرًا وجزءًا لا يتجزّأ من مكتب الرئيس. وتشير الأبحاث إلى أنّ المرشحين لمنصب نائب الرئيس لا يؤثرون على اختيار الناخبين كما يتوقع معظم الناس؛ مع ذلك، فإنّهم يخبرون الكثير عن المرشحين للرئاسة وكذلك عن الحزب ككل.

كامالا هاريس

ستكون السناتور كامالا هاريس أول امرأة وأول امرأة ذات بشرة سوداء تتبوّأ منصب نائب الرئيس إذا ما فاز بايدن. وفي حال احتفظ ترامب بمنصبه، فسيكون مايك بنس هو المرشّح السابع على التوالي الذي يُعاد ترشيحه لولاية ثانية.

هاريس من مواليد 20 أكتوبر 1964، وهي سياسية ومحامية أميركية شغلت منصب عضو مجلس الشيوخ الأمريكي الأصغر من كاليفورنيا منذ عام 2017. وهي المرشّح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس لانتخابات 2020.

دور نائب الرئيس

يلعب مرشّحو منصب نائب الرئيس الأميركي دورًا مهمًا في الحملات الانتخابية الرئاسية، والتي تتميز بهذه الأحداث الثلاثة:

_ عندما يتم الإعلان عن المرشح

_ خطاب قبولهم

_ مناظرة نائب الرئيس

ويستخدم المرشّحون هذه الفرص الثلاث للمساهمة في المناقشة الديمقراطية للحملات الانتخابية. بعد المرشّح الرئاسي، يمتلك مرشّح نائب الرئيس واحدًا من أقوى الأصوات المؤثرة. فهو يردّد موضوعات حملاته الرئاسية، والأهم من ذلك، يُعتبر سلاحاً قوياً في ترسانة المرشحين الرئاسيين لمهاجمة الطرف المعارض، وشرح سبب عدم تناسبهم وسياساته مع مصالح الولايات المتحدة. إلى ذلك، يمارسون دورهم بشراسة في التأكيد على سبب احتياج أمريكا لمرشحهم الرئاسي للسنوات الأربع القادمة.

تأثر الناخبين بمرشّحي نائب الرئيس

بينما يصوّت معظم المواطنين الأميركيين بناءً على خياراتهم الرئاسية، إنّ انتخاب مرشّح نائب الرئيس يوضح تصوّرات الناخبين لمرشحي الرئاسة. حيث يخبر قرار المرشّح الرئاسي كثيرًا عن قيمه وقدراته على اتخاذ القرار وما إذا كان قادرًا على إحداث فرق أم لا. ولو كان اختيار جو بايدن لشخص أقل كفاءة، لكان الناخبون سيحكمون على مهاراته في القيادة والحكم، مثل ما حدث مع جون ماكين وسارة بالين في عام 2008.

بالمقابل، اعتبر محلّلون أنّه من غير المرجّح أن لا يكون لمرشحي نائب الرئيس التأثير الهامشي على قرارات التصويت، خاصة بعد أن أصبح منصب نائب الرئيس موقعًا مهمًا للغاية في الحياة الأمريكية، حيث سيكون أيّ من المرشحين ظل الرئيس ويتولّى زمام الأمور في حالة حدوث أزمات.

 الجمهوري والديمقراطي في مجلس الشيوخ

يبدو أنّ حملة الديمقراطيين للفوز بالسيطرة على مجلس الشيوخ الأمريكي فشلت، حيث حصل الديمقراطيون على مقعد واحد فقط يسيطر عليه الجمهوريون، بينما بقيت ستة سباقات أخرى غير مفهومة في وقت مبكر يوم الأربعاء.

وقد هزم الديمقراطيون السناتور الجمهوري كوري غاردنر من كولورادو ومارثا ماكسالي من أريزونا، لكنهم خسروا مقعد ألاباما الذي كان يشغله السناتور الديمقراطي دوج جونز. للفوز بالأغلبية في مجلس الشيوخ، سيحتاج الديمقراطيون إلى اختيار ثلاثة مقاعد جمهوريين إذا تم انتخاب المرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن رئيسًا والسيناتور كامالا هاريس في التصويت الفاصل كنائب للرئيس. لكن طريق الديمقراطيين إلى النصر تقلّص بشكل حاد مع تدفق النتائج، وقد لا تكون النتيجة النهائية معروفة لأيام، أو حتى لشهور.

 

توقع متابعون أن يتأخر إعلان نتائج الانتخابات الأميركية الرئاسية إلى أيام، أو حتى إلى أسابيع؛ سيّما بعد موقف ترامب الداعي إلى المناورة القانونية. واعتبروا أنّ ترامب كشف عن صورته كرئيس عازم على استخدام جميع الأدوات المتاحة له لفرض النصر، بما في ذلك استخدام معلومات مضلّلة حول نزاهة التصويت وهجمة المناورات القانونية.

 

لطيفة الحسنية

صحافية متخصصة في الإعلام الرقمي. أطلقت حملة لمكافحة الإبتزاز الالكتروني عام 2019، تناولت تدريب الضحايا على كيفية التخلّص ومواجهة جرم الابتزاز تضمنت 300 حالة حتى تموز 2020. عملت كمسؤولة إعلامية في منظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى