سياسة

الاستشارات قيد الدرس وبقاء حكومة ميقاتي قيد الطرح

من “همروجة” الانتخابات النيابية، واختبارها الأساس في تكوين السلطة التشريعية مع انتخاب رئيس وهيئة مكتب مجلس النواب التي أرست ثوابتها في المشهد السياسي اللبناني، يستعد اللبنانيون لمشهدية جديدة من الصراعات والاشتباكات التي لا تفنى في يوميات المواطنين تحت عنوان تكليف رئيس جديد للوزراء وتأليف الحكومة.

رئيس الجمهورية ميشال عون يعمل على دراسة الأجواء المحيطة بالدعوة للاستشارات النيابية، وبخلاف ما يتم تداوله عن وجود نيّات لتأجيلها أو تأخيرها، فإن ساكن قصر بعبدا يُصرّ على الالتزام بالمهل المحددة بالدستور، لذا فهو يتّجه للدعوة إليها خلال مدة قريبة قد تكون الأسبوع المقبل.

الكتل الحزبية واضحة ونوابها باتوا جاهزين لتسليم لوائح تصنيفهم في الاستشارات النيابية المقبلة لتسمية رئيس حكومة، فيما تستمر الضبابية بين النواب المستقلين، وبينهم أعضاء “تيّار المستقبل” القدامى و”التغييريين” الذين يستمهلون الأمانة العامة لمجلس النواب لملء استمارات توزيعهم على اللجان وتصنيفهم كمستقلين أو ضمن كتلة واحدة.

وهؤلاء تجري الاتصالات معهم من جهات متعارضة ومن كافة التكتلات الكبيرة للانضمام إليها. فيما يبدو أن التردد لا يزال يحكم أحوال هؤلاء فإن الاستشارات النيابية الاسبوع المقبل ستكشف عن خريطة التكتلات والمستقلين على حد سواء.

ووفق حديث مصادر مطلعة لـ”أحوال” فإن الرئيس عون ينتظر من الامانة العامة لمجلس النواب جدولاً نهائياً بالكتل النيابية وأسماء النواب المستقلين التي ستعتمد عند تحديد المواعيد الخاصة بهذه الاستشارات.

وبخلاف ما يجري تداوله، المماطلة في الدعوة للاستشارات النيابية الملزمة أمر مستبعد في القصر الجمهوري، وأن الوقت الفاصل بين انتخابات اللجان النيابية في المجلس يوم الثلاثاء المقبل وإجراء الاستشارات سيكون كافياً لتوافق الكتل النيابية على اسم رئيس للحكومة واتفاق رئيس الجمهورية مع الرئيس المكلّف على برنامج عمل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في الأشهر الأخيرة من العهد.

في لقائهما الأخير بعد فراق طويل، ناقش كلاّ من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب، للمرّة السابعة على التوالي، نبيه برّي مسألة الدعوة إلى الاستشارات النيابية وتمّ الاتفاق على ضرورة التعجيل بها طلب من المجلس النيابي والكتل والنواب تحديد كتلهم وأسمائها لمعرفة كيفية تحديد مواعيد الاستشارات النيابية.

ولم يتم التطرق إلى هوية الشخصية التي سيتم تكليفها رئاسة الحكومة ولا شكل الحكومة العتيدة وصيغة توازناتها. وعند هذه النقطة سيتظهر الانقسام مجدداً بين الكتل النيابية والنواب المستقلين.

تكرار تجربة توفير 65 صوتاً لرئيس الحكومة المكلّف ولجلسة الثقة المطلوبة للبيت الوزاري الجديد، ماثلة أمام الأعين. ووفق تجربة انتخاب رئيس المجلس النيابي وهيئة مكتب المجلس، يبدو أن المشهد سيتكرّر إلّا في حال قررت الأحزاب المعارضة للعهد ولحزب الله الانضواء في تحالف كبير يضمهم صوتاً واحداً لتكليف شخصية جديدة تسكن السرايا الحكومية، ولإعطاء الثقة للحكومة مجتمعة.

لكن الاتفاق على شكل الحكومة ونوعها يبدو بعيداً حتى الآن لدى قوى التغيير ومن يتقاطعون معهم في عناوين سياسية كثيرة كالقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب، وكل منهم يعمل بشكل جانبي لاجتذاب أكبر عدد من النواب المستقلين. وما سرى من فراق في استحقاق “رئاسة البرلمان” قد ينسحب على الاستحقاق الحكومي، بحسب مصادر متابعة، لأن الأهواء متشعبة!.

أمام تشرذم السياديين الجدد والتغييريين القادمين من شوارع “الثورة” تتقدّم فكرة تعويم الحكومة الحالية برئاسة نجيب ميقاتي، الذي لا يمانع في البقاء رئيساً، بشرط أن تكون الملاذ الأخير بعد إعلان العجز الكامل عن الاتفاق على تسمية شخصية جديدة لرئاسة الحكومة حتى لا تتكرّر تجربة “مصطفى أديب” وأيضاً حكومة حسّان دياب التي حاربها الجميع وأولهم من شكّلها.

وبحسب المصادر فإن الشرط الثاني هو ان يحصل تعديلات وزارية على التشكيلة الحالية من قبل القوى السياسية المؤلفة لها والتي ترغب في الدخول اليها وهذا شرط لا يمكن التراجع عنه لأسباب كثيرة.

هذا الخيار غير الصحّي، سيكون سبباً للاشتباك أيضاً فثمة قوى سياسية حاكمة ترفضه ومنها رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، الذي يجد في ميقاتي شريكاً غير متعاون، ويتشارك في رفض ميقاتي، بدون قصد، مع نواب التغيير.

هذا الطرح قد يُشعل حريقاً إضافياً في وطن الحرائق المتنقلة، وفق توصيف مصادر نيابية، والظروف السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية لا تحتمل لهباً إضافياً يُحرق صيف اللبنانيين. وتقول المصادر إن النص الدستوري وآلياته تُحتم إجراء الاستشارات وتشكيل الحكومة ضمن مهلة محددة ولبنان في حالة طوارئ بحاجة الى حكومة تُقدم على مبادرات وخطوات إنقاذية حتى ولو كان عمرها يوم واحد.

الانتخابات وراءنا والفراغ أمامنا، ومع بروز عوامل جديدة إلى اللعبة السياسية اللبنانية لا يُمكن تجاهلها ولا إنكارها، تمثّلت بتراجع كتل وتقدُّم أخرى ودخول نواب جدد إلى مجلس النواب فإن شبح الفراغ الحكومي يحوم وقد يتكرّس في حال عدم بروز أكثرية نيابية واضحة تأخذ على عاتقها السير بالاستحقاق الحكومي. والشقاء اللبناني يستمر على احتراقه.

رانيا برو

صحافية وكاتبة لبنانية. عملت في مؤسسات اعلامية لبنانية وعربية مكتوبة ومرئية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى