منوعات

حرب ضروس بين المصارف والحكومة.. وسلاح “الدولار” هو الأبرز حالياً

يستمر التحضير للجلسة النيابية التي سيتم فيها انتخاب رئيس ونائب رئيس المجلس النيابي، لتنطلق بعدها الرحلة الأصعب المتمثلة في الدعوة لاستشارات نيابية ملزمة لاختيار رئيس مكلف لتشكيل الحكومة، ومن ثم محاولة تشكيلها، وهو ما يبدو شبه مستحيل بالظروف الموجودة أمامنا اليوم. كل ذلك يأتي على وقع كوارث مالية تنزل على رؤوس اللبنانيين من كل حدب وصوب بسبب المعارك السياسية والمالية القائمة في البلد.
قلنا منذ اليوم الأول للأزمة، أن المصارف العاملة في لبنان أكبر من مجرد مشاريع عمل يريد أصحابها من خلالها تحقيق الأرباح، بل هم جزء من قوّة سياسية اقتصادية مالية متجّذرة منذ عشرات السنين، يساهمون برسم سياسة لبنان المالية، مدعومون من قبل شخصيات مؤثرة على كافة المستويات، السياسية والإعلامية والدينية حتى، واليوم هام هم يجمعون جيشهم للهجوم على خطّة التعافي المالي.
قبل أن تصبح حكومة تصريف أعمال، وافقت الحكومة على خطة التعافي التي تتضمن شروطاً فرضها صندوق النقد خلال جولات المفاوضات الطويلة مع الجانب اللبناني، وبحسب مصادر وزارية متابعة فإن الخطة بشكلها الحالي تحتاج الى مزيد من “الرتوش” لكنها تشكل أرضاً صلبة ببعض عناوينها يمكن الإنطلاق منها نحو المستقبل.
تؤكد المصادر أن أبرز ما تضمنته الخطة كان إنهاء مهزلة “تسييل أصول الدولة” خدمة للمصارف، مشيرة الى أن الخطة تمنع استخدام الأموال العامّة لإطفاء خسائر المصارف، وأشركت الرساميل المصرفية بالمقابل في تغطية الخسائر، وهو يجب فعله عند تعثّر المصارف، وهذا ما أخرج جمعية المصارف عن طورها.
تكشف المصادر أن بيان جمعية المصارف الذي اعلنت فيه رفض خطة التعافي كان نقطة بداية تحركات هذه الجمعية، وهو ربما يكون التحرك الأقل ضرراً، إذ أن ما نشهده في سوق صرف الدولار من ارتفاعات جنونية سجلت أرقاماً قياسية هو من نتاج الجمعية نفسها التي قررت أخذ اللبنانيين رهينة في حربها مع الحكومة وخطتها للتعافي.
ساهم ضعف المصرف المركزي وعدم قدرته على ضخ الدولارات بنفس الوتيرة السابقة الى جانب تشدد المصارف ببيع الدولارات عبر منصة صيرفة، وحصرها بعمليات محددة لزبائن محددين، بارتفاع الطلب على الدولار في السوق السوداء لتلبية احتياجات التجار وغيرهم، ما أدى الى هذا الارتفاع الجنوني بسعر الصرف، والذي هو مرشح للإزدياد طالما أن الحرب بين المصارف والحكومة مستمرة، وطالما الوضع السياسي على ما هو عليه، وطالما أن المصرف المركزي الذي يخسر يومياً من احتياطاته غير قادر على السير بخطة عمل واضحة توصل الى نتائج علمية واضحة، وتُبدي المصادر شكوكاً بشأن أرقام عمليات بيع الدولار عبر منصة صيرفة، والتي يُعلنها المصرف المركزي يومياً، مشددة على أن المنصة تشهد عمليات بيع قليلة وأغلب العمليات تحصل في السوق السوداء.
لن تستسلم المصارف اللبنانية بسهولة لعملية خروجها من السوق أو دمجها، ولن ترضخ بسهولة لشروط صندوق النقد، ولديها من النواب والوزراء والمسؤولين من يساعدها في حربها، التي لن يكون الخاسر فيها سوى الاقتصاد اللبناني والشعب اللبناني.

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى