فيلم Ambulance: إبداع لا ينتهي من مايكل باي.. أكشن بمستوى جديد ومختلف
أبدع المخرج مايكل باي في نسج فيلم أكشن وجريمة بطله الأول والفريد سيارة إسعاف!! نعم سيارة إسعاف تدخل في مطاردة تجسد المهارة البصرية للمخرج والمصور، والتي تطغى على السرد الضعيف نوعاً ما، مع شهادة إجادة من البطلين جيك جيلانهال، ويحيى عبدالمتين.
قصة مثالية لفيلم مثير لا تتجاوز مدته 85 دقيقة، ولكن “Ambulance” يحمل توقيع المخرج المخضرم مايكل باي، الشهير بأنه لا يقدم أفلام إثارة مقتضبة، وكنتيجة لذلك أصبح الفيلم عبارة عن جولة منتفخة مدتها تجاوزت الساعتين، ليكون من بين أفضل الأفلام التى قدمها باي على إمتداد مسيرته الفنية.
كلمة السر في ذلك الفيلم مشاهد المطاردات التي جاءت أشبه بصورغاية في الإبداع. العمل تحفة فنية تتصدر مسيرة باي السينمائية، جعله أشبه بـ”دكتور جيكل ومستر هايد”، ففي مشهد واحد يجعلك تقتنع بأنه أعظم مخرج أفلام أكشن في السنوات الأربعين الماضية، وفي المشهد التالي مباشرة تجد نفسك غارقا في صور فوضوية كثيرة.
قصة الفيلم: مطاردات درامية بين الشرطة وسيارة إسعاف
في يوم من الأيام عبر شوارع لوس أنجلوس، ستتغير حياة ثلاث أشخاص إلى الأبد، يروي الفيلم قصة الأخوين “داني” سريع الكلام مجرم ذو شخصية كاريزمية، ويلعب دوره النجم جيك جيلنهال، والجندي السابق “ويل” يجسده الممثل الأسمر يحيى عبد المتين والذي تبناه والد “داني” عندما كان صغيرا، وبينما كان ويل وداني يقضيان وقتا ممتعا كأخوة، كان أبوهما منشغلا بعمله في سرقة البنوك، وعندما كبر أبنائه، أرادهما أن ينضما إلى أعمال العائلة، وهو ما فعله داني بالفعل، أما ويل فذهب للإلتحاق بالجيش من أجل تجنب حياة الجريمة، وبعد عودته من أفغانستان أصبح عاطلا عن العمل، ولا يمكنه تحمل تكاليف الجراحة التي تحتاجها زوجته، لذا يوافق على الإنضمام في عملية سطو من المفترض أن تصل قيمتها إلى 32 مليون دولار نقداً.
فجأة تتغير كل خطة داني ليصبح هروبهم يسير بشكل خاطئ، يخطف الأخوان اليائسون سيارة إسعاف مع شرطي جريح يتشبث بالحياة ومسعفة ملتزمة جداً في عملها تدعى كام (ايزا غونزاليس) تكون على متن السيارة. في مطاردة عالية السرعة لا تتوقف أبدًا، يجب على ويل وداني التهرب من استجابة كبيرة لتطبيق القانون على مستوى المدينة، والحفاظ على رهائنهم على قيد الحياة، ومحاولة بطريقة ما عدم قتل بعضهم البعض، كل ذلك أثناء تنفيذ أكثر الهروب جنونًا الذي شهدته لوس أنجلوس على الإطلاق.
أكشن مايكل باي: توهج العدسة
ليس من المستغرب أن يكرّس المخرج باي اهتمامه للتقطيع السريع، مع إبراز الزوايا المبالغ فيها وتوهج العدسة والحركة البطيئة بشكل بارز، حيث وضع محنة الرجلين كقصة ملحمية شبه أساسية عن الأخوين على وشك مواجهة حساب كبير. استغل مهارته في صياغة مجموعات الأكشن والمطاردات التي جعلت منه الأبرع والأكثر تميزا في هوليوود، بينما يعبّر ممثلوه عن الضعف الإنساني، رغم ما يبدو عليهم ظاهرياً من قوة وجبروت.
يعتبر الفيلم تنويعاً على فيلم دنماركي عُرض عام 2005 ويحمل الاسم نفسه، ولكن المخرج باي يتفوق في المطاردات والحفاظ على إيقاع الفيلم المتسارع، ولهاث الجماهير وهي حائرة بين طرفي المطاردة.
بالطبع ، لطالما تفوقت مهارة باي في صياغة مجموعات الأكشن المتفجرة على موهبته في بناء الشخصية، مما يترك ممثليه يؤسسون القصة بعاطفة حقيقية. لا يحقق جيلنهال دائمًا التوازن الصحيح بين الدراما والتوتر مثل داني الساخر، حيث يزيد من حدته أعلى قليلاً من اللازم. أقوى بكثير هو عبد المتين، الذي يضفي على الإرادة حشمة هادئة. لطالما لعب وفق القواعد، ولكن عندما ترفض شركة التأمين الخاصة به دفع تكاليف إجراءات زوجته، يضطر إلى تولي الأمر بنفسه، مما يضفي الطابع الإنساني على حياة المجرمين التي تعيش فيها الشخصية الآن.
لا يزال حتى الآن عنصر قوة باي بين جميع مخرجي جيله هي مشاهد إطلاق النار والمطاردات الساخنة، وفي هذا الفيلم زاد مايكل من حيله البصرية المعتادة، مثل الإنفجارات البطيئة بإستخدام طلقات الطائرات بدون طيار، لتكون رؤيته الإخراجية هذه المرة أكثر نشاطا من أي وقت مضى، لإعتماده على إستخدام طائرة بدون طيار، فقد أصبحت لقطات الطائرات بدون طيار أكثر شيوعا في الأفلام على مدار السنوات القليلة الماضية، لكن لم يستخدمها أحد بهذا القدر من الإبداع أو المتعة المفعمة بالحيوية مثل باي الساحر، فهو أشبه بمشاهدة شخص يخترع لغة جديدة تماما لسينما الأكشن والإثارة.
إعادة هيبة أفلام الأكشن الضخمة
مشاهد لقتلى هنا وهناك، جرحى ومصابون، أضرار مادية في الممتلكات ومطاردات في البر مع مواكبة عدة طوافات على إرتفاعات منخفضة، تفاصيل لوّنت الوقت الطويل للمطاردة، مع وجود حالات إصطدام، وانفجارات، وحرائق، أضافت إلى حيثيات الحوارات بين داني وقيادة الأف بي آي، ومحاولة كام الهرب وعودتها بعدما كانت في مرمى نار داني، في وقت شعر ويل بأن أمره قد إنتهى وبادر إلى تمرير حزمة من المال المسروق لكي تسلمها إلى زوجته.
كل ما في الفيلم يدعو للدهشة، نحن أمام عمل إبداعي يتسابق الرواد لمشاهدته ليجمع منذ افتتاح عرضه في 8 نيسان / أبريل الجاري 47 مليون دولار من عروضه في أميركا وكندا وأوروبا، رغم عدم وجود نجم مبهر أمام الكاميرا، المخرج وحده هو البطل ومعه كاتب السيناريو كريس فيداك، الذي إقتبس وأعاد صياغة سيناريو نسخة من الشريط عرضت عام 2005 للكاتبين: لوريتس مانش بيترسن، ولارس آندرياس بيدرسن.
في نهاية الحديث عن “Ambulance”، لا بد من الإشادة والقول أن مايكل باي الذي كان أحد أهم المخرجين الواعدين في فترة التسعينيات، وبعد مرور هذه السنوات يثبت هذا الرجل أنه يستحق تلك المكانة التي يتربع على عرشها، كأحد أكثر المخرجين حصدا للإيرادات في تاريخ السينما.
يحيى الطقش