انتخابات

هل يهدد الدولار مصير الانتخابات؟

مع بدء العد العكسي للانتخابات النيابية، ارتفعت وتيرة التحضيرات العملانية لها لدى القوى السياسية، بالترافق مع ارتفاع حاد في نبرة الخطاب الانتخابي الذي يرمي الى شد العصب.. والناخبين.

بهذا المعنى، فإن الجميع لا يزالون يتصرفون على أساس أن الاستحقاق حاصل حتما في موعده، وان الوقت الفاصل عنه في ايار المقبل يضيق لدرجة باتت تدفع المنخرطين فيه الى استخدام كل أوراقهم واسلحتهم للتعبئة القصوى قبل حلول “الصمت الانتخابي.”

لكن وعلى رغم ان المؤشرات توحي بأن صناديق الاقتراع ستُفتح في 6 و 8 ايار خارج لبنان وفي 15 منه في الداخل، الا ان هناك من لا يزال مقتنعا بأن الانتخابات ستؤجل ولو في اللحظة الاخيرة.

ويعتبر أصحاب هذا الرأي ان هناك قوى محلية وخارجية لم تعد متحمسة لحصول الاستحقاق حتى لا تمنح حزب الله وحلفاءه فرصة لتجديد شرعيتهم الشعبية والدستورية، بعدما تبين لها انهم ربما يتمكنون من إعادة إنتاج الاكثرية في المجلس النيابي خلافا لتوقعات مغايرة قبل أشهر قليلة كانت تفيد بانه سيتم تحجيم الحزب واصدقائه في صناديق الاقتراع.

وما عزز التبدل في منحى الترجيحات ان ما يُعرف بمجموعات الثورة والتغيير التي كان يجري الرهان عليها لقلب المعادلة تخوض السباق الانتخابي مبعثرة ومنقسمة بفعل تعذر توحيدها في لوائح مشتركة تحت وطأة “الإيغو” المنتفخة لدى رموزها وشخصياتها.

ويلفت “المبشرون” بصعوبة إجراء الانتخابات الى ان جهات داخلية فقدت أيضا الشهية على خوضها بعدما اكتشفت انها لن تستطيع ربح العدد الذي كانت تتوقعه من المقاعد، لكنها لا تتجرأ على البوح بما تضمره لان اي فريق محلي لا يمكنه ان يتحمل مسؤولية المجاهرة بطلب إرجاء الاختبار الانتخابي.

والمرتابون في حصول الانتخابات يعتبرون ان التأجيل قد يتم إما لعوامل لوجستية قاهرة وإما لسبب أمني كبير، من دون إغفال تأثير الصعود المستمر لسعر الدولار والذي اذا استمر بهذا المنحى الدراماتيكي خلال الأسابيع المقبلة قد يرتب تداعيات اجتماعية وخيمة من شأنها تهديد مصير الانتخابات.

الا ان الواثقين في حتمية إجرائها يؤكدون وجود قرار سياسي كبير، محلي ودولي، بإتمامها في موعدها المقرر، وان احدا لا يستطيع حسم نتائجها مسبقا منذ الآن، وبالتالي فان كل طرف يظن ان لديه فرصة حقيقية للخروج منها بحصيلة ترضيه على حساب خصمه، وهذا ما يدفع المعنيين بها إلى التمسك بحصولها كوسيلة لصوغ توازنات سياسية تلائمهم.

ويؤكد هؤلاء ان الخارج لا يزال مصرا على وجوب التزام لبنان بمواعيده الدستورية وهو يضع سلوك السلطة تحت مجهر المراقبة، وبالتالي اي إخلال من قبلها بالتزاماتها ربما ينعكس سلبا على منسوب الدعم الدولي للبنان في المرحلة المقبلة.

ويشير أصحاب هذه المقاربة الى ان الأميركيين يأملون في أن تفضي الانتخابات الى انتزاع الأكثرية من فريق حزب الله، واذا بقي محتفظا بها، يعولون على أن يضعه ذلك في بوز مدفع الازمة الحالية بحيث سيصبح مطالبا أمام اللبنانيين بحلول لها تفوق طاقته، الأمر الذي سيؤدي الى إنهاكه.

اما بعض القريبين من الحزب فينيهون الى محاذير الترويج المبكر بأنه وحلفاءه سيستعيدون حُكما الأكثرية النيابية، معتبرين ان إشاعة هذا الانطباع ترمي الى إحداث نوع من الاسترخاء في القواعد الشعبية، ولذلك لا يجب الأخذ به، بل ينبغي التصويت بكثافة لتحقيق أفضل حصيلة ممكنة، خصوصا ان هوية الفائز بالمعركة ستتوقف في نهاية المطاف على مقاعد قليلة.

 

عماد مرمل

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى