منوعات

السلطة تنشغل بالمراسيم الانتخابية

لمن يشاهد مسلسل إصدار المراسيم في الدولة اللبنانية، يخال أن الدولة حاضرة وتتصدّى للأزمات عبر تلك المراسيم، وأنها تضع نصب عينيها مصلحة المواطن وكيف يمكن أن تخفيف عن كاهله في أسوأ أزمة اقتصادية ومعيشية يعيشها اللبناني في القرن الواحد والعشرين، إلا أنه بالدخول في مضمون هذه المراسيم نستنتج أن الدولة على غير موجة، ومراسيمها لزوم ما لا يلزم.

آخر إبداعات السلطة استحداث العشرات من وظائف كتّاب العدل، وكأن المواطن وعلى وجه الخصوص خرّيجوا كلياّت الحقوق قد نسوا مهزلة دورة كتّاب العدل عام 2018 والتي شابها الكثير من الشكوك لجهة إجراء الامتحانات وسلطة الواسطة التي تدخلت بها من ألفها إلى يائها، مع موجة الاعتراض التي وصلت إلى الشارع من قبل المتبارين الذين استُبعدوا، والتظاهر للمطالبة بإبطالها وإعادتها في ظروف سليمة، هذا عدا عن عدم وجود دوائر شاغرة ليشغلها ناجحون في الدورة المذكورة، ليصدر المرسوم الذي حمل رقم 8980 ليستحدث المزيد من وظائف كتّاب العدل في المحافظات اللبنانية.

الباحث القانوني صادق علويّة وفي حديث خاص لـ”أحوال” لفت إلى أنه في العام 2000 تم تحديد عدد وظائف الكتاب العدل بـ ٢٢٦ وظيفة موزّعة على مختلف المحافظات، بموجب المرسوم ٣٣١٥ ،

ومنذ العام ۲۰۱۷ بدأت الحكومة بهذا الأمر إلى أن وصلت الزيادة بموجب هذا المرسوم لاستحداث 50 مركز إضافي، إضافة إلى استحداث ست دوائر في محافظات جبل لبنان وعكار والبقاع وبعلبك – الهرمل أي بزيادة تبلغ حوالي 23% .

وأكد علويّة أن هذه القرارات تكون كالعادة دون أيّة دراسة واقعيّة، ولهذا نرى أنه لم يكن هناك من جدوى لكل هذه الوظائف، بل كان يقتضي الاكتفاء بالدوائر المستحدثة في عكار والبقاع وبعلبك الهرمل نسبة لعدد القاطنين وتبعا لاستحداث المحافظات، مع الإشارة إلى نسيان المرسوم لمحافظة كسروان الفتوح وجبيل واعتبر ان في لبنان ٨ محافظات وليس ٩ .

لا يجوز أن يستمر التوزيع والتفريخ وفقا للمعيار الطائفي والستة ستة مكرر وكأننا لا نزال نعيش في ظل متصرفية جبل لبنان مقابل ولاية بيروت، وعلينا أن نرقى إلى دولة المواطنية التي تعامل المواطن على أساس عادل ومتجرد وليس على أساس طائفي زبائني، وفق ما شدّد عليه علويّة.

كان أجدر على السلطة السياسية أن تنهمك في إصدار عشرات المراسيم العالقة التي تعني المواطن مباشرةً، خصوصًا في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها لبنان، أو أن تكرّس جهودها لانتهاج الخطط التي تخفف من تأزّم الواقع المرير، لكن يبدو أن السلطة تعمل على إصدار المراسيم غب الطلب ووفق ما تقتضيه المصالح الطائفية والحزبية والزبائنية، وعلى مبدأ التنفيعات، وربّما سنشهد المزيد من المراسيم في الأيام القليلة المقبلة، يصح أن نقول عنها مراسيم انتخابية.

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى