منوعات

ميقاتي “تغداهم” قبل أن “يتعشوه”! 

الجميع في الداخل اللبناني، والمعارضون قبل الموالين، يعرفون ان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي باقية في الحد الأدنى الى حين إجراء الانتخابات النيابية، وفي الحد الأقصى حتى نهاية العهد اذا تعذر تشكيل حكومة جديدة عقب الانتخابات، وربما الى ما بعد العهد اذا تعذر التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الأول المقبل.

تحت هذا السقف، تنتظم اللعبة السياسية مهما كثرت الفاولات والاحتكاكات بين اللاعبين، ومهما علا الصراخ والأعتراض من هنا أو هناك، وبالتالي فإن ميقاتي يعرف ان مطالبته بطرح الثقة في حكومته خلال الجلسة العامة في مجلس النواب، كانت مجرد قنبلة صوتية في إطار الحرب النفسية، بل المفارقة ان الجلسة انتهت عمليا الى تجديد الثقة السياسية في الحكومة، ولو بشكل غير مباشر، عندما بادر الرئيس نبيه بري وعلى طريقته الى “وأد” طرح ميقاتي في مهده فورا، رافضا بحزم الأخذ به أو مجرد الخوض فيه، موحيا بان المرحلة لا تتحمل الدخول في مغامرات سياسية على حافة الهاوية.

هي زوبعة في فنجان ميقاتي للرد على استفزاز البعض له، بعدما شعر ان قوى سياسية عدة تريد أن تخوض حملتها الانتخابية على حسابه وان تستخدم الحكومة كيس ملاكمة لزيادة الاصوات والحواصل الانتخابية، كما استنتج من نمط ردود الفعل النيابية على مسودة الكابيتال كونترول، خصوصا موقف القوات اللبنانية التي لوحت عبر النائب جورج عدوان بطرح الثقة، ما اعتبره ميقاتي نوعا من المزايدة والشعبوية لدوافع انتخابية.

بهذا المعنى، بدا ميقاتي وكأنه يريد أن “يتغدى” المزايدين عليه قبل أن “يتعشوه”، فباغتهم بطلب طرح الثقة في حكومته، مدركا في الوقت نفسه ان الظرف العام غير مؤات اساسا لذلك، وان احدا لن يتجرأ على الذهاب في هذا الاتجاه المحفوف بالمخاطر، على مسافة نحو شهر ونصف الشهر من انتخابات نيابية تحظى باهتمام دولي منحها “حصانة دبلوماسية” في مواجهة اي محاولة للتأجيل.

وانطلاقا من هذه الحقائق، ذهب ميقاتي في التحدي الى نهايته، واثقا في انه سيعود منه بسلام بعدما يكون قد سجل موقفا وأمسك منتقديه من اليد التي توجعهم، وهم الذين يعلمون ان لا بديل عن حكومة ميقاتي في هذا التوقيت وان الرجل محاط برعاية دولية، أقله الى حين انجاز الاستحقاق الانتخابي.

كذلك، فإن اي سحب للثقة من الحكومة الآن أو رحيلها طوعا، سيعني تلقائيا وقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والتي بلغت مرحلة متقدمة توطئة للتوصل قريبا الى اتفاق تمهيدي حول الخطوط العريضة، ما لم تطرأ عقبات تستدعي تأجيله، علما ان الاتفاق التمهيدي يسبق ذاك النهائي الذي قد يجري ترحيله الى ما بعد الانتخابات.

وبناء عليه، يمكن القول ان الاستحقاق الانتخابي من جهة والتفاوض مع صندوق النقد من جهة أخرى يحميان الحكومة ورئيسها حتى إشعار آخر.

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى