فيلم “The Adam Project”.. ريان رينولدز يواجه نفسه في دراما عائلية لطيفة ذات خيال علمي مُتواضع!
لطالما كانت نتفلكس تعاني في تقديم أفلام ناجحة مثلما تفعل مع مسلسلاتها لشدة الصعوبة في الارتقاء إلى مستوى تطلعات الجمهور، إلا أن جاء فيلم The Adam Project من بطولة رايان راينولدز، الذي في كل مرة يتمكن من أن يثبت بأنه تعلم درساً كبيراً من The Green Lantern وأصبحت خياراته بالأفلام التي يمثل بها ذكية دائماً. أضف إلى ذلك أنه يجتمع مرة أخرى مع المخرج شاون ليفي، الذي أخرج أيضاً فيلم Free Guy الناجح، فينجم عن ذلك فيلماً بقصة مؤثرة مليئة بالآكشن والمؤثرات الرائعة، مع طاقم ممثلين مذهل ومفاجآت غير متوقعة، إلى جانب إشارات لأفلام الخيال العلمي بشكل عام والسفر عبر الزمن بشكل خاص من السبعينيات والثمانينيات.
رحلة إلى الماضي مليئة بالأكشن والمرح والحنين
يستلهم الفيلم من أفلام عديدة من تلك الفترة مثل E.T مع فكرة طفل يخفي عن والدته وجود شخص من المستقبل ويتعاون معه ليحقق أهدافه، و Back to The Future مع مسألة العودة إلى الماضي لتصحيح المستقبل والحاضر، وStar Wars خاصة مع السيف المضيء الذي يصر آدم الصغير على تسميته كذلك في حين يعارضه آدم الكبير، وحتى هناك لمسة من Guardians of The Galaxy أيضاً مع كل تلك الأسلحة المستقبلية الملونة، وغير ذلك العديد من الأفلام الأخرى. لكن بالرغم من أنه يستلهم من تلك الأفلام كثيراً، إلا أنه لا يفعل ذلك بشكل مبتذل ويقوم بمجرد إضافة تلك العناصر ليجعل المشاهدين يشعرون بالحنين إليها فحسب، بل تمت كتابة الحبكة بطريقة ذكية تفعل ذلك بطريقة أقرب لتكريم تلك الأفلام أكثر من كونها لمجرد إثارة الحنين.
إنه فيلم لا يتمحور فقط حول تغيير المستقبل، بل أيضاً حول التصالح مع الماضي ومع الخيارات التي اتخذناها والحياة التي عشناها. لكن الجوهر الأساسي للفيلم هو العائلة. والجانب السلبي للفيلم هو أن العائلة تطغى أحياناً على حساب الشخصيات الثانوية فيه، أضف إلى ذلك أن مدة الفيلم هي ساعة و 45 دقيقة فقط، وكان يمكن إضافة المزيد من الوقت للفيلم من دون أن يكون أطول من اللازم لإعطاء تلك الشخصيات البارزة وقتاً أطول للتطور.
أما من ناحية الأكشن والمؤثرات البصرية الأخرى، فإن الفيلم كان رائعاً. حيث يقدم مشاهد قتالية رائعة سواء على الأرض باستخدام أسلحة مستقبلية مميزة ومع تصميمات قتالية مميزة، أو المعارك الجوية حيث تتواجه الطائرات في معارك إطلاق نار مليئة بالأدرينالين، أضف إلى ذلك الموسيقى التصويرية النابضة بالحياة التي تجعل المشاهدين ينغمسون بالأحداث كما لو أنهم في قلب الفيلم.
قصة فيلم The Adam Project
تدور أحداث الفيلم حول الطيار آدم الذي يحيا في عالم 2050، ولكنه يقرر السفر عبر الزمن من أجل مهمة محددة ولكنه ينتقل بالخطأ إلى عام 2022، ليقابل النسخة الأصغر سنًا منه، والتي تساعده من اجل انجاز مهمته التي سافر من أجلها، ويبدأ آدم كذلك بالبحث عن تحسين علاقته بوالده.
يلعب رايان راينولدز دور آدم، وهو رجل قادم من المستقبل يلتقي بذاته اليافعة أثناء سعيه لإنقاذ زوجته من شيء يتكشف شيئاً فشيئاً على مدار الفيلم. ويقدم راينولدز أداءً من أفضل ما قدمه على الإطلاق، في دور نسخة أكبر سناً وأكثر غضباً وإرهاقاً من الحياة ومن كل ما مر فيه وعاناه. فيجمع بكل براعة بين حس الفكاهة الذي يشتهر فيه وبين المشاعر المؤثرة التي يعيشها عندما يعود إلى ماضيه وخاصة خلال فترة مؤلمة من حياته، ليقدم مجموعة متدرجة من كل المشاعر من دون أن يفقد هوية راينولدز وحس الفكاهة الرائع الذي بات الجمهور يتوقعه وينتظره منه في كل أفلامه.
ويقابله بروعة الأداء المثير للمفاجأة ووكر سكوبيل بدور آدم الصغير في أول ظهور له على الشاشة، والذي ينجح بشكل مثير للإعجاب بمضاهاة راينولدز الذي هو ممثل راسخ ذو شعبية كبيرة بالفعل, فلا يقدم أداء يقوم فيه بتقليد راينولدز بل أنه يقدم شخصيته بشكل طبيعي جداً لدرجة تجعلنا نتمكن من تخيله فعلاً بأنه نفس الشخص الذي سيكبر ويصبح رايان راينولدز البالغ.
لقاء مع الذات!
في “مشروع آدم” يتابع المشاهدون رحلة “آدم” الخطرة في الزمن، وسعيه لتصحيح أخطاء الماضي، وحينما يصل بمركبته المُستقبلية في زمن خطأ يلتقي بشخصيته وهو صبي صغير الحجم لا يتجاوز عمره 12 عاماً، ويجد نفسه مُرغماً على استعادة مشاعر ومشاكل مرحلة الصبا؛ مثل حزنه على فراق والده الراحل، وتنمر زملاءه به في المدرسة، وهى مشاكل تبدو بسيطة وتافهة مُقارنة بمطاردة فريق من الأشرار من المستقبل، تقودهم إمرأة خطرة تسعى للقضاء عليه، وحقيقة أن عليه طلب العون من “آدم” الصغير، وتحمل جموحه وعناده.
تدور الأحداث في عام 2022، وهو الزمن الماضي بالنسبة لآدم القادم من عام 2050، وبينما السفر في الزمن أصبح واقعاً مألوفاً في المستقبل لكنه لا زال أمراً خيالياً في الحاضر، وفي عالم آدم الصغير “ووكر سكوبيل” يبدو الأمر وكأنه دخل في قلب لعبة فيديو مثيرة؛ فهو يُشاهد مركبة طائرة متقدمة يُمكنها التخفي، ويتعرف على نفسه وقد أصبح شاباً مفتول العضلات، يجيد الطيران والقتال، ويمتلك حقيبة مُعدات وأسلحة شديدة التقدم، وينبهر الصبي بذاته البعيدة كثيراً عن شخصيته الضعيفة التى تُعاني الوحدة والحزن والضعف.
من أفضل عناصر الفيلم، وربما سر تميزه هو العلاقة بين شخصية “آدم” الناضج وذاته الصغيرة، وبينما يرى الصغير مستقبله بفضول طفولي، تُحاول نسخته الأنضج حل بعض مشكلات الصغير، وأهمها دفعه للتعبير عن مشاعره الحقيقية نحو الأم الأرملة “جينفر جارنر”، التي تُحاول مواصلة حياتها بصعوبة بالغة.
مشكلة السفر عبر الزمن!
عنوان الفيلم هو “مشروع آدم”، وهو إسم المشروع العلمي الذي كان “مارك روفالو” والد “آدم” يعمل عليه، ولكن الفيلم لا يتعامل مع فكرة السفر عبر الزمن بحبكة مُعقدة أو تفاصيل علمية مُركبة، بحيث يتراجع المشروع العلمي إلى خلفية الأحداث. في المقابل تقدم علاقة “آدم” الناضج مع نسخته الصغيرة درامياً، وهذه العلاقة قائمة على الجدل والمشاكسة بين “آدم” الناضج ونسخته الطفولية، ويمنح ثنائي “ريان رينولدز” و”ووكر سكوبيل” الفيلم أحد أهم مميزاته، وإختيار “ووكر” للعب دور رينولدز في سن صغيرة أمر صعب؛ لأن متطلبات الدور تتطلب القدرة على التعبير عن إنفعلات تحاكي إنفعالات “رينولدز”، وبينما كان “ريان رينولدز” يُؤدي دوره بأسلوبه الخاص؛ حيث ينتقل بمشاعره من الأداء الغاضب والحزين إلى الكوميدي والأكشن، ويستغل كل موقف ليلونه بسخرية تُميز أدائه، كان الطفل “ووكر سكوبيل” يستنسخ هذا الأداء ويمنحه سلوكاً صبيانياً، لنرى نسخة طفولية من “رينولدز” لا تُقلد الأصل بصورة سطحية، ولكنها لا تختلف كثيراً عن الأصل.
في نهاية المطاف، تجتمع كل العناصر لينجم عنها فيلم مميز سيعجب الأطفال والكبار وحتى العجائز على حد سواء إنه ليس فقط فيلماً ترفيهياً مسلياً للعائلة، بل أنه يحمل عمقاً كافياً يجعله من بين الأفلام البارزة التي لا بد أن نوصي بمشاهدتها للجميع.