لائحة خامسة في كسروان جبيل وتنافس على “الأنا” و”رفع الهيمنة”
أيام تفصل المرشحين للانتخابات النيابية قبل إتمام صورة اللوائح الانتخابية التي تخوض على أساسها الاستحقاق الانتخابي وسط وضوح رؤية الأحزاب والتيّارات الرئيسية في المشهد السياسي لكافة الدوائر، وتذبذب الشخصيات المستقلة التقليدية منها والإقطاعية كما قوى التغيير المنقسمة على نفسها.
في دائرة جبل لبنان الأولى كسروان جبيل، التي تمتلك رمزية خاصة بالنسبة لموارنة لبنان، يسود التنافس الحاد على الحواصل مسببًا حربًا كونية بين فعاليات المنطقة التي تفرّقت على مقياس زلزال “الأنا” أو لا أحد. المعركة الانتخابيّة التنافسيّة الحادّة بين القيادات المسيحية اختارت بمعظمها شعار مواجهة مشروع محور “الممانعة” على القرار اللبنانيّ، وفق ما غلب من المشاريع التي تتبنّاها لوائح سياسيّة عدّة رئيسيّة وغابت العناوين الخدماتية والإنمائية التي حُرمت منها الدائرة وغالبية القضاءين.
حتى الآن، حسمت بعض القوى أمرها لجهة تأليف اللوائح فيما يخيط آخرون “رقع” الأرقام وفق مقاييسه الخاصة. في دائرة كسروان جبيل المعركة “على المنخار” والحرب ليست بسهلة بسبب تناول أبرز مرشحيها من صحون الحواصل الانتخابية نفسها، المشهد تسوده الضبابية نتيجة عدم اكتمال اللوائح الانتخابية وافتراق عدد كبير من شخصيات المنطقة نتيجة انشطار الطموحات والشعارات و”الأسعار” الحارقة!
رمزية انتخابات هذه الدائرة سياسية، فهي تُبين أحجام أبرز الأحزاب والقوى والشخصيات السياسية. ومن هذه الدائرة، التي أعطت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أكبر كتلة نيابية في أول استحقاق خاضه بعد عودته من المنفى، يخوض التيار الوطني الحر الاستحقاق اليوم في وجه حلفاء سابقين، وفيها أيضاً مرشح لحزب الله تقوم الشعارات الانتخابية للوائح الأخرى على محاربته وإسقاطه!.
دقة المعركة في كسروان حتى الآن لا تنسحب على نظيرتها في جبيل فهي شبه محسومة: مقعدان مارونيان أحدهما لمرشح التيار الوطني الحر النائب سيمون أبي رميا والآخر لمرشح القوات النائب زياد حواط، أما المقعد الشيعي فسيفوز به وفق تقديرات الماكينات الانتخابية لكافة الأطراف مرشح الثنائي الوطني رائد برو.
أما باقي المقاعد المارونية الخمسة في كسروان فتنتظرها معارك طاحنة على الصوت الواحد. وعلى الرغم من الإحصاءات وعمل الماكينات الانتخابية إلا أن الصورة حتى اليوم غير واضحة، والذبذبة الحاصلة سببها “مشاكس” جبيل ورئيس المجلس “الوطني لرفع الاحتلال الإيراني” فارس سعيد ورفيقه الكسرواني منصور غانم البون. إعادة تموضع الرجلين وحيرتهما في اختيار الانضمام للائحة واحدة من اللوائح المنجزة أربكت معظم الشخصيات الكسروانية وخففت من تأثير لوائحها.
خلال الأشهر الماضية خاض الثنائي سعيد والبون مفاوضات شاقة لدخول اللوائح الانتخابية أفضت بمعظمها إلى الفشل، الأمر الذي أغضب إبن قرطبا فارس سعيد ودفعته إلى كيل الاتهامات لمؤلفي اللوائح. ومما قاله “يحاول بعض المتمولين المخضرمين “شراء” بعض المرشحين “الجدد” في جبيل كسروان، كما “يشتري “Liverpool أوً Manchester اللاعبين الأقوياء”.. ولا يتورّع، صبحًا ومساءً، عن مهاجمة من يعتبرهم “رفاق السياسة” بتحميل “من يدّعي “القدرة” على المواجهة ويمتلك عناصر قوة مالية وسياسية مسؤولية انتخاب نائب من حزب الله في دائرة جبيل كسروان”. ويُضيف “الاستفاقة بعد الوقت خطأ كبير”. وكان منصور البون في ذلك الوقت يتفاوض مع التيار الوطني الحر ما يعني الافتراق عن سعيد.
سعيد الذي يؤكد أنه لن يٌعيد التعاون مع فريد هيكل الخازن ويرفض “تسعيرات” نعمت افرام، بات أمام خيار وحيد وهو تشكيل لائحة مع من وقف معه في “معركته”. البحث في لائحة جديدة تقدّم وقوامها كل من سعيد والبون، فيما الأسماء الأخرى سيتم الإعلان عنها خلال يومين بحسب سعيد، حتى لا تحترق شخصياتها ويقول سعيد “ساعات قليلة تفصلنا عن إعلان اللائحة”.
إذاً لائحة خامسة تنضم إلى أربعة لوائح شبه منجزة في دائرة كسروان جبيل وهي:
لائحة التيار وحزب الله التي تجمعهما بعد افتراق في العام 2018 ضمن لائحة شبه منجزة، تتألف من: الوزيرة السابقة ندى البستاني، ربيع زغيب، بسام سلامة، أنطوان كريدي، فيما لا يزال المقعد الخامس غير محسوم. في المقابل، يرشح التيار في جبيل كلاً من: أبي رميا والنائب السابق وليد الخوري وهو صهر نعمت افرام، إلى جانب مرشح الثنائي الوطني رائد برو. تحسم اللائحة حتى الآن مقعدين مارونيين ومقعد شيعي.
لائحة “القوات اللبنانية” وحلفائها الحالمة بحدوث انتفاضة شعبيّة في صناديق الاقتراع رفضاً لتسليم محور “حزب الله” زمام التحكّم بالبلاد بعد اليوم، وتضم في جبيل كلّاً من النائب زياد الحواط، الطبيب والناشط في الحقل العام حبيب بركات، والمرشح الدائم على لائحة القوات محمود عوّاد الناشط في مواجهة مشروع “حزب الله”. وعن كسروان تضم اللائحة كلا من النائب شوقي الدكاش، والخبير الدستوري والقانونيّ أنطوان صفير، كارن البستاني، شادي فيّاض المنتمي إلى “القوات”، ورجل الأعمال جو رعيدي.
اللائحة الثالثة يرأسها النائب المستقيل نعمت افرام بالتحالف مع مرشح الكتائب سليم الصايغ، وتضمّ: جولي دكاش، وجدي ثابت، نجوى باسيل وأمير المقداد عن جبيل، فيما تُرك المقعد الكسرواني الخامس شاغراً بانتظار جلاء التحالفات، ولا سيّما لائحة منصور البون ــــ فارس سعيد. الإحصاءات تشير حتى الآن فوز اللائحة بمقعد وحيد لرئيسها افرام، فيما يتحدّث المرشح المقداد عن “تغيير جذري في مزاج الناخبين قد يُنتج مفاجآت”. هذه المفاجآت يسرّبها البعض على أنها صب أصوات مارونية لصالح أمير المقداد لضمان حاصل ثاني على لائحة افرام يُسقط المرشح رائد برو!.
لائحة رابعة يقودها مرتبكًا النائب فريد هيكل الخازن، المدعوم من سليمان فرنجية، وهي “مهتزة” حتى الآن بسبب ضمّها تشكيلة متناقضة التوجهات وحصول مفاوضات جانبية لأعضائها “المحتملين” مع مجموعات أخرى. وتجمع اللائحة الكتائبي السابق شاكر سلامة، المقرب من بهاء الحريري وحامل شعار محاربة نفوذ حزب الله سليم الهاني، العونيان السابقان، شامل روكز، الذي يتواصل حتى اللحظة على خط آخر مع مجموعات من 17 تشرين ومع “مواطنون ومواطنات في دولة”. وتوفيق سلّوم، فيما لم يُحسم المقعد الخامس بعد فشل المفاوضات مع سعيد والبون. وعن جبيل تضم اللائحة إميل نوفل، الذي يأخذ من أصوات مرشح القوات زياد الحواط، والطبيب طوني خير الله ورجل الأعمال أحمد المقداد، الذي يؤكد في لقاءاته “قربه” من “مشروع” الثنائي الشيعي.
أما قوى التغيير ومنها مجموعات من 17 تشرين وحزب سبعة ومواطنون ومواطنات التي ترشح عددًا لا بأس به من الأسماء فلا تزال تبحث حتى الآن عن عناصر لائحتها بعدما فرقتهم الشعارات والطموحات.
في ظل هذا المشهد قد تكون دائرة كسروان جبيل أمام تنافس كامل بين ستة لوائح أو خمسة على أقل تقدير في حال نجح سعيد والبون في تشكيل لائحة منفردة أو ضم مرشحي الحراك المدني في لائحة واحدة. وفي كل الأحوال ثمّة معركة جدية وشاقّة بين ممثلي الموارنة على الفوز بالحواصل الانتخابية، ولكل مهم “أناه” وسط طموح متعال للاستحواذ على أكثرية نيابية وسط وميض شعارات لا تُلامس الواقع المعيشي لمحن الناس.