مجتمع

صيدا تغرق بالنفايات 

بدأت شوارع مدينة صيدا تغرق بأطنان النفايات بعد توقف شركة جمع النفايات عن عملها، ما قد يؤدي إلى تداعيات كارثية على المدينة التي لاتزال تعاني من الآثار البيئية لجبل النفايات الذي يزداد حجمه يومياً في محيط معمل المعالجة في سينيق.

وتناقلت أوساط صيداوية أن هناك إتهامات متبادلة بين الإدارتين القديمة والجديدة للمعمل حول إهمال وسرقات وسوء إدارة يدفع ثمنها سكان مدينة صيدا.

بعد شهور من التوقف عن العمل انتشرت صور صادمة لأطنان النفايات المكدّسة داخل معمل معالجة النفايات في صيدا الذي تديره شركة IBC المملوكة معظم أسهمها من قبل خمسة مستثمرين سعوديين، وقد تحوّل المعمل إلى مكب بعدما ملأت آلاف الأطنان من نفايات صيدا والجوار الهنغارات الثلاثة وغمرت آلات التشغيل وفاضت لتغطي الممرات والساحات بارتفاع فاق الأربعة طوابق، فيما آلات المعمل التي يبلغ ثمنها ملايين الدولارات تقف عاجزة عن معالجتها.

المعمل الذي أُنشئ من سنوات عدّة واحتفلت بتشييده الدولة وفاعليّات صيدا ومنطقتها، التي اعتبرته من أهم الإنجازات التي تحققت في صيدا، وقال رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي حينها: استطعنا بداية أن نؤمن معمل المعالجة للنفايات وهو يكاد يكون الوحيد من نوعه في لبنان في الوقت الحاضر، والحل الذي اُعتمد في صيدا هو نموذج يجب أن يُعمم على جميع المناطق، ومعمل معالجة النفايات في صيدا يستطيع معالجة 500 طن من النفايات يومياً، وهو يعمل حالياً بنصف قدرته، أي أنه فعلياً قادر على معالجة نفايات صيدا– الزهراني بالإضافة إلى منطقة إقليم الخروب (جبل لبنان).

يُذكر أنه قبل بناء المعمل كانت تتكدس النفايات المنزلية في الهواء الطلق بمحاذاة شاطئ البحر ما عُرف حينها بـ “جبل النفايات” وكان من أكبر المشاكل البيئية التي تواجه صيدا ومنطقتها.

أما واقع الحال اليوم فإنه ينذر بكارثة بيئية بعدما توقع معمل فرز النفايات عن العمل بسبب الصعوبات التي تواجه الشركة المشغّلة، وعدم تحمّل المسؤوليّات المتعلّقة بتشغيل المعمل وفرز ومعالجة النفايات في نطاق اختصاصهما، مقابل نحو مئة دولار عن الطن الواحد، يتمّ صرفه من صندوق بلدية صيدا واتحاد بلديات صيدا – الزهراني؛ علماً بأن المعمل يستقبل يومياً من صيدا وبعض قرى الجوار نحو ثلاثمئة طنّ، إضافة الى نحو مئتين وخمسين طناً من نفايات بيروت، التي ظلّ المعمل يستقبلها لأكثر من سنة.

ويعود سبب تراكم النفايات بهذا الشكل المخيف إلى عدم القيام بأعمال الصيانة أو عدم توافر التيّار الكهربائيّ أو المازوت، ممّا أدى إلى توقّف المعمل عن العمل، وتجميع النفايات في الداخل والمحيط، حيث ارتفعت سلسلةٌ من تلال النُفايات ومن عوادمها، علماً بأن مساحة كبيرة من مياه البحر، ضمن منطقة أعمال الردم، وتُشبه البحيرة، يجري تغطيتها تباعاً بكمّيات كبيرة من العوادم والنفايات والأتربة.

النائب الدكتور أسامة سعد حمّل إدارة “معمل النفايات” المسؤولية عن كلّ الأضرار الناجمة عن عودة تلال النفايات، مؤكداً تلوّث التربة ومياه البحر بالعصارة السّامة التي تفرزها النفايات، داعياً بلدية صيدا ووزارة البيئة والقضاء المختص للمسارعة إلى التحرك من أجل إلزام إدارة المعمل بمعالجة الكميات الكبيرة من النفايات المتراكمة، ومن أجل وضع حد لتفاقم الأضرار على الناس والبيئة.

أما رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي فقد أكّد متابعته لكل التفاصيل المتعلقة بمعمل النفايات، موضحاً بأن المعنيين عن المعمل لا ينفون أبداً تراكم تلال النفايات من جديد، وأن الجزء الكبير منها قديم، وليس حديثاً، ويعود إلى الفترة التي توقف فيها المعمل عن العمل بسبب تعطّل المولّدات التي تعمل على الغاز وتغذّي المعمل بالطاقة، لافتاً إلى أن المعنيين استعانوا بمولّدات تعمل على الديزل، إلا أن هذا الأمر لم يعطِ النتيجة المرجوّة للمعالجة اليومية لأطنان النفايات بنفس قدرة المعالجة التي كانت تعطيها المولّدات، التي تعمل على الغاز، وذلك لعدة أسباب، أهمّها ارتفاع تكلفة المازوت، إضافة إلى ندرته في سوق المحروقات، وهذه الأمور مجتمعة قد أدّت إلى هذا التراكم لأكوام النُفايات.

ويبقى السؤال هل ستتم محاسبة المقصرين في هذا الملف أم ستبقى قصة ابريق الزيت؟!.

 

خليل العلي

صحافي ومصور فلسطيني يعمل في مجال الصحافة المكتوبة في عدة وسائل إعلامية عربية وفلسطينية، عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى