جنبلاط يقود المواجهة المفتوحة… ارسلان ووهاب يحاولان فرض التوازن الدرزي
في ظل التسريبات المتعمدة وغير المتعمدة، وبعد جمع العديد من المعطيات والمعلومات، وضح بشكل جلي أن معظم ما جاء في وسائل الاعلام فيما يتعلق بالساحة الدرزية، كان اجتهادات شخصية من جهة، وشد عصب جنبلاطي من جهة أخرى، وما وضح أكثر بأن الكلام عن تحجيم وخسارة للعديد من المقاعد مجرد كلام بكلام.
بداية من الشوف، فإن الارقام تشير إلى معركة حتمية على المقعد الدرزي بين الاشتراكي ورئيس حزب التوحيد الوزير السابق وئام وهاب، ويبدو أن جنبلاط لن يفوز بالمقعدين الدرزيين، رغم أنه مقتنع باهمية عدم التنازل أو التضحية بمقعد درزي مقابل الحصول على مقعد مسيحي ومقعد سني كحد أدنى.
في عاليه سيفوز الاشتراكي بمقعد درزي للنائب أكرم شهيب ومقعد مسيحي لم يحسم صاحبه بعد، وتفيد المعلومات أن جنبلاط يتجنب خوض غمار ترشيح درزيين في عاليه لأسباب متعددة أبرزها أنه في حال تمكن رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان من الفوز ستلتغي هذه الترنيمة الطويلة منذ سنوات أن أرسلان يفوز بالتزكية الجنبلاطية، إضافة إلى أن جنبلاط يدرك أنن إقفال المقعد يزيد من شد العصب الارسلاني في كل المناطق، ناهيك عن خوف جنبلاط أن يفوز بالمقعد احد شخصيات الحراك المدني، مما يفتح لهم أبواب المنازلة المقبلة في الشوف وباقي المناطق.
إلى دائرة بعبدا، يبدو أن جنبلاط سيحتفظ بالمقعد الدرزي عبر النائب هادي أبو الحسن، ولايبدو حتى الساعة أن هناك منافساً يشكل خطراً حقيقياً عليه، الا اذا أراد الثنائي الشيعي مجتمعاً دعم مرشح ما لارسلان في الدائرة.
اما راشيا، سيحتفظ النائب وائل ابو فاعور بالمقعد رغم كل ما يقال، وفرصة طارق الداوود ليست بالكبيرة، علمًا أن الوزير حسن مراد قد يستطيع الفوز بعدد لا بأس به من المقاعد، ولكن الدعم السني لأبو فاعور من قواعد تيار المستقبل قد يعطيه الأفضلية.
في بيروت الثانية حيث لا حضورًا درزيًا عددياً، والدور الأكبر هو للصوت السني والشيعي، والثنائي سيوزع اصواته ما بين المرشحين الشيعة الاثنين والنائب السابق نجاح واكيم، والذي تؤكد المعلومات انه اخذ الضمانات الكافية للسير بالترشح، والمرشح الاضافي الممكن للتيار الوطني الذي من الممكن أن يشكل وجمعية المشاريع الخيرية (الاحباش) لائحة مستقلة، اما الاصوات السنية ستتوزع على اللوائح الأخرى.
يحاول ارسلان أن يفوز مقعد بيروت عبر أحد مرشحيه الوزير السابق صالح الغريب الذي لا حضور له في بيروت بل ينشط في منطقة الغرب في عاليه، ونسيب الجوهري ابن عرمون وهو من عائلة كبيرة و سبق ان ترشح في دورة 2018 وسحب ترشيحه بعد رفض الثنائي ضمه الى لائحته إكراماً لجنبلاط، رغم تمايز الجوهري بالعلاقة الجيدة مع الجميع من الثنائي الشيعي إلى الاشتراكي، على عكس الغريب حيث لا تزال قضية قبرشمون ترخي بظلالها على العلاقة مع الاشتراكي، ولم يظهر له أي نشاط في بيروت التي يدين غالبية الدروز الساحقة فيها إلى وليد جنبلاط.
في حاصبيا، الواضح أن المقعد هو بيد الثنائي الشيعي حصرًا، والواضح أكثر أن حصول أرسلان عليه من الأهمية بمكان نتيجة الحضور التاريخي للارسلانيين في المنطقة، حيث أن هناك منطقة تسمى المجيدية تيمنا بالامير الراحل مجيد ارسلان، ومع العلم ان المعطيات توحي ان أرسلان يحاول الفوز ببيروت وحاصبيا، رغم ان مقعد بيروت ليس مضمونًا بالمطلق، بل مرتبط بعدد اللوائح، وهو رهينة مستمرة للتقلبات لان لا قاعدة شعبية تحميه، وهذا المقعد الذي شغله عدة نواب دروز في السنوات الثلاثين الماضية تبعاً للمزاج السني البيروتي، وللعلاقة مع الاشتراكي، بعكس مقعد حاصبيا حيث يتمتع ارسلان بالحضور المهم والتاريخي، وابرز المرشحين الطبيب وسام شروف المحسوب على أرسلان والذي تربطه علاقات جيدة مع مختلف الاطراف في المنطقة وسبق ان خاض الانتخابات في سنة 2009 وسنة 2018، وحصل على نسبة جيدة من الاصوات ونسج شبكة علاقات مع قرى العرقوب السنية، ومروان خير الدين الوزير السابق عن الديمقراطي في حكومة ميقاتي الاولى، واخ زوجة ارسلان وابن اخت النائب أنور الخليل، وهو المصرفي وصاحب بنك الموارد، الناشط في العمل المالي، لكن لاحضور لديه في حاصبيا على الإطلاق والذي حتى اللحظة كل المعطيات والتسريبات، والمعلومات من مقربين منه تؤكد عدم رغبته الترشح لأسباب عديدة، أبرزها التواجد على لائحة الثنائي، وهو ما قد يعرضه لخطر العقوبات، رغم أن البعض لمح إلى أن خير الدين قد يترشح بالتفاهم مع الاميركي، اذا استطاع اقناعهم، وهو الامر الذي يبدو صعباً للغاية حتى الان، وهذا ما يجعله أسير الحركة والخطاب وخصوصا بعد رفع حزب الله سقف المعركة الانتخابية واعتبارها حرب تموز سياسية، وما قد يشكله وجود صاحب مصرف من عبئ للحزب أمام قواعده الشعبية التي خسرت اموالها في المصارف وخصوصاً ما يُسرب عن تفاهم مع الاميركي حول الموضوع، وحتى لو أتى الترشيح من الرئيس نبيه برّي الذي بدوره حريصاً على اموال المودعين قد يشعره الأمر بالاحراج مع قاعدته المقيمة والمغتربة.
في المحصلة، سيحتفظ جنبلاط بزعامة الدروز بخمسة نواب بالحد الأدنى، مع احتفاظ ارسلان بمقعده في عاليه، اضافة إلى بيروت وحاصبيا أو احدهما، ولن ينجح وهاب بالوصول إلى البرلمان الا بمعجزة، رغم الوضوح في تأييده من الثنائي، لان جنبلاط يعتبرها ام المعارك بالنسبة إليه، ولن يسمح لاحد أن يقاسمه الشوف، مع الإشارة إلى أن الحزب القومي فرع الروشة يحاول جاهداً الحصول على مقعد بيروت مقابل اعطاء ارسلان اصوات الحزب في عاليه والشوف، الذي هو في امس الحاجة إليها نتيجة تصاعد حضور المجتمع المدني الذي قد يفاجئ الجميع بحجم أصواته، والتي من الممكن ان تشكل خطراً جدياً عليه. لكن تبقى الايام القليلة المقبلة كفيلة بتوضيح الصورة بشكل كامل.
محمد المدني