ماذا يحصل في قلعة صيدا البحرية؟
ما إن انطلقت عملية الترميم والصيانة في قلعة صيدا البحرية حتى أُثيرت ضجة كبرى في الأوساط الصيداوية واتهام الجهة التي تقوم بالأعمال بأنها لا تراعي الحواضر التاريخية وخاصة بعد استخدام الإسمنت والحديد المجدول.
تجمُّع علِّ صوتك: فضيحة في صيدا برسم المسؤولين
أول من أثار الضجة “تجمّع عل صوتك” الذي أصدر بياناً جاء فيه: تناقلت الأخبار عن عملية ترميم وصيانة تستهدف القلعة البحرية في صيدا، لكن زيارة ميدانية للموقع أظهرت غياب القواعد العلمية والفنية للترميم، اذ ما يحصل حالياً يعرض القلعة البحرية لتشويه بنيوي ومعماري فاضح، حيث تجري أشغال بهدف “الترميم والصيانة” في عملية بعيدة كل البعد عن الأصول المعمارية والهندسية التي تعتمد لترميم الحواضر التاريخية، وما يجري تشويه واضح لإرث تاريخي في المدينة يمكن وصفه بتخريب غير واع.
انهم يستخدمون الحديد المجدول والإسمنت في تدعيم وإعادة بناء القناطر التاريخية التي يعود تاريخ بناءها إلى نحو الف عام، وهذا العمل يؤثر سلبياً على الحضور المادي التاريخي والمخزون الثقافي المرتبط بهذا الإرث.
رب من يقول، ان هذا العمل من صلاحية وزارة الثقافة، وهذا امر صحيح، لكن القلعة البحرية لها قيمة تاريخية وثقافية صيداوية، تشكل إرثا للمدينة، وعنصر من أهم عناصر هويتها التاريخية. وإذا كانت وزارة الثقافة تتحمل مسؤولية هذه الفضيحة، فإن من يغطيها، ويسكت عنها هو شريك بالفضيحة.
اين دور السلطات المحلية في متابعة هذه الأمور البلدية، وما هو موقف نائبي المدينة وفاعلياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية؟.
إننا في تجمع علّ صوتك ندعو بلدية صيدا، بصفتها السلطة المحلية في المدينة إلى تكليف فريق هندسي معماري للكشف عما يحصل في القلعة البحرية، وإيقاف العمل فوراً وإعادة البحث بأصول الترميم وشروطه المرتبطة بالإرث التاريخي والثقافي للمدينة.
رئيس بلدية صيدا: لسنا الجهة المسؤولة عن أعمال الترميم
رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي أوضح أن البلدية ليست الجهة المسؤولة عن أعمال الترميم والصيانة، بل وزارة الثقافة التي تشرف على كل العملية وتجري بهبة من السفارة الأميركية، مؤكداً أن الوزارة تتشدّد عادة في إعطاء أي رخصة للترميم في صيدا القديمة حيث المعالم الأثرية والتاريخية، فكيف الحال وهي تنفّذ هذه الاشغال؟ معرباً عن اعتقاده بـأنها تجري وفق الأصول لجهة عملية التدعيم والتقنية، غير أن المستغرب ان البعض حمّل البلدية المسؤولية من دون أن يكون لها أي دخل فيها، وحتى معرفة تفاصيل عملية الترميم.
النائب أسامة سعد دعا إلى وقف أعمال الترميم
دعا الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد إلى وقف مؤقت لأعمال الترميم والتدعيم التي تقوم بها المديرية العامة للآ ثار في قلعة صيدا البحرية، وذلك بالنظر لوجود ملاحظات جدّية حول ملاءمة التقنيات المستخدمة في هذه الأعمال عبّر عنها مهندسون معماريون ومدنيون ومختصون بأعمال الترميم للمعالم التاريخية.
كما دعا إلى التنسيق بين بلدية صيدا وأصحاب الخبرة والاختصاص، من صيدا وخارجها، مع وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار بهدف الوصول إلى اعتماد المعايير الأفضل في الأعمال الجارية في القلعة حفاظاً على هويتها التاريخية، وعلى ما تمثله من إرث تاريخي وثقافي كبير الأهمية لصيدا وللبنان عموماً، ونوّه سعد بزيارة وفد نقابة المهندسين إلى القلعة، كما نوه بتصريح النقيب عارف ياسين معبراً عن تبنيه لمضمون هذا التصريح.
نقيب المهندسين تفقّد أعمال الترميم ودعا إلى توقيف الأعمال
جال نقيب المهندسين عارف ياسين، في قلعة صيدا البحرية، متفقدا أعمال الترميم، وبعد الاطلاع عليها دعا ياسين إلى وقف أعمال الترميم الجارية فيها، وقام ياسين بجولته الميدانية بدعوة من تجمع المهندسين في صيدا والجوار وتجمع “علّ صوتك”، واستمع إلى عدد من الخبراء في الهندسة المعمارية والمدنية وترميم المعالم الآثرية والتاريخي، وإثر الجولة قال ياسين: هذا المشروع يجب أن يتوقف على أن نبحث ما هي تقنياته وأين الأخطاء وأين الخلل، وهذا سيتم بأقرب وقت، مضيفا: نحن لم نأت إلى هنا لنعرقل على الإطلاق، هناك أمور يلزمها تدعيم، ونحن مع تدعيمها، ولكن يجب أن تتم الأمور حسب المواصفات والمعايير.
وأشار إلى أن البداية تكون بتأمين مستلزمات السلامة العامة للعاملين والزائرين ومن ثم الموضوع التقني وكيفية ترميم الأثار، لافتاً إلى أن هناك مدارس عديدة للحفاظ على الهوية التاريخية والثقافية، ودعا الى “توقيف المشروع أولا، ثم تناقش في البلدية مع المختصين أمور ترميم الاثار وتنظيم المدينة وبالتنسيق مع وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار.
وأكد أن هناك اختصاصات وخبراء في مدينة صيدا وخارجها أيضا، وهذا الموضوع ليس محلياً، لأن قلعة صيدا هي لكل لبنان والمنطقة، وهي رمز وهوية تاريخية وثقافية.
وزارة الثقافة ترد: ما توصوا حريص
أصدرت وزارة الثقافة – المديرية العامة للآثار بياناً حول أعمال ترميم وصيانة قلعة صيدا البحرية جاء فيه: تعقيباً على ما تناوله بعض وسائل التواصل الإجتماعي عن أعمال الترميم التي تجري حالياً في قلعة صيدا البحرية، يهم وزارة الثقافة- المديرية العامة للآثار أن تحيط الرأي العام اللبناني عموماً والصيداوي خصوصاً بالمعطيات الآتية:
حفاظا على تاريخ وإنشاءات قلعة صيدا البحرية، ولحمايتها من الأضرار التي لحقت بها جراء العوامل الطبيعية، تقوم وزارة الثقافة- المديرية العامة للآثار، وتحت إشرافها المباشر، بأعمال ترميم وصيانة لهذه القلعة التاريخية وهي تراعي الشروط والمعايير العالمية المعتمدة، وتحافظ على القيمة التاريخية والثقافية للقلعة من حيث الأصالة، ويقوم بها فريق من الخبراء المختصين في هذا المجال. إن وزارة الثقافة تشكر الغيورين على حواضر لبنان التاريخية، وتدعوهم إلى التعاون والتنسيق معها للحفاظ على تراثنا التاريخي، وفي هذا السياق يصح المثل الشعبي القائل: “ما توصو حريص”.
خليل العلي