ريفي يتراجع في طرابلس: هل ينقذه تحالفه مع “القوّات اللبنانية”؟
أين أشرف ريفي اليوم؟ سؤال يتبادر إلى الذهن كلّما جرى استعراض الواقع الإنتخابي في طرابلس، ومعها الضنّية والمنية، اللتين تشكلان مع عاصمة الشّمال دائرة إنتخابية واحدة هي دائرة الشّمال الثانية، في محاولة للإستفسار عن وضعه الإنتخابي وشعبيته في المدينة الشّمالية.
شأنه شأن بقية القوى والمرشّحين الآخرين في طرابلس، لم تتحرّك ماكينة ريفي حتى الآن، بانتظار ما ستحمله الأيّام المقبلة من تطوّرات متعلقة بشأن الإستحقاق الإنتخابي المرتقب، بعدما نُقل عن ريفي قوله أمام مقربين منه بأنّ الإنتخابات “لن تجرى في موعدها المقرّر في 15 أيّار المقبل، وستتأجل إلى موعد لاحق”.
ومع أنّ بعض التسريبات الإعلامية تحدثت عن أنّ ريفي “بدأ يُجهّز ماكينته الإنتخابية تمهيداً لخوض غمار الإنتخابات”، فإنّ مقرّبين منه لفتوا إلى أن “الماكينة تتحرّك ببطء، ويقتصر عملها حالياً على بعض الأمور اللوجستية فقط”.
في هذا الحين ينشط ريفي بمواقفه التي يطلقها بشكل شبه يومي عبر منصّات وسائل التواصل الإجتماعي، وتحديداً “تويتر”، وكانت آخر تغريدة له اليوم الأربعاء، 16 شباط / فبراير الجاري، عندما أشار إلى أنّ “التحلل أصاب بنية الدولة، وبات لبنان نموذجاً لانهيار لم يشهده أيّ وطن، والمافيا مستمرة بالمحاصصة والسّطو على ما تبقى”، متهماً إيّاها بـ”جعل لبنان دولة فاشلة، وقريباً سيصبح بسببكم دولة مارقة”، قبل أن يختم بأنّ “المحاسبة قريبة بإذن الله”.
لكنّ هذه المحاسبة التي يتوعّد بها ريفي خصومه و”المافيا” كيف سيترجمها على أرض الواقع، وهل يعتبر أنّ الإنتخابات النّيابية المقبلة فرصة له ولكثيرين لتحقيق هذا الهدف؟
في دورة الإنتخابات الماضية حصل ريفي على 5931 صوتاً تفضيلياً في طرابلس، ونالت لائحته “لبنان السيادة” 9656 صوتاً تفضيلياً، ما جعلها بعيدة عن تأمين الحاصل الإنتخابي الذي كان يبلغ حينها 13311 صوتاً تفضيلياً، وبالتالي عجز ريفي عن الفوز بمقعد نيابي، بالرّغم من الهالة الكبيرة التي أحاط بها نفسه حينها، وتوقّعات البعض بأنّه سيكتسح الشّارع الطرابلسي، قبل أن تفرز صناديق الإقتراع الحجم الفعلي لحضوره وشعبيته في المدينة.
لكنّ هذا الحجم الشّعبي الذي ناله ريفي في طرابلس قبل زهاء أربع سنوات لم يبقَ على حاله، بل تراجع كثيراً حسب إستطلاعات رأي إطلع “أحوال” على نتائج بعضها، وهي بيّنت أنّ المدير العام السّابق لقوى الأمن الداخلي ووزير العدل السّابق بالكاد سيحصل على نصف الأصوات إذا جرت الإنتخابات اليوم.
أسباب تراجع شعبية ريفي في طرابلس تردّها مصادر مطلعة إلى عوامل عدّة، منها توقّف ريفي عن تقديم خدمات كان يقدمها في السّابق، وعدم ترجمة دعم بهاء الحريري له واقعاً كما أشيع مراراً، وعدم وجود جهات داخلية أو خارجية داعمة له بشكلٍ كافٍ يمكّنه من تقديم خدمات ترفع شعبيته في مدينة تحتاج خدماتياً إلى كلّ شيىء. يُضاف إلى ذلك أنّ عبء إخفاق المجلس البلدي الذي فاز في انتخابات 2016 تحمّله ريفي، كونه كان الداعم الأبرز للائحة التي فازت بأغلبية أعضاء بلدية طرابلس حينها، ما جعل النقمة على فشل البلدية تمتد إلى ريفي أكثر من سواه من السّياسيين.
إزاء ذلك تُطرح تساؤلات حول كيف سيخوض ريفي الإنتخابات بعد تراجع شعبيته وحضوره، وهل سيستطيع كسب أصوات مناصري تيّار المستقبل بعد عزوف الرئيس سعد الحريري وتيّاره عن خوض الإنتخابات؟
تفيد المصادر المطلعة إيّاها أنّ “أصوات تيّار المستقبل لن تذهب إلى ريفي، لأنّ قاعدة التيّار في المدينة تنظر إليه على أنّه “طعن” الحريري في الظهر، وخرج على زعامته وأسهم في ضعفه أمام خصومه، وبالتالي فإنّ رهانه على كسب أصوات هذه القاعدة خاسر سلفاً”.
أمّا عن حلفاء ريفي المرتقبين فتشير المصادر إلى أنّ “القوات اللبنانية، التي تنشط مؤخّراً في المدينة، ستكون حليفه الوحيد، كما أنّ القوات التي رشّحت مستشار رئيسها للشّؤون الخارجية إيلي خوري عن المقعد الماروني في طرابلس، لا تجد حليفاً لها سواه في المدينة، وبالتالي فإنّ تحالف المصلحة الإنتخابية هو الذي سيجمعهما قبل أيّ شيىء آخر”.
ولفتت المصادر إلى أنّ تحالف ريفي ـ القوّات “يسعى بكلّ جهد إلى تأمين حاصل إنتخابي يؤهلهما للفوز بمقعد نيابي، لكنّ هذا الجهد يصطدم بعقبة إضافية تتمثل في “الصفحة السوداء” للقوّات في طرابلس الذي أدان المجلس العدلي رئيسها سمير جعجع باغتيال الرئيس رشيد كرامي عام 1987، والنقمة الواسعة حالياً ضد القوّات في صفوف تيّار المستقبل الذي يتهم جعجع بالغدر بالحريري”.
عبد الكافي الصمد