زيت الزيتون لمن استطاع إليه سبيلا… ومرتضى لـ”أحوال”: الأمن الغذائي في خطر
مسلسل الارتفاع الجنوني لأسعار المنتجات المستوردة بدا واضحًا بحجة استيرادها من الخارج وطبعًا بالعملة الخضراء الصعبة، والذي انعكس على معيشة اللّبنانيين وطريقة عيشهم، ولكن ما لم يكن بالحسبان هو ارتفاع المنتجات ذات المنشأ المحلي والذي ظهر جليّا في العديد من الصناعات وعلى وجه الخصوص الصناعات الغذائية.
لبنان الغني بشجر الزيتون ذات الجودة العالية والتي تشكّل زراعته نسبة 25% من الزراعات اللّبنانية، اليوم وفي ظل هذه الأزمة، فإن سعر تنكة الزيت بدأ يلوح في الأفق قبل بداية الموسم الذي سينطلق الأسبوع القادم، وبحسب المعلومات فإن سعرها سيتجاوز الخمسمئة ألف ليرة لبنانية بعد أن كان في العام الماضي مئة وخمسين ألف ليرة.
هذا الارتفاع سيجعل من تنكة الزيت أحد أهم عناصر المونة اللّبنانية منتجًا صعب المنال، وربما لن تستطيع العائلات شراءها كما في كل عام، ولهذه الغاية تواصل “أحوال” مع حسن قنديل صاحب معصرة زيتون في برج قلاوية في الجنوب والذي أكد أنّ سعر تنكة الزيت في العام الماضي كان 100$ وكانت تساوي 150 ألف ليرة أمّا اليوم فالمئة دولار أصبحت تساوي تسعمائة ألف ليرة، وبهذا يكون السعر المطروح اليوم قرابة 500 ألف ليرة سعر منطقي جدًا لعدة أسباب، فسعر الغالون البلاستيك الفارغ كان سعره 4000 ل.ل أما اليوم فأصبح 14000 ل.ل، أضف إلى ذلك أنّ سعر العمال الذين يقومون بقطف بساتين الزيتون فأجرتهم كانت 20000 ل.ل في العام الماضي، واليوم أصبحت 40000 ل.ل..
بدوره عيد فغالي صاحب معصرة في بلدة بسوس قضاء عاليه أكد لـ “أحوال” أنّ الكلفة الإنتاجية ارتفعت، فأسعار قطع المعصرة والتي يتم تغييرها مع بداية كل موسم تضاعف سعرها، ففي العام الماضي كانت تكلفتها 350$ أمّا اليوم فأصبح 700$، وطبعًا هذه الأسعار تسدّد بالدولار الأميريكي، وهذا ما دفع بأصحاب المعاصر إلى زيادة تكلفة عصر الزيتون، ففي العام الفائت كان 20000 ل.ل للتنكة الواحدة أما اليوم فأصبح 40000 ل.ل، أضف إلى ذلك أسعار الأسمدة والأدوية التي ارتفع سعرها أضعاف السعر القديم، وبالتالي هذا الذي يجعل تكلفة إنتاج تنكة الزيت تزداد عن العام الماضي.
في هذا الإطار، أكد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى لـ “أحوال” أنّ كلفة الإنتاج ارتفعت من اسعار البذور والأدوية والأسمدة كذلك أجرة اليد العاملة وأجرة المعصرة، كل هذا حتمًا سيؤدي إلى ارتفاع سعر تنكة زيت الزيتون، ومنطقيًا مع ارتفاع كلفة الإنتاج سيرتفع سعر الزيت، لافتًا إلى أن لبنان لديه اكتفاء في زيت الزيتون لهذا العام وأنّ الوزارة منعت استيراد الزيت من الخارج حمايةً للمنتج اللبناني.
مرتضى أعلن أن المشكلة اليوم هي في المتطلبات التي تحتاجها الزراعة والتي غالبًا ما تكون مستوردة، فيشتريها المزارع بالدولار الأميريكي، ولهذا نشهد هذا الارتفاع ليس فقط بسعر زيت الزيتون وإنما بكل الزراعات، وشدّد على أنّ ملف دعم المتطلبات الزراعية لا زال عالقًا بين وزارة الاقتصاد ومصرف لبنان، مؤكدًا أنّ هذه القضية سيطرحها مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لتأمين الدولار المدعوم لشراء المدخلات الزراعية.
وحذّر مرتضى من أنه في حال لم يستجب مصرف لبنان لهذا الطلب فإن الأمن الغذائي في العام 2021 سيكون في خطر نظراً لعجز المزارع عن المباشرة بزراعته.
وعبر “أحوال” وجّه مرتضى نداءً إلى أصحاب الخيم البلاستيكية لصيانتها وإصلاحها من أجل المباشرة بالزراعة في فصل الشتاء حتى لا يضطر لبنان لاستيراد المنتوجات الزراعية من الخارج، وليحافظ على أمنه الغذائي.
ارتفاع سعر زيت الزيتون والمنتجات الزراعية يضع المواطن اللّبناني أمام قضيّة مصيرية، ربما رفع الدعم عن المحروقات وغيرها له أثار سلبية كبيرة، إلّا أن تجاهل دعم المدخلات الزراعية له آثار كارثية، فالأمن الغذائي سيكون على المحك، والمجاعة ستكون على الأبواب، إنها صرخة أطلقها المزارعون، قبل أن يطلق المواطنون الجائعون صرختهم.
منير قبلان