منوعات

عوده: أملنا ألا تستغل الدولة مواطنيها وتفرض عليهم الضرائب

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، قداس في الذكرى الأولى لكاهن رعية القديس نيقولاوس الأرشمندريت ألكسي، في كاتدرائية القديس جاورجيوس.

عد الإنجيل، ألقى عظة قال فيها: “تعيد كنيستنا المقدسة اليوم للقديسين رؤساء الكهنة المعظمين باسيليوس الكبير وغريغوريوس اللاهوتي ويوحنا الذهبي الفم. إن القديسين هم تأكيد الإنجيل ودليل الإيمان، لذلك هم “نور العالم”، إذ استناروا فأناروا الجميع. القديسون المذكورون يدعون “الأقمار الثلاثة” أو “أقمار الألوهة المثلثة الشموس” لأن نور النعمة الذي سكن في نفوسهم شع في العالم، ولم يتمكن من الاختفاء تحت مكيال الصمت، ففاض كلمة تعليم، وجرى سيله في الكنيسة، فروى شعبا متعطشا إلى معرفة الله، فوضعت قلوبهم المشتعلة بالروح القدس على منارة الأسقفية. لقد عرفوا المسيح، وأحبوه، ورغبوا بخلاص العالم كأنه خلاصهم الشخصي، لذلك انصرفوا إلى عملهم الرعائي الضخم بثبات وعزم”.

وتابع: “من الدلائل الكثيرة التي تظهر عظمة رؤساء الأساقفة الثلاثة، أنهم أطاعوا تقليد الرسل القديسين، وتشبهوا به، وصاروا هم أنفسهم ذلك التقليد. لم يزيدوا أمورا مخالفة، ولا حذفوا من التقليد الشريف شيئا. إلى ذلك، فقد أخذوا التساؤلات التي طرحتها الفلسفة اليونانية، وأعطوا منها إجابات مؤسسة على الحقيقة التي أعلنها المسيح. بهذا المعنى، يمكننا أن نتكلم على إقران رؤساء الكهنة الثلاثة للفلسفة اليونانية بالروح المسيحية. إن تعليم المسيح أتى إلى نفوسهم ليجيب على أعمق المطالب، وليروي عطشا لم تقدر المعرفة البشرية أن ترويه. هكذا، أصبحت كلمة الرسل طريقة حياتهم، ومن غير أن يحلوا الناموس والأنبياء، قادوا فلسفة الإغريق إلى مخرج الإيمان بالمسيح، لأنهم عرفوا المآزق التي وقعت فيها. لم يصوغوا إيمانا جديدا، إنما أناروا طرقا مظلمة للفكر البشري بواسطة الإيمان غير المغشوش”.

وقال: “في ملكوت السماوات، لن يتعظم الذين اكتفوا فقط بكرازة الإنجيل، أو إخراج الشياطين، أو شفاء المرضى، بل الذين أقرنوا ذلك بحفظ وصايا المسيح والعمل بها، وعلموا الناس إيمانهم المعاش. يقول الرب: “أما من عمل وعلم، فهذا يدعى عظيمًا في ملكوت السماوات” (مت 5: 19). إذًا، قد يعطي الله موهبتي الوعظ وصنع العجائب لخدمة الشعب وشفائه، من دون أن يخلص بهما الموهوب، مثلما يحصل تمامًا في نعمة الكهنوت الأسرارية. يشدد المسيح لدى سامعيه على أن كثيرين سيقولون في يوم الدينونة: “يا رب، يا رب، أليس باسمك تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين؟” عندئذ سيجيبهم هو: “إني لم أعرفكم قط، إذهبوا عني يا فاعلي الإثم” (مت 7: 22-23). الأقمار الثلاثة، علموا لأنهم عملوا. نعرف من سيرهم أنهم عبروا في الهدوئية والنسك قبل أن يتسلموا رعاية الشعب. القديس يوحنا الذهبي الفم نسك عدة سنوات بقرب أحد الشيوخ الرهبان، كما عاش وحده في إحدى المغاور. والقديسان باسيليوس الكبير وغريغوريوس اللاهوتي عاشا فترة في هدوء البنطس، متمرسين على حفظ وتطبيق الوصايا الإلهية، يدرسان الكتب ويصليان. هكذا جاءت كلمتهم نتيجة لخبرتهم، لذلك أثرت في نفوس سامعيهم، ونقلت إليهم الحياة. سيرتهم سطعت أشد لمعانا من كلامهم، فكانوا عظماء عند الله والناس”.

وقال: “إن زكا العشار، الذي تحدث عنه إنجيل اليوم، كان عبدا للمال، الأمر الذي جعله ظالما تجاه أخيه الإنسان. لكنه، عندما تعرف على الرب، عندما لمس المسيح قلبه، أصبح إنسانا جديدا رحوما ومعطاء. قصة زكا هي قصة توبة عميقة ورحمة من الله غزيرة. خلاص زكا، بعد كل الخطايا التي ارتكبها، كان نتيجة وعيه لخطاياه وندمه وتوبته. أدرك ضعفه وكل المعوقات التي تبعده عن الخلاص، فرماها وتعالى عليها وعلى ذاته، وطلب الرب، فكان أن استجاب له وأتى إلى بيته. إنها دعوتنا جميعا، أن نعرف أن الله وحده هو مصدر الشفاء من علل الجسد ومن أهواء النفس، وهو واقف على أبواب قلوبنا، يقرع وينتظر الجواب. إرادتنا، حريتنا هي التي تقودنا إليه أو تبعدنا عنه. يقول في سفر الرؤيا: “من يسمع فليقل تعال، ومن يعطش فليأت، ومن يرد فليأخذ ماء حياة مجانا” (رؤ 22: 17)”.

وختم: “دعوتنا اليوم، إلى جميع المسؤولين، أن اعملوا مثل زكا، تعرفوا على الرب، دعوه يعلمكم كيف تحبون، وكيف تعطفون على المساكين والأيتام والأرامل والفقراء والمرضى، كيف تضحون من أجل الآخر وكيف تساوون أنفسكم بالمواطنين عوض التكبر عليهم واستعبادهم واستغلالهم، عندئذ ستفعلون عكس ما أنتم مرتكبون الآن، عندئذ ستصبحون مسؤولين حقيقيين”.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى