ميديا وفنون
أخر الأخبار

“من الاخر” مسلسل استجاب للواقع… ننتظر أن تدور الدّوائر على معتصم النهار

“من الأخر”، عمل درامي شيق، استطاعت شركة الصباح أخوان أن تدلف بنجاح نحو الواقع الطازج متكئة على نص إياد أبو الشامات الذي صاغ القلق والثورة والضياع، في ثنايا نصٍ يحكي عن علاقات الحب والخبث في المجتمع.

الشخصية الأبرز في هذا العمل لمعتصم النهار “ورد” فهو يأكل العمل بشخصيته الغريبة الممزقة بين الادعاء والكذب والنكران من جهة، وبين القوّة والتسلّط وحبّ العائلة من جهة أخرى.

شخصيّة مستفزّة ضحلة من الداخل وأنانيّة تلبس ثوب العفة وهي عفنة.

يتبرّج بالضّوء كصورة فاعلة على الميديا  وقدوة للشباب  الذين يعلمهم في الجامعة، وهو شخص فارغ بقيمه وطريقة تعامله مع أقرب ناسه، سواء زوجته التي خانها، ووالده الذي لا يريد أن يكون مثله، وصديقه الذي تركه لمجرد أنّه أفصح عن حقيقة خيانته لزوجته.

ورد شخصية حاضرة جداً اليوم في مجتمعنا. فهو في عالم الافتراض شخص منزّه وصاحب شهرة،  ويحفّز الناس نحو الأفضل، وهو في الحقيقة يمدّ سوط تعنّته على زوجته التي خانها ويتهمها بالخيانة.

يعاتب حبيبته “سنتيا صموئيل” ويلاحقها ويريد أن يقيم معها علاقة تحت شعار الحب وهو متزوّج.

استطاع أياد أبو الشامات أن يصيغ شخصية رجل فيه من كل شيء الكثير. فهو الرجل الجذاب ذو المكانة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو الرجل التقليدي الذي يريد أن يستحوذ على كل شيء بعيداً عن التفاهم، ويريد أن يفرض مراده وينكر خيانته ويستمر بها، وبالوقت ذاته يعبث بمشاعر الآخرين ويلقي اللوم عليهم تحت شعار حبّ العائلة.

هذا الإيغو المرتفع عند ورد منفر جداً وهو ما جعل منه شخصية درامية بمئات الأبعاد. إنّه رجل فيه الكثير من عدّة رجال. رجل تهواه المرأة بما يقول ويدّعي، ورجل متسلّط أحادي الرأي مع عائلته، ورجل يريد أن يستحوذ على الحب ويعيش الغرام وهو متزوّج تحت شعار أحبك وأنسى نفسي معك.

رجل يعيش المشاكل وفي الوقت نفسه لا يرف له جفن، بل يتمادى في طقوسه وأهوائه وكأنّ شيئاً لم يكن.

استطاع معتصم النهار أن يلبس هذا الدور الغريب بالكثير من الحرفية، لذا كرهناه ومقتنا أسلوبه وتعنته، والمتفرّج يريد أن يتشفّى منه بانتظار أن تدور الدوائر عليه، وينكشف أمره وألاعيبه ويشاهد انكساره.

 

 

 

تفاجئنا ريتا حايك  “ياسمين ” بهذا الدور وهي زوجة ورد الذي خانها وينكر ذلك، ويلبسها ثوب الخيانة مع طبيب ابنهما الغائب عن الوعي في المستشفى. استطاعت أن تواجه وتقف في وجه زوجها  دون فزع، وأن تطلب الطلاق  وتبحث عن مكانة لنفسها وتعود للعمل بعد انقطاع سنوات، بحثاً عن استقلالية تحصّن نفسها بها.

ياسمين امرأة محفّزة فعلياً للمشاهد، فهي تتحلّى بالعزيمة والجرأة وعدم الخوف والمجاهرة والمواجهة لزوج  أحبته وخانها. فلم ترضخ ولم تقبل ولم تسامح بل ذهبت إلى النهاية في تحدّيها. كل امرأة ترغب أن يكون لديها هذا الحس في التحدي.

نسجت ريتا حايك الشخصية بعفوية مذهلة، وكل ما فيها ينبئ أنّها ممثلة. نظرة منها تنمّ عن الكثير. وقادرة أن تقيم حواراً مفهوماً بلغتها الجسدية الناضجة في عالم الأداء والتمثيل دون الرجوع إلى الكلام.

سنتيا صموئيل “تارا”  وجه يدلف الى عالم الضوء ويكرّس نفسه في عالم النجومية. تلعب عند حفافي المعاناة والصمت والحب المكسور. دور يرفعها نحو بطولات قادمة لتكون منافسة بين نجمات الأداء والجمال.

“من الآخر” عمل نساؤه موجودات في كل امرأة. المرأة التي تحب وهي ضعيفة ومهزومة، وامرأة تريد ان تنتقم، وامرأة تقف وتواجه، وامرأة تحضن، وامرأة تقليدية. نساء هذا العمل موجودات في كل بيت وفي كل حي.

أما البطل الرجل فشذرات منه قد تكون موجودة. إنّه خليط مرعب ومريض على شكل صورة جذابة من الخارج ومضمونها مخيف.

بطل استحق بطولته بزيفه وشخصيّته المفزعة. وهذا ما يجعل من العمل استثنائياً، بتسليطه الضوء على شخصية رجل يجتاح كل شيء دون وجه حق في مواجهة امرأة لا تريد سوى الحق.

من الآخر الملفت الجميل تشابك الحكايات مع بعضها وتسليط الضوء على حقائق موجودة في مجتمعنا. النائب الذي يوظف رفيقة او عشيقة وتصبح الأمر الناهي في محطة اعلامية.

الغبن الذي يوصل فتاة تعيش المآسي الى الانتحار.

الطبيب الذي يغرم بأم مريضه. السرعة  والتهوّر التي تقعد شاباً فناناً وتتغير حياته وتبدأ معاناته.

الأب الذي عاد  الى الوطن من الخليج بسبب الازمة الاقتصادية، ليتفاجأ أنّ الوطن ينهار وعائلته في مهب الضياع. الأم التي يصيبها السرطان.

فرادة المسلسل أنّه استطاع أن ينبلج من أحداث طازجة جداً كالثورة والطرقات المقطوعة والغلاء وانعدام فرص العمل والانهيار الاقتصادي. ليس من اليسير أن نلقى هذه السرعة في الاستجابة  للواقع لأي عمل فني سوى في المسرح. و”الصباح اخوان” وفريق العمل دخلوا سريعاً في عمق الحدث من حيث تحفيز الزمن سريعاً كسبقٍ فنّي يشهد له.

“من الآخر” سيناريو وحوار إياد أبو الشامات، إخراج شارل شلالا، بطولة معتصم النهار، ريتا حايك، بديع أبو شقرا، سينتيا صمويل، مازن المعضم، رولا حمادة وغيرهم، يعرض كل يوم على شاشة MTV باستثناء يومي الخميس والسّبت.

 

كمال طنوس

كمال طنوس

كاتبة وصحافية لبنانية لاكثر من 25 عاماً في العديد من الصحف العربية كمجلة اليقظة الكويتية وجريدة الاهرام وجريدة الاتحاد وزهرة الخليج .كما تعد برامج تلفزيونية وتحمل دبلوما في الاعلام.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. يا ريت أستاذة جمال تكتبى تعليق بعد انتهاء حلقات المسلسل كاملا. ما هى رسالة المؤلف و ما الذى وصل للمشاهد من هذا العمل و ما هو تحليلك للشخصيات المختلفة بالعمل و كذلك النهاية
    و شكرا

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى