مجتمع

برغم الأزمات.. “فدائيون” في زغرتا يطلقون شبكة إعلامية متكاملة!

في ظل الأزمات الخانقة التي تطوّق اللبنانيين من كل الجوانب، جازف “فدائيون” من مدينة زغرتا في شمال لبنان بتأسيس شبكة إعلامية متكاملة بمواصفات حديثة من تلفزيون وإذاعة مع فريق عمل يتم استكماله تباعاً، لتكون نقطة مضيئة في سماء مزدحمة بالغيوم المالية والإجتماعية والمعيشية، ولكن تصميم المجموعة ينطلق من إيمان راسخ بأن لبنان الوطن سيتعافى بهمّة أبنائه المؤمنين به وبرسالته، مهما اشتدّت العواصف.

“أحوال” جال في المبنى الجديد للشبكة وعاين استديوهاتها ومكاتبها، كما التقى مدير “إذاعة إهدن” الإعلامي روبير ف. فرنجيه وعدداً من العاملين، حيث لمس الإندفاع والنشاط في ترك بصمة لافتة في مسيرة الإعلام اللبناني الذي يشهد ظروفاً بالغة الصعوبة، فيما العديد من مؤسساته تتجه إلى الإقفال أو في أفضل الظروف إلى تسريح العديد من العاملين.

شعار المؤسسة

ثم كان لنا حديث مطوّل مع المونسنيور اسطفان فرنجيه، الناشط بين أقرانه في مجالات مختلفة. فالى جانب كونه رجل دين ذات مرتبة عالية في الكنيسة المارونية، فهو وكيل الوقف في مدينة زغرتا ومدير عام مستشفى سيدة زغرتا الجامعي ورئيس “نادي السلام” الرياضي لكرة القدم ورئيس “شبكة زغرتا الإعلامية” التي تم تأسيسها نهاية السنة الماضية ومقرها أحد طوابق مبنى ملحق بالمستشفى، فقال: “لقد بدأت الإهتمام بالاعلام منذ ست سنوات حين أسسنا موقع “ZGHARTA CHANNEL” القادر للوصول إلى كل من يرغب على الكرة الأرضية بفضل التطورات التكنولوجية، ويركز اهتماماته على كل ما يتعلق بالمنطقة وعلى مدى أربع وعشرين ساعة من شؤون دينية وثقافية واجتماعية، وللتوجيه الصحي من خلال الفريق الطبي للمستشفى والنقل المباشر لمباريات فريق السلام، حيث كانت المبادرة الأولى من نوعها في لبنان من منطلق أن السياسة هي فن تدبير العيش.

وعن تمويل مثل هكذا مشاريع مكلفة، أجاب: “بدأت الخطوات بتجهيزات الموقع بمجهود شخصي، ويمكن القول إنها كانت من باب الهواية، ولأن إتكالنا دائماً هو على الله الذي وضع في طريقنا الصديق المغترب جوزيف يمين وزوجته شارلوت، اللذين أبديا رغبة بالمساعدة في مشاريع متنوعة من زاوية تعلقهم بأرض الوطن، فكانت هناك عدة أفكار تتعلق بمدينة زغرتا. وبعد وفاتهما، إتصل بي ولديهما كارلوس وطوني إثر تسلمهما فيلماً وثائقياً أعددناه عن عطاءاتهما، فأبديا الاستعداد لإكمال ما بدأه الوالدان تخليداً لذكراهما، ولأنهما كانا يعملان في مجالات إعلامية مختلفة في فنزويلا، عرضت عليهما فكرة تأسيس مركز إعلامي توجيهي لخدمة المنطقة، فمنحاني كل الثقة كما فعل الوالدين”، مضيفًا: “وفي هذه الأثناء، علمت أن أحد الأشخاص في طرابلس يرغب في بيع رخصة إذاعية، فسارعت إلى شرائها منذ شهرين وأطلقنا عليها تسمية “إذاعة إهدن، صوت الحكمة والإيمان”، فسجلت حضوراً لافتاً خلال فترة وجيزة.

من اليمين: كارلوس يمين وزوجته كريستيان، روبير فرنجيه، المونسنيور اسطفان فرنجيه

وعن الوقائع التي يتكئ إليها للاستمرار في وقت تشهد فيه أهم المؤسسات الإعلامية تراجعات حادة، أجاب المونسنيور فرنجيه: “كما حصل في المستشفى عندما استلمتها في العام 2000 حيث كانت تستوعب خمسين سريراً، أما اليوم فهي مستشفى جامعي وتحتوي على 200 سرير وأهم غرف العمليات وأحدث المعدات. ولذلك كنا ندرك منذ البداية ألا نتكل على الإعلانات أو ما شابه في هذه الضائقة المالية، وإنما ركيزتنا الأساسية على أصدقائنا الذين يؤمنون بما نفكر به ونقدم عليه من أجل الخير العام، وكما حصل معنا في المستشفى التي توسعت بشكل لافت والمشاريع الأخرى”، مضيفا: “ومن خلال الخطوات الإعلامية التي نُقدم عليها، فإننا نتواصل مع أبناء الرعية في لبنان وجميع أقطار العالم، الأمر الذي دفع العديد من ابنائنا في الخارج إلى ترداد العبارة “بتنا نشعر أن زغرتا أصبحت أقرب إلينا”، وهذا ما هدفنا إليه لنجعل المغتربين أقرب إلى جذورهم وللحفاظ على القيم الروحية والإنسانية”.

وتابع: “رداً على الذين إتهموننا بأننا نأكل البيسكويت فيما الناس تتجه إلى الفقر”، نقول لهم “نحن عقلانيون إلى أقصى الدرجات ولذلك كان شعار الإذاعة صوت الحكمة والإيمان، وأذكّر أنه في مثل هذه الظروف تظهر الأبطال، وليس في ظل الرخاء والبحبوحة، حيث كان مرتّب استاذ الجامعة خمسة الاف دولار والقاضي يداوم يوم أو يومين في الشهر، ولذلك علينا إتخاذ النموذج الالماني بعد الحرب هدفاً لإعادة إحياء ما وصل إليه وطننا من أزمات. وفي مشروعنا هذا افسحنا المجال أمام نحو عشرين إعلامياً متخصصاً ليثبتوا جدارتهم ليساعدوا عائلاتهم وينطلقوا في حياتهم اينما رغبوا”.

استديو الإذاعة

من جهة أخرى، إلتقى “أحوال” أحد أبرز المساهمين في المشروع، الإعلامي كارلوس جوزيف يمين، الذي لفت إلى أنه ولد في فنزويلا، والى جانب الأعمال التجارية كان لديه ولدى شقيقه طوني اهتمامات متعددة في المجال الإعلامي عبر مؤسسة “فيديو كولور يمين” التي كانت تملك اكبر استديو في اميركا اللاتينية وتضم أكثر من 500 آلة تسجيل، قبل ثورة التواصل الإجتماعي والمستجدات التكنولوجية.

وأردف: “بعد الأزمة الإقتصادية الحادة والتفلت الأمني في فنزويلا، قررنا العودة إلى لبنان في العام 2010 والإستقرار فيه، وإدارة أعمالنا في الخارج، واستكمالاً للأعمال الخيرية التي كان يقوم بها الوالدين وبعد وفاتهما في السنتين الماضيتين، قررنا المضي في هذا المضمار. والفضل الأساسي في دعم هذا المشروع هو للمونسنيور فرنجيه، بعدما لمسنا فيه مركز إعلامي توجيهي في المجالات الثقافية والاجتماعية والتوثيقية ومدرسة متكاملة قادرة على الدخول إلى كل منزل وبعيداً عن أي توجّه سياسي محدد”، مضيفا: “وبسبب التطور التكنولوجي لم يعد مهما أين يكون الموقع في العاصمة أو في الأطراف، ولاحقاً قد يتم توسيع الشبكة لفتح مكتب او استديو رديف في بيروت أو ضواحيها، فالخطوة الأولى كانت من المدينة التي نعشق زغرتا والآفاق ستكون مفتوحة بإذن الله، إلى لبنان وخارجه”.

استديو التلفزيون

وحول إمكانية استمرار الدعم لاسيما وأن المردود المادي يكاد يكون معدوماً، أكد يمين أن “هذا الموضوع كان من صلب توجهاتنا وما زال، فنحن لم نستثمر لإنتظار الربح، لأنني أؤكد أن مثل هذه الأعمال تدخل الفرح إلى قلب من يقوم بها لأن خلفياتها إنسانية، والحمدلله أعمالنا التجارية في لبنان والخارج ذات مردود جيد برغم كل الأزمات وهذا ما يحفزنا للعطاء اكثر”، مضيفا: “ولا نطلب من الله تعالى سوى الصحة وعودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي في لبناننا الحبيب، مع تمنياتنا بأن يحتذي بنا من يملكون الثروات لأن ذلك سيُدخل الفرح إلى قلوبهم طالما أن الأعمال انسانية”.

وختم كارلوس يمين مؤكداً أن “لبنان سيعود إلى سابق عهده من الإزدهار لأن العديد من الدول مرّت بظروف صعبة عادت وأنطلقت إلى الأمام بهمة وتصميم أبناءها المخلصين”.

مرسال الترس

مرسال الترس

اعلامي لبناني كتب في العديد من الصحف والمجلات اللبنانية والعربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى