مجتمع

الأساتذة في مواجهة الحكومة: لا عودة للتعليم حتى تحقيق المطالب

لم يمضِ على إعلان وزيري الصحّة العامّة فراس أبيض والتربية والتعليم العالي عباس الحلبي العودة إلى المدارس أكثر من يومين، حتى فجّرت الروابط التربوية القنبلة بوجه الحكومة مجتمعة، وأعلنت عن رفضها العودة للتعليم بكافّة أشكاله، حضوريًّا أو عن بعد، وذلك لتردّي أوضاع الأساتذة الاقتصادية والمعيشيّة، ونكس الحكومة بوعودها لتحسين أوضاعهم، بما تيسّر.
اللّافت في الأمر أنّ الإعلان جاء من طرف واحد وهو الدولة، ولم تدعَ الروابط التربوية للاجتماع الذي سبق الإعلان عن القرار، وكأنّ الحكومة عن طريق وزارتي التربية والصحة أرادت أن تضع الأساتذة تحت الأمر الواقع، وهو العودة للتعليم، متذرّعة بوضع التلامذة الذي مضى على غيابهم عن صفوفهم عامين ونيّف، وتحت شعار ( ما بدنا نخرّج جيل أمّي ).

لم يستشر وزيرا الصحة والتربية أيًّا من الروابط التربوية وإنّما اتّخذا القرار بشكل فردي، ووزير التربية خرج ليبلّغنا بقراره بالعودة، ونحن لم ندع حتّى على الاجتماع، ونحن لن نعود إلى التعليم وسننتظر ما ستقدّمه الدولة لنا، وفق ما أكّد رئيس رابطة التعليم الثانوي الرسمي نزيه الجبّاوي في حديثه لـ”أحوال”.
ولفت الجبّاوي إلى أنّ صرخة الروابط أمام وزير التربية بعد لقائه يوم الجمعة كانت لكي تمنح الدولة الأساتذة والمعلمين الحد الأدنى من المساعدة لكي يستطيعوا الاستمرار، والاعترض على قرار العودة للمدارس ليس رغبةً بالإضراب وإنما بسبب عجزنا الاقتصادي والمادي والمعيشي، وأيضًا موضوع الاستشفاء في المستشفيات فالوضع لم يعد يحتمل، فنحن عاجزون عن الدخول إلى المستشفى، وتعاونيّة موظفي الدولة عاجزة عن دفع التكاليف وموازنتها لا تسمح لها بتغطية حالات الاستشفاء، وأي أستاذ يحتاج إلى الدخول للمستشفى فهو بحاجة إلى مبلغ أقله 20 مليون ليرة، هذا غير تكاليف العمليّات الجراحيّة التي تتطلب مبالغ خيالية.

الناس موجوعة والدولار بثلاثين ألفًا، والمواد الغذائية أسعرها نار، وارتفعت من أسبوع حتى اليوم ارتفاعًا جنونيًّا، ورواتب الأساتذة في الملاك محدودة إذ يتقاضون مليوني ليرة لبنانية، أما المتعاقدين فرواتبهم أدنى من ذلك، فكيف يمكن للأساتذة الاستمرار في هكذا ظروف صعبة، نحن نحسب ألف حساب عندما نريد أن نحرّك سياراتنا فسعر صفيحة البنزين قارب الأربعمئة ألف ليرة، فكيف سنستطيع التحرّك إلى مدارسنا وثنويّاتنا في هكذا وضع مأساوي؟ يسأل الجباوي.

وأضاف الجباوي : يقولون لنا عليكم بالتضحية، ونحن نضحّي وضحينا كثيرًا، لكن نضحّي ضمن إمكانياتنا وقدراتنا، فنحن كأساتذة لم يعد لدينا القدرة على الاستمرار، ووصلنا إلى مرحلة الفقر، فبعد أن كان للأستاذ مكانة محترمة في المجتمع، اليوم غدا الأستاذ مذلولًا، فعشرات الأساتذة لجأوا إلى الأعمال الحرفية أو أي عمل غير مرتبط بالتعليم من أجل أن يؤمّنوا قوت يوم عائلاتهم.
وأعلن الجبّاوي أنه في حال لم تفِ الدولة بوعودها فلا عودة للتعليم لا حضوريًّا ولا عن بعد، نحن وُعِدنا بالتسعين دولار أميريكي ولم نرَ شيءً، ووُعِدنا بدفعة للأساتذة ومنحة شهرية، ونصف الراتب الذي دُفِع سابقًا لم يعد يساوي شيءً، وبدل النقل 64 ألف ليرة عندما كانت صفيحة البنزين 200 ألف، اليوم صفيحة البنزين أصبحت على مشارف ال 400 ألف، لذلك ينبغي رفع بدل النقل مجدّدًا، فمطالبنا ليست مستحيلة، ونحن نطلب بالحد الأدنى من العيش الكريم، وبالحفاظ على القيمة الشرائيّة لرواتبنا.
من المؤسف أن ترَ الطبقة التي خرّجت أجيالًا وأطلقتها إلى المجتمع لترفع من شأنه مكسورة، وتعاني وتصارع من أجل البقاء والاستمرار، فالأساتذة وضعهم مأساوي كبقيّة الشعب، وإن لم تبادر الدولة إلى الاستجابة لمطالبهم، فسيبقى التلامذة في منازلهم للعام الثالث، وسنكون عندها أمام أزمة تربوية سنشهد تداعياتها بعد سنوات قليلة.

 

منير قبلان

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى