انتخابات

ميقاتي والإنتخابات النّيابية: عزوفٌ بانتظار إشارات الخارج

أُصيب كوادر ومناصرو “تيّار العزم” في طرابلس بصدمة بعدما أبلغهم مقرّبون من زعيم التيّار ورئيس الحكومة الحالي، نجيب ميقاتي، نيّته عدم الترشّح للإنتخابات النيابية المقبلة المقرّرة مبدئياً في شهر أيّار المقبل، وسط تساؤلات طُرحت بينهم حول الأسباب التي دفعت ميقاتي إلى اتخاذ هذا القرار، وهل أنّه قرار نهائي لا عودة عنه أم أنّه مناورة منه بانتظار تبلور الكثير من المعطيات، سواء الداخلية او الخارجية، حول الإستحقاق الإنتخابي المنتظر؟

مقرّبون من ميقاتي كشفوا لـ”أحوال” أنّه “قرّر العزوف عن الترشّح للإنتخابات النيابية المقبلة”، من غير أن يوضح الأسباب والمبرّرات التي دفعته إلى الإقدام على هكذا خطوة، لكنه أوضح لمقربين منه أنه حاول طمأنتهم وتبديد هواجسهم حول مصير نواب كتلته، نقولا نحّاس وعلي درويش، وقاعدته الشّعبية الواسعة التي أعطته في دورة إنتخابات عام 2018 مجموع أصوات قياسي من الأصوات التفضيلية بلغ 21300 صوتاً تفضيلاً، جعله يحتلّ المرتبة الأولى في لبنان بين جميع النوّاب السنّة، بمن فيهم الرئيس سعد الحريري نفسه الذي حاز على 20751 صوتاً تفضيلياً.

تطمينات ميقاتي لكوادره ومناصريه ضمن الدّائرة القريبة منه، وفق الأوساط المقرّبة منه، دفعته للكشف لهم أنّه “سيدعم تحالف تيّار العزم مع تيّار المستقبل في لائحة واحدة من أجل خوض الإنتخابات النّيابية المقبلة في دائرة الشّمال الثانية، وطرابلس من ضمنها، وأنّ المقاعد المخصّصة له في لائحة التحالف هذه مضمونة”.

لكنّ قاعدة ميقاتي الإنتخابية لم “تهضم” على ما يبدو فكرة عدم ترشحه ولا تحالفه مع تيّار المستقبل في الإنتخابات المقبلة، ذلك أنّ مُضي زعيم تيّار العزم في امتناعه عن أن يترشّح يعني أنّ شرائح واسعة من مؤيديه ستفضّل بدورها العزوف عن الإقتراع خلال الإنتخابات المقبلة، والبقاء في بيوتها، وهو أمر كشفت عنه نتائج الإنتخابات الماضية عندما تبيّن حجم الفارق الكبير بين الأصوات التي نالها ميقاتي، وتلك التي حصل عليها أعضاء اللائحة، إذ نال النّائب علي درويش الذي احتل المرتبة الثانية خلف ميقاتي في طرابلس، 2246 صوتاً تفضيلياً فقط، ما أكّد صحّة القراءات الإنتخابية عن أنّ ميقاتي يحصد لنفسه أصواتاً كبيرة من النّاخبين، لكنه لا يستطيع تجييرها لغيره، سواء كانوا من أعضاء لائحته أو الحلفاء.

يُضاف إلى ذلك أنّ قاعدة ميقاتي في طرابلس وبقية مناطق الشّمال لا تحبّذ فكرة التحالف مع تيّار المستقبل، على خلفية إشكالات وتباينات كثيرة بينهما حصلت خلال الفترة السّابقة وصلت إلى حدّ التصادم والتخوين، كما حصل خلال ترؤس ميقاتي حكومته الثانية بين عامَي 2011 و2013، والإضطرابات الأمنية التي سادت طرابلس حينها بعد محاولة مناصرين لتيّار المستقبل التعرّض لمكاتب ومؤسّسات تابعة لميقاتي في المدينة، عدا عن أنّ التنافر بين القاعدتين يظهر بوضوح في الإستحقاقات الإنتخابية كافّة، سواء كانت نيابية أم بلدية واختيارية أم نقابية، على خلفية صراع صامت يدور بين التيّارين حول النفوذ داخل الطّائفة السنّية وتزعّمها.

غير أنّ مصادر سياسية مطلعة إستبعدت في حديث لـ”أحوال” أن يمتنع ميقاتي عن الترشّح للإنتخابات النيابية المقبلة، معتبرة أنّ ما يقوله في هذا الصدد حالياً ليس سوى “محاولة منه لجسّ نبض جهات سياسية لبنانية وخارجية، قبل اتخاذ قراره النّهائي، وأنّه ينتظر إشارات معينة من الخارج تحديداً كي يحسم خياره”.

واستندت المصادر في قراءتها إلى ما أسمته “الموقف الواضح” الذي أعلن عنه ميقاتي في مقابلة تلفزيونية أُجريت معه في 27 أيلول / سبتمبر الماضي، عندما قال إنّه “لم أتخذ قراري بعد بالترشح للإنتخابات النّيابية من عدمه، وأنّ قراري سأعلنه قبل ساعات من إقفال باب الترشّح” (إقرأ: هل يعزف ميقاتي عن الترشّح للإنتخابات النيابيّة المقبلة؟، واقرأ أيضاً: ميقاتي والإنتخابات: 4 نقاط تفتح باب السّجالات على مصراعيه).

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى