انهيار متسارع وغياب رسمي ولا سبل للمعالجة
تتسارع وتيرة الانهيار الاقتصادي في لبنان بشكل غير مسبوق، ولم يعد المواطن قادرًا على تأمين احتياجاته مع ارتفاع سعر الدولار وما يتبعه من غلاء في أسعار المواد الأساسية في ظل غياب رسمي لإيجاد سبل للمعالجة أو حلول للجم التلاعب بسعر صرف الدولار.
الأفران تهدّد بالإقفال
عادت أزمة فقدان الطحين إلى الواجهة مجدّدًا في جنوب لبنان، وذلك في ظل الشحّ الكبير الذي تعاني منه الأفران مع التقنين بتسليمها المادة بشكل طبيعي، حيث أقفلت بعض محال توزيع الطحين ما أدّى إلى انقطاع التام لمادة الطحين، وإثر ذلك أعلنت بعض الأفران نيّتها الإقفال بسبب نقاد الطحين وعدم تلبية الموزعين حاجات السوق.
وكان وكيل المطاحن في الجنوب علي رمّال قد أوضح أن المطاحن تعاني شحًّا كبيرًا في مادة القمح وصلت إلى حدّ النفاد النهائي، ولا تتحمّل المسؤولية المطاحن التي ستزوّد السوق بالطحين ريثما تتسلّم القمح من البواخر التي يبدو أنّ هناك تأخرًا في فتح اعتماداتها”، نافيًا علمه ما إذا كان الهدف رفع الدعم عن الطحين، لكن إذا حصل هذا الأمر فهذه كارثة اجتماعية وإنسانية ووطنية لأنّ ذلك يعني تسعير ربطة الخبز بالدولار وهذا ما يهدّد ما تبقى من الأمن الاجتماعي، وقد دعا رمّال أصحاب المطاحن إلى اتخاذ موقف شجاع ومشرّف وعدم استلام القمح المدولر وليتحمّل المسؤولون نتيجة أي قرار يُتّخَذ في هذا الشأن، لأنّ رفع الدعم عن القمح قرار لتفجير الشارع والأمن الوطني وأخطر بكثير ممّا يتوقعه البعض لأنّها كلّ ما تبقّى من لقمة الفقير في لبنان.
أزمة النقل العام تتفاقم
مع ارتفاع أسعار الوقود ارتفعت تسعيرة أجرة توصيل الركّاب بواسطة سيارات الأجرة العمومية، وهذا الأمر أدّى إلى أن يقلّص المواطنون تنقلاتهم بسيارات الأجرة، وقد رفع السائقون الصوت عاليًا لأنهم لم يعد باستطاعتهم تأمين قوت يومهم.
وكان اتحاد النقل البري قد دعى إلى الإضراب في المتطق اللبنانية كافة لكن الإضراب للمرة الثانية خلال أسبوع لم يكن بالمستى المطلوب ولم يحقق أي نتائح، حتى أن بعض السائقين رفض التوقف عن العمل لأن حسب تعبيرهم “الإضراب دون جدوى، ولا بد من التصعيد لأن قطاع النقل وصل إلى الحضيض”.
وقال نائب نقيب السائقين العموميين في صيدا والجنوب ابراهيم البخاري: “وقفتنا احتجاجية لإيصال صوتنا إلى المسؤولين ويبدو أنّه لا يصل إليهم، قطاع النقل في وضع سئ جدًا، فالسائق العمومي لا يمكنه الاستمرار بالعمل أو تأمين معيشته في هذا الظرف الصعب لجهة غلاء المحروقات وقطع الصيانة بالدولار ويحتاج إلى الدعم الذي وعدت به الدولة ابتداء من الشهر الجاري كي نستمر ونؤمن حاجات المواطنين”.
وطالب بدعم المحروقات وفق الخطة التي تم الاتفاق عليها مع رئيس الحكومة ووزير الأشغال العامة والنقل.
ويطالب السائقون بدعم يتمثل بتنكة بنزين مدعومة بـ100 ألف ليرة ليتمكنوا عبرها من خفض التعرفة وتحفيز الأهالي على معاودة التنقل عبر التاكسي والفان، ومن دون ذلك فإنّ السائق يحتضر ويواجه واقعًا مأسويًا لا يقل خطورة عن واقع لبنان.
لا حلول للأزمات المتلاحقة
لم تستطع حكومة الإنقاذ من تلبية تطلعات وآمال اللّبنانيين في لجم سعر صرف الدولار أو تحسين الوضع الاقتصادي، وصارت الأسعار تكوي جيوب المواطنين وخاصة ما يتعلّق بالمحروقات والأدوية التي لا يستطيع المواطن الاستغناء عنها.
وقد تراجع الإقبال على تعبئة الغاز بشكل لافت إلى نحو 40% خلافًا للعادة في السنوات الماضية مع بدء فصل الشتاء وبرودة الطقس، بسبب انعدام قدرة الناس الشرائية، لأنّه بالكاد تؤمن لقمة عيشها، والإقبال على شراء الغاز يكون مع الأسبوع الأوّل من كل شهر فقط، حيث يكون العمال والموظفون قد قبضوا رواتبهم، يقومون بتعبئة قارورة غاز واحدة بدلًا من اثنتين، والتقشف في صرفها للطعام فقط من دون التدفئة أو التقنين فيها، وهذه الطريقة تكشف عن مدى الفقر المدقع الذي وصلت إليه الناس في مرحلة الحضيض والانهيار الكبيرين.
خليل العلي