مجتمع

أزمة مياه تلوح في الأفق: هل يواجه أهالي بيروت العطش هذا الصيف؟

أزمة مياه كبيرة تلوح في الأفق في ضواحي بيروت، فكلّ المؤشّرات والمعطيات تشير إلى ذلك، ما يعني أن الصّيف هذا العام سيكون قاسيًا على المواطنين، على الرغم من ارتفاع كميّات المتساقطات لهذا العام، إلّا أن لبنان لم يستفد منها بسبب غياب الخطط الّناجعة.

وبالاطلاع على مصادر المياه التي تغذّي ضواحي بيروت فمصدرها واحد وهي محطة الدّاشونية التي تتغذّى من ينابيع الدّاشونية والتي تستفيد منها المنصوريّة والمتن، إضافة إلى منطقة عين الرّمانة مرورًا بالضّاحية الجنوبية ووصولًا إلى أعالي برج البراجنة.

كذلك يضاف إلى هذا المصدر بعض الآبار في الدّاشونية التي تذهب مياهها للمعالجة في محطّة الحازمية، وكذلك بئر مياه مالحة في منطقة غاليري سمعان، وأيضًا بئر مياه مالحة أضيفت إليه محطة تحلية في منطقة الحدث طريق المجلس الدستوري.

وبحسب المعطيات ففي فصل الشتاء يُضخ إلى المنازل 50000 متر مكعب في اليوم، مع العلم أن الحاجة تفوق 100000 متر مكعب يوميًّا، أما في فصل الصّيف وفي ظل جفاف الينابيع وانخفاض مستوى المياه في الآبار يُضخ 8000 متر مكعب، يعني 8000 منزل باليوم وهذا رقم صغير جدًا، وهذه الكمية لا تكفي أبدًا.

وتشير المصادر إلى أنّه منذ إثنين وعشرين سنة مصادر المياه هي نفسها، رغم التّمدد العمراني والازدياد السّكاني، أمّا الخطط الموضوعة لجر مياه الأولي إلى بيروت لم تستكمل الأعمال فيها، بسبب إفلاس الشّركة الإيطالية المتعهّدة، كما أن مشروع  سدّ بسري توقّف بسبب الخلاف الحاصل حوله، ما يعني أن كلّ الخطط الجديدة لتزويد الضّاحية بالمياه لم تنفّذ حتى الآن.

يؤكّد عضو مجلس إدارة مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان مفيد الخليل  في حديث خاص لـ”أحوال” أن المؤسّسة كانت تتكّل على ثلاثة مصادر إضافيّة لتزويد الضّاحية بالمياه بشكل دائم، وهي جر مياه الأولي هذه السنة، وجر مياه سدّ جنّة بعد أربع سنوات، ومياه سد بسري بعد ثماني سنوات، مشروع مياه الأولي أصبح منجزًا بكشل شبه نهائي من الوردانية إلى بيروت، لكن محطة التّكرير في الوردانيّة لم تنجز بعد بسبب انهيار الليرة وغيرها من العقبات، أما سدّ بسري فتوقف العمل به نتيجة الخلافات التي حصلت حوله.

ويشير الخليل إلى أن المؤسّسة الآن  تتّكل على الآبار، وهناك مشروع حفر لبئرين في برج البراجنة وكميتهما جيدة وجرى إعداد دراسة لمحطة التحلية الخاصّة بهما والمؤسّسة أنهت دفتر الشّروط، والآن تبحث عن تمويل لأنه لم يتقدّم أحد إلى المناقصة نتيجة تدهور الليرة أمام الدولار، فتكلفة المحطّة تتجاوز 4 مليون دولار، وسابقًا كان رقمًا صغيرًا بالنّسبة للمؤسّسة، أما اليوم ومع انهيار الليرة أصبح هناك استحالة لتغطية هذا الرقم.

وحول بناء محطّات تحلية مياه البحر يلفت الخليل إلى أن هذا العمل ليس من عمل المؤسّسة لسبب وهو أن كلّ محطّة تحلية للمياه بحاجة إلى محطة كهرباء كبيرة، وهذا يتطلّب مقدّرات دولة، محذّرًا من زيادة ساعات التّقنين في الكهرباء، ما سيؤدّي إلى توقّف عمل محطّات الضّخ والتّحلية، وبالتالي انخفاض تغذية المناطق بالمياه، لأن هذا الانقطاع الطّويل في ساعات الكهرباء، تعجز المؤسّسة عن تغطيته بمولّداتها.

أزمة المياه في لبنان عابرة للمناطق والطّوائف، فكل لبنان يعاني من انقطاع في المياه، البلد الذي يمتلك سبعة عشر نهرًا، ويطفو على أبار جوفيه هائلة، عدا عن الينابيع والبحيرات، كل هذه النّعم لم يستثمرها لبنان بالشّكل الصّحيح بسبب السّياسيات الفاشلة لاستثمار المياه والاستفادة منها، كالعشرات من المشاريع التي كلّفت خزينة الدولة أموالًا طائلة لم تجنِ منها إلّا العطش للمواطنين، والأموال لجيوب السّياسيّين.

 

منير قبلان

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى