مجتمع

سوق الخضار الجديد في طرابلس عرضة للنّهب: تجاذبات تؤخّر إفتتاحه

قبل نحو أسبوعين، وفي عملية ليست الأولى من نوعها، تعرّض سوق الخضار والفواكه الرئيسي الجديد في مدينة طرابلس، والذي لم يُفتتح بعد، لعملية نهب واسعة طالت محتويات كثيرة فيه، على أيدي عصابة سرقة محترفة حسب ما بدا من أعمال النّهب التي تعرّض لها، ما جعل السّوق بعدها يبدو هيكلاً خاوياً من أغلب مقوماته.

ووفق شهود عيان، قام أفراد العصابة، إثر دخولهم إلى حرم السّوق من كوّة حديدية بعدما قاموا بقطع قضبانها بمنشار حديدي كان بحوزتهم، على نزع وسرقة كابلات الكهرباء النّحاسية، وأبواب ونوافذ محال السّوق المصنوعة من الألمنيوم، والمعدّات الموجودة في المطابخ والحمّامات من تمديدات وحنفيات وبرّادات غيرها، ومعدّات تُقدّر قيمتها بنحو مليون دولار أميركي، تاركين السّوق وراءهم في حالة مزرية من الفوضى والتخريب.

هذا الإعتداء والعمل التخريبي المتكرّر، دفع نقيب تجّار السّوق عزّام شعبو إلى أنْ يصف الوضع بأنّه “كارثي”، لافتاً إلى أنّ “تجّار ومعلمي وبائعي السّوق سيعقدون لقاءً طارئاً للتباحث في الأمر”.

لكن تحميل شعبو بلدية طرابلس ورئيسها رياض يمق تحديداً، “المسؤولية الكاملة عن التقصير في حماية أمن السّوق الذي كان من المفترض أن نتسلمه نهاية العام الجاري”، حسب قوله، دفع يمق إلى الردّ خلال مؤتمر صحافي عقده بأنّ “السّرقة حصلت في وقت سابق وليس قبل أيّام، وأنّ اتهام البلدية بالتقصير هو لغاية في نفس يعقوب”، موضحاً أنّ “السّوق رسمياً ليس بأيدينا، بل عند سلطة الوصاية ومجلس الإنماء والإعمار”.

وأكّد يمق أنّ “الملف اليوم بعهدة وزارة الدّاخلية والبلديات لدراسته وتحديد كيفية تسليم المحال لمستحقيها، ونحن كبلدية طرابلس قلنا لتجّار السّوق لن نوافق على تسليم السّوق إلا بالقانون وبالتنسيق بين البلدية ومجلس الإنماء والإعمار ومخابرات الجيش وجهات الإختصاص في السّلطة المركزية”.

بدوره، أسِف عضو النّقابة، حسين الرفاعي، في حديث لـ”أحوال” كون “الأعمال في السّوق منتهية منذ خمس سنوات، لكننا لم نتسلمه بعد بالرغم من معاناتنا الكبيرة في السّوق الحالي الضيق الذي يعود تاريخه إلى نحو 100 سنة، والموجود بين أبنية سكنية”، متوقفاً عند أنّ “أحداً لم يعد يزرنا من خارج طرابلس بهدف التسوق بسبب الأوضاع المزرية فيه، عكس السّوق الجديد الواسع والرحب”، معتبراً أنّه “من المعيب أن لا يتم افتتاح السّوق الجديد حتى الآن”، ومحمّلًا مسؤولية التأخير للسياسيين في المدينة الذين “لا يريدون أن يسلّموا مفاتيح محال السّوق الجديد للتجّار بسبب المناكفات بينهم”.

لكنّ تعرّض سوق الخضار والفواكه الجديد في طرابلس، الذي بوشر العمل به عام 2009 على أرض مساحتها 70 ألف متر مربع ويضمّ 184 محلاً مساحة كلً منها 60 متراً مربعاً، وتمّ الإنتهاء من أعماله قبل نحو 5 سنوات، يعود في الأساس إلى تجاذبات بين كلّ من النّقابة والبلدية ومجلس الإنماء والإعمار والسياسيين، ما جعله مشروعاً معطّلاً ومعرّضاً لأعمال تخريب وسرقة بين الحين والآخر، في ظلّ عدم وجود نقطة حراسة فيه.

متابعون لملف السّوق أوضحوا لـ”أحوال” أنّ “هناك محاولات تناتش تجري بين أكثر من جهة لاستغلال السّوق وجعله تابعاً لها، ما أبقاه معطلاً طيلة الفترة الماضية، وفوّت على طرابلس والتجّار والمزارعين فرصة الإستفادة منه، برغم ما يُسبّب هذا التأخير في تسليمه وبدء العمل به من خسائر كبيرة، برغم وعود كثيرة أعطيت ومواعيد عدّة حدّدت لافتتاحه، وحاجة الجميع إلى نقله من مكانه الحالي من منطقة باب التبّانة وسط أبنية سكنية، إلى مكانه الجديد، في محلة المحجر الصحّي عند سقي طرابلس الشّمالي، الأكثر رحابةً وتنظيماً”.

فالنّقابة وفق هؤلاء المتابعين، تريد “وضع يدها على السّوق والإشراف عليها بشكل غير قانوني، برغم أنّ الأرض التي قام عليها السّوق الجديد تعود ملكيتها إمّا إلى بلدية طرابلس أو إلى الدولة اللبنانية، وتريد وضع عقود إيجار متواضعة لا تتناسب مع عقود الإيجار الحالية، برغم أنّها لا تملك الجهاز الإداري ولا التنظيمي ولا الأمني للإشراف على السّوق”.

ويوضح المتابعون أن “أسماء التجّار الذين يفترض أن يحصلوا على محال داخل السّوق بعد عقود يجروها مع الجهة المشرفة عليه، تمّ الإتفاق عليها، وبالتالي لا خلاف حولها، برغم تدخل بعض الجهات لتطلب شطب أسماء وإدخال أخرى مكانها”.

كلّ ذلك يجري بينما بدأت مناطق شمالية أخرى تعمل على فتح أسواق خضار وفواكه خاصة بها، فبعد فتح سوق في عكّار قبل سنوات، تم افتتاح سوق خضار وفواكه جديد في زغرتا الأسبوع الماضي، فضلاً عن أنّ سوق الخضار في جبيل وكسروان يستقطب إليه تجّاراً ومزارعين شماليين.

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى