انتخابات

هل عادت الروح للبيوت السياسية بعد اعتكاف الاقطاع المالي؟

ما إن أعلن رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة عزوفه عن الترشح للإنتخابات النيابية المقررة في الخامس عشر من نيسان المقبل، وكان قد سبقه بيوم واحد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حتى ارتسمت أمام المراقبين والمتابعين صورة أظهرت إكتمال إنكفاء رموز رأس المال في لبنان عن المشاركة في الإنتخابات، وهم الذين مارسوا أدوارهم بعناية فائقة منذ وصل إلى الحكم في لبنان رئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري في العام 1992، ليلعب المال على يده دوره شبه العلني في مسار الإنتخابات لتطويع الأنفس التي تنعشها العملة الخضراء، وتبعه عديدون من أصحاب رؤوس الأموال ليكملوا ما بدأه في إبعاد ممثلي البيوت السياسية المعروفة منذ ما قبل الإستقلال في تسليمهم الشعلة لإبنائهم.

فهل إبتعاد أهل المال سيمنح البيوتات السياسية جرعات تتيح لهم عودة ما خلا من فترات سابقة؟

فالرئيس الشهيد رفيق الحريري حصر التمثيل السني فيه ليُبعد بطريقة أو بأخرى أو يحد من تأثير عائلات الصلح وسلام وكرامي، وحاول بعد استشهاده نجله سعد إكمال ما بدأه الوالد الشهيد، ولكنه وصل إلى العام الحالي ليعلن تعليقه عمليه السياسي والإنتخابي لأسباب لم يشأ “بق بحصتها”.

وما قام به الرئيس الحريري الأب، سار على طريقه نائب رئيس مجلس الوزراء عصام فارس الذي استأثر لدورات عدة في إختيار من يرغب في اللائحة التي يترأسها في قضاء (ولاحقاً محافظة) عكار، وبات ممثلي البيوت السياسية يتوقون لمرافقته في أية لائحة من العام 1992 حتى العام 2005 حين إنكفأ عن الترشح فجأة بعد استشهاد الرئيس الحريري. وعندما علّق الرئيس سعد الحريري نشاطه، عادت البيوت السياسية لتلعب دورها، حيث أعلن منذ أيام النائب وليد البعريني تشكيل أول لائحة في المحافظة وهو الدور الذي كانت تلعبه عائلتي المرعبي والعثمان قبل الطائف.

في مدينة طرابلس، أو عاصمة لبنان الثانية، أتيح للمتمولين أن يلعبوا أدواراً سياسية، ومنهم الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق محمد الصفدي ليستطيعا مع آل الحريري تحجيم الدور الذي كان يلعبه آل كرامي على الأقل منذ الإستقلال، ولكنهما لم يرغبا أو لم تُتح لهما الظروف في وراثة زعامة آل الحريري، ليبتعدا بدورهما مؤخراً فينشط الوزير السابق فيصل كرامي بتشكيل لائحة بالتكافل والتضامن مع إبن البيت السياسي في الضنية النائب جهاد الصمد.

في البقاع لم تكتمل فرحة الوزير عبد الرحيم مراد في لعب دور كامل في المحافظة بالرغم من محاولة آل الحريري تحجيمه لحد الإلغاء، ولكنه إستطاع توريث إبنه مع كامل المؤسسات التربوية والجامعية. والأمر نفسه ينسحب على آل السكاف الذين إشتهروا بصرف الأموال في زمن الإنتخابات والذين سيتنفسون الصعداء بالتأكيد مع الإنكفاءات الحاصلة.

وبين هذه وتلك من العائلات، لا بد من الإشارة إلى بعض الاسماء الدسمة كالنائب ميشال ضاهر (المتشبث بترشيحه) في البقاع والنائبين انور الخليل وياسين جابر اللذين إنكفأ أيضا عن الترشح، مما يسمح لرموز عائلية (من عائلة الخليل الشيعية في صور والنبطية) في استعادة أيام العز حيث كانت تتمثل ببضعة نواب في كل دورة إنتخابية.

فهل سيطبق المثل القائل “مصائب قوم عند قوم فوائد” كما يقول المثل الشعبي في الإنتخابات المقبلة، وتعود الشعلة إلى العائلات السياسية بدل رأس المال؟

مرسال الترس

مرسال الترس

اعلامي لبناني كتب في العديد من الصحف والمجلات اللبنانية والعربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى