منوعات

خوفاً على البشرية باحثون يرفعون راية مخاطر الذكاء الإصطناعي

“كل ما نحبه في التحضّر هو نتيجة للذكاء، فلتعزيز الذكاء البشري بالذكاء الإصطناعي القدرة على دعم الحضارة في الإزدهار بشكل لم يسبق له مثيل – طالما تمكّنا من الحفاظ على فائدة التكنولوجيا”. الحديث للعالم الفيزيائي والباحث في التعلم الآلي، ماكس تاغمرد.

من الكمبيوتر إلى الهاتف الجوّال، فالسيّارات الذاتية القيادة، فالألعاب على طراز البشر المنتشرة مؤخراً على مواقع التواصل، يتقدّم الذكاء الإصطناعي (AI) بسرعة قياسية، نختبر فوائده جميعاً، حتى في الطب هذا العام، عبر شرائح النيورالينك في الدماغ.

وإذ يتوقّع العلماء مستقبلًا أكثر إشراقًا للذكاء الإصطناعي، فيما العالم مفتون بمفاهيمه؛ ما الذي لا ندركه عن مخاطره ويحذّر منه العلماء؟

تعريف الذكاء الإصطناعي

يتم تعريف الذكاء الإصطناعي اليوم باسم الذكاء الإصطناعي الضيّق (أو الذكاء الإصطناعي الضعيف)، حيث أنّه مصمم لأداء مهمات ضيقة (على سبيل المثال، التعرّف على الوجه فقط  أو عمليات البحث على الإنترنت فقط أو قيادة السيارة الذاتية فقط).  ومع ذلك، فإنّ الهدف الطويل المدى للعديد من الباحثين هو إعداد ذكاء اصطناعي قوي.

في حين أنّ الذكاء الإصطناعي الضيّق قد يتفوّق على البشر في بعض المهمات، مثل لعب الشطرنج أو حلّ المعادلات، فإنّ الذكاء الإصطناعي القوي سيتفوّق على البشر في كل مهمة معرفية تقريبًا.

ويشير الذكاء الإصطناعي (AI) إلى البرامج المعقدة التي تؤدّي المهام بطريقة تشبه أدمغة الإنسان. قد يعني هذا تعلّم حل المشكلات بطرق غير متوقعة، أو إظهار شكل من أشكال الإبداع الشبيه بالإنسان.

بما أنّه لا توجد صفة واحدة تحدّد التفكير البشري، فلا يوجد خط واضح يفرّق بين برامج الكمبيوتر الأساسية والذكاء الإصطناعي. يمكن اعتباره ميلاً للتعلّم وحلّ المشكلات لإلهام التكنولوجيا الجديدة، والإجابات على بعض أكبر الأسئلة وأكثرها تعقيدًا.

أبرز أنواع الذكاء الإصطناعي

هناك العديد من المجالات المختلفة للذكاء الإصطناعي، بما في ذلك “الروبوتات”؛ ولكن يُشار إلى أحد الأشكال الأكثر شيوعًا باسم “التعلّم الآلي”.

يتضمّن ذلك برنامجًا لتطبيق المعلومات المعروفة على التجارب الجديدة، وتعلّم كيفية أخذ هذه المعلومات التاريخية وتجاربها في الإعتبار في الإجراءات المستقبلية. يمكن أن يجد التعلّم الآلي أنماطًا في كميات كبيرة من البيانات قد يفوتها البشر. وغالبًا ما يُوصف التعلم الآلي المتقدّم بأنّه تعلّم عميق.

وفيما تستند هذه الآلات إلى الدماغ البشري، يمكن أن تتفوّق علينا كما نتفوّق نحن على الشمبانزي. فمن المتوقع ألاّ تتعلم البرامج الأنماط فحسب، بل تتخذ قرارات تؤدي إلى طرق جديدة للتعلّم لا يتوقعها المبرمج. قد يتضمن ذلك إنشاء قطع فنية جديدة، أو ابتكار لعبة جديدة بعد اللعب من خلال تاريخ ألعاب الكمبيوتر.

نوع جديد ظهر مؤخراً هو شرائح “إيلون ماسك” النيورالينك المثبتة في دماغ الإنسان والتي تستطيع علاج الكثير من الأمراض بحسب ما يتوقعه الباحثون.

تداعيات الذكاء الإصطناعي

 

قد يكون استخدام الذكاء الإصطناعي أكثر دهاءً مّما يتصوّره العلماء الباحثون في هذا الشأن. وقد حذّرت شخصيات بارزة مثل ستيفن هوكينج وإيلون ماسك من المخاطر الحتمية والوشيكة للذكاء الإصطناعي لسنوات؛ وعبّروا عن قلقهم من إمكانية أن تصبح الآلات قريبًا ذكية للغاية وتجد أنّه لم يعد بحاجة لنا نحن البشر.

إلى ذلك، حثّ أكثر من 100 من القادة والخبراء في مجال الذكاء الإصطناعي الأمم المتحدة على حظر تكنولوجيا الروبوتات القاتلة، خوفًا مما يمكن أن تفعله في النهاية. ومع ذلك، يجادل آخرون بأنّ أكبر تهديد من الذكاء الإصطناعي سيستمر في كيفية قرار البشر لاستخدامه. حتى الأشكال التي تبدو غير ضارة من الذكاء الإصطناعي المتقدم يمكن استخدامها بشكل ضار.

علاوة على ذلك، هناك التكلفة الباهظة لتنفيذ المشاريع الناتجة عن الذكاء الإصطناعي؛  والأخطار المحدّقة الأخرى، كإلغاء دور الإنسان، واليد العاملة وتزايد البطالة وما ينتج عنها تداعيات اجتماعية واقتصادية على الفرد.

كيف يمكن أن يكون الذكاء الإصطناعي خطيرًا؟

يتفق معظم الباحثين على أنّه من غير المرجّح أن يحلّ الذكاء الإصطناعي مكان مشاعر البشرية مثل الحب أو الكراهية، لكنّه قد يكون سبباً في تدمير البشرية في ما بعد؛ الأسلحة المستقلّة على سبيل هي أنظمة ذكاء اصطناعي مبرمجة للقتل. يمكن أن تتسبب هذه الأسلحة بسهولة في وقوع إصابات جماعية على يد الشخص الخطأ.

علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي سباق التسلّح بالذكاء الإصطناعي عن غير قصد إلى حرب ذكاء اصطناعي تؤدي أيضًا إلى خسائر جسيمة. قد  يتم تصميم هذه الأسلحة بحيث يكون من الصعب للغاية “إيقافها” ببساطة، لذلك يمكن للبشر أن يفقدوا السيطرة على مثل هذا الموقف.

بالمقابل، هذا الخطر موجود حتى مع الذكاء الإصطناعي  الحالي الضيّق، الذي ينمو مع زيادة مستويات الذكاء الإصطناعي. وقد  تمت برمجة الذكاء الإصطناعي للقيام بشيء مفيد، لكنه يطوّر نفسه بطريقة مدمّرة لتحقيق هدفه. يمكن أن يحدث هذا عندما نفشل في مواءمة أهداف الذكاء الإصطناعي تمامًا مع أهدافنا. إذا تم تكليف نظام فائق الذكاء بمشروع هندسة جيولوجية متطوّر، فقد يتسبب ذلك في إحداث فوضى في نظامنا البيئي كأثر جانبي، ويُنظر إلى المحاولات البشرية لإيقافه على أنها تهديد يجب مواجهته.

لماذا الإهتمام مؤخراً بسلامة الذكاء الإصطناعي؟

أعرب ستيفن هوكينغ، وإيلون ماس، وستيف وزنياك، وبيل جيتس، والعديد من الأسماء الكبيرة الأخرى في العلوم والتكنولوجيا عن قلقهم في وسائل الإعلام وعبر الرسائل الواسعة المدى، حول المخاطر التي يشكلها الذكاء الإصطناعي، والتي انضم إليها العديد من الباحثين البارزين في مجال الذكاء الإصطناعي. فلماذا أصبح الموضوع فجأة في العناوين؟

في حين أنّ بعض الخبراء لا يزالون يعتقدون أنّ الذكاء الإصطناعي على المستوى البشري لا يزال على بعد قرون، فإنّ معظم أبحاث الذكاء الإصطناعي في مؤتمر بورتوريكو 2015 توقعت أنّ ذلك سيحدث قبل عام 2060؛ ونظراً لأنّ الأمر قد يستغرق عقودًا لإكمال أبحاث السلامة المطلوبة، فمن الحكمة البدء بها الآن.

ويلفت الباحثون في هذا الشأن، إلى أنّ للذكاء الإصطناعي القدرة على أن يصبح أكثر ذكاءً من أي إنسان؛ مما يدحض أيّ فرضية مؤكدة للتنبؤ بكيفية تصرفه.

من البديهي أنّه لا يمكننا استخدام التطوّرات التكنولوجية السابقة كنموذج لحماية أمننا، لأنّنا لم نخلق أبدًا أي شيء لديه القدرة على التغلّب علينا كبشر.

وينظر الباحثون إلى الإنسان اليوم على أنّه المتحكم الوحيد في هذا الكوكب. “ليس لأننا الأقوى أو الأسرع أو الأكبر، ولكن لأنّنا الأذكى. إذا لم نعد الأذكى، فهل نحن مطمئنون للبقاء في السيطرة؟”

ويعتبر الباحثون أنّ حضارتنا ستزدهر طالما فزنا بالسباق بين القوة المتنامية للتكنولوجيا والحكمة التي نديرها بها. في حالة تقنية الذكاء الإصطناعي، فإنّ أفضل طريقة للفوز بهذا السباق لا تتمثل في إعاقة الذكاء الإصطناعي، ولكن في تسريع الذكاء البشري، من خلال دعم أبحاث السلامة في الذكاء الإصطناعي.

إنّ القلق بشأن الذكاء الإصطناعي المتقدم ليس حقدًا بل كفاءة ومهنية. سيكون الذكاء الإصطناعي الخارق جيدًا للغاية في تحقيق أهدافه، وإذا لم تتوافق هذه الأهداف مع أهدافنا، فلدينا مشكلة بل كارثة مدمّرة.

لطيفة الحسنية

 

لطيفة الحسنية

صحافية متخصصة في الإعلام الرقمي. أطلقت حملة لمكافحة الإبتزاز الالكتروني عام 2019، تناولت تدريب الضحايا على كيفية التخلّص ومواجهة جرم الابتزاز تضمنت 300 حالة حتى تموز 2020. عملت كمسؤولة إعلامية في منظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى