منوعات

التصعيد في العراق يُنذِر بأحداث أمنية قريبة في لبنان

الراعي ينقلب على مبادرته ويدعم "الجبهة السيادية"

يبدو أن المشهد الداخلي يتّجه إلى مزيد من التصعيد على مختلف المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، وسط مخاوف أبدتها جهات معنية من تصعيد أمني في لبنان ربطاً بما يجري على الساحتين العراقية واليمنية، بالتوازي مع تشكيل تكتّل طائفي بقيادة “بكركي” كطوق حماية للمحقّق العدلي طارق البيطار، ومنصّة للقنص على القاضي حبيب مزهر واستهداف “حزب الله”.

فالمساعي التي قادها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على الخطوط الرئاسية للتوصّل إلى حلٍ للأزمة المستجدّة مع السعودية ودول الخليج، وصلت إلى أفق مسدود، بحسب ما أكّد مصدر مطلع لـ”أحوال”، كاشفاً أن “طريق الحل الذي حاول ميقاتي تسويقه لدى بعبدا وعين التينة و”حارة حريك” بإقالة قرداحي بجلسة لمجلس الوزراء مع بيان اعتذار من السعودية، سقط بعد رفض قاطع من “حزب الله”، بالتوازي مع سقوط الإقتراح الثاني بربط الملفات، أي تنحية المحقق العدلي طارق البيطار عن ملاحقة الرؤساء والوزراء، وتسوية قضائية لملف “تحقيقات الطيونة” واستدعاء رئيس “القوات” سمير جعجع مقابل استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، ما يعني بحسب المصدر، أن “لبنان سيسير حتى مدة طويلة بين خطين متوازيين: جمود ولا حلول، ولا إنهيار بعد الخط الأحمر الذي رسمه الأميركيون والفرنسيون حول بقاء الحكومة والإستقرار الأمني”.

لكن بتقدير مصادر سياسية وأمنية عليمة، فإن “التصعيد الأمني في العراق، لا سيما محاولة اغتيال رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، سينتقل إلى لبنان الذي سيُترجَم بأحداث أمنية كإغتيالات وتوترات واضطربات مذهبية وطائفية متنقلة”، مشيرة إلى أن “المناخ العراقي يوحي بأن شيء ما سيحصل في لبنان خلال الأيام القليلة المقبلة”.

وتنظر المصادر عبر “أحوال” بعين الريبة والقلق حيال موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من المسار القضائي في تحقيقات المرفأ، وتعتبره انقلاباً على “المبادرة الدستورية” التي عرضها الراعي في عين التينة بتنحّي البيطار عن ملف الوزراء والرؤساء واستمراه بباقي الملف، لكن الراعي عاد واعترض على قرار القاضي حبيب مزهر الذي قرّر كفّ يد البيطار مع شن حملة سياسية واسعة النطاق على أداء مزهر، بموازاة تشكيل “جبهة سيادية” يقودها الراعي لدعم البيطار وتقف في وجه “حزب الله”.

وترى المصادر أن “موقف الراعي يشكل الغطاء السياسي لاستكمال البيطار بعمله، ما يفضح حجم التدخل السياسي في القضاء”، متسائلة عن “موقف الراعي الذي لطالما نادى بترك القضاء يقوم بدوره وعدم التدخّل به، فيما اليوم يهاجم قاضٍ فقط لأنه طلب كف يد البيطار؟”.

وإذ تلفت أوساط سياسية في فريق المقاومة لموقعنا، إلى أن “لا موقف شخصي من قبل “حزب الله” ضد البيطار، فالسقف الأعلى الذي وضعه الحزب هو تنحّي المحقق العدلي الحالي لعودة وزراء الحزب والحركة والمردة إلى مجلس الوزراء، لكن في حال تعهّد البيطار تصويب سلوكه وأدائه القضائي بعيداً عن الإستنسابية وازدواجية المعايير، فلا مشكلة بعودة الوزراء الى الحكومة، إلا أن أداء البيطار حتى الساعة ومواقف الراعي والرئيس السابق فؤاد السنيورة الذي دعا منذ أيام إلى تشكيل جبهة سياسية لحماية البيطار، إضافة إلى كلام الوزير السابق مروان حمادة الذي توقع بأن يوجه البيطار الإتهام الى “حزب الله” في قراره الظنّي مع الهجوم السعودي على لبنان، يوحي وكأن هناك “سيناريو” خطير يجري تحضيره للبنان سيكون البيطار رأس الحربة فيه، لذلك لا يريدون التخلّي عنه الآن قبل استثماره في الصراع مع حزب الله”.

وتربط المصادر بين التصعيد السعودي المفتعل والمفبرك وبين محاولة اغتيال الكاظمي لأخذ العراق إلى فتنة شيعية – شيعية، بحسب ما قالت مصادر عراقية مطلعة لموقعنا، وبين السقوط القريب لمأرب في اليمن.

وتوقع خبراء ومحللون استراتيجيون حصول حدثٍ كبير خلال الأسبوعين المقبلين، سيترك تداعيات سلبية على لبنان وسيرفع مستوى التصعيد السعودي – الخليجي ضد الحكومة اللبنانية و”حزب الله”.

وفي هذا السياق، يشير الخبير العسكري، د. أمين حطيط، لـ”أحوال” إلى أن “السعودية ستتلقى خلال العشرة أيام المقبلة ضربة قاسمة بسقوط مآرب بشكل تام بيد الحوثيين”، موضحاً أن “مأرب سقطت عسكرياً لكن يجري حسم طريقة الدخول، أكانت سلمية أم بالوسائل العسكرية، لا سيما وأن القبائل الرئيسية في مأرب على طريق المصالحة مع الحوثيين”.

ويربط العميد حطيط بين المشهد اللبناني والتطورات العسكرية في اليمن التي تسير لصالح حركة “أنصار الله” المتحالفة مع محور المقاومة في المنطقة، وهذا ما يفسّر الصراخ السعودي في لبنان كونه آخر ساحة يمكنها التعويض عن نفوذها في المنطقة بعد خسارتها في اليمن والعراق وسوريا، في ظل الإنكفاء الأميركي عن المنطقة.

ويرى حطيط أن سقوط مأرب تحول استراتيجي كبير كونها “المعقل الأخير بيد السعودية وعناصر عبد ربو منصور هادي وحزب الإصلاح، كما أنه سينهي تحرير القسم الشمالي إلى الأوسط ويفتح الطريق إلى الجنوب وإلى السواحل الغربية، كما يسقط خيار تقسيم اليمن، ويمكّن الحوثيين من الإمساك بقرار النفط”.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى