إبتكارات لحلول مجانية للتدفئة…. وتهافت على جمع الحطب
يبدو لافتاً انتشار المحال التجارية الجديدة المخصّصة لبيع الأدوات الكهربائية والمنزلية المستعملة، في ظل الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار، لكن ما هو مثير للانتباه تهافت الأهالي على شراء مناشير الحطب، بوتيرة غير مسبوقة، بحسب أحد تجار مرجعيون، الذي أكد أن “الفقراء والميسورين معاً يتنافسون على شراء مناشير الحطب العاملة على الكهرباء والبنزين، والتي رغم ارتفاع ثمنها بسبب ارتفاع سعر الدولار، الاّ أنها هي الأكثر طلباً من الزبائن”.
يرى المزارع حسن حدرج أن “الأهالي يقصدون الحقول المزروعة بالأشجار، ويتنافسون على جمع الحطب اليابس، لكن المخيف أن يبدأ الأهالي بقطع أشجارهم، بسبب ارتفاع ثمن الحطب والمازوت، إذ لا بديل هذه السنة عن وجاق الحطب”.
في محمية الحجير المليئة بأشجار السنديان والبلوط المعمّرة، يتسلق أحد رعاة الماعز احدى الأشجار المعمّرة محاولاً قطع جذع يابس، رغم قيام لجنة المحمية بتوزيع عشرات اللاّفتات التي ترشد الأهالي الى عدم قطع الأشجار والاهتمام بالمحمية، لكن الراعي يقول “لا بديل لنا عن جمع الحطب المجّاني هذا الشتاء، لأن المازوت مقطوع”. ويشير الى أن “عشرات الأهالي يقصدون المحمية وأماكن حرجية أخرى، لجمع الحطب وهذا أمر يساهم في تنظيف الأحراج ومنع احتراقها”.
تضاعف ثمن الحطب عن الأعوام السابقة (قبل الأزمة) حوالي 6 أضعاف، بحسب خالد أحمد، الذي “يعمل على شراء وبيع الحطب منذ 13 سنة”، ويقول ” كان ثمن طنّ الحطب لا يزيد عن 250 ألف ليرة، أما اليوم فقد وصل ثمنه الى مليوني ليرة، رغم أن حاجة الأسرة الواحدة لا تقل عن ثلاثة أطنان، لذلك أصبح معظم زبائني من الأغنياء، بعد أن كان الفقراء هم الذين يشترون الحطب لعدم القدرة على شراء المازوت”، ويستدرك أحمد “لا يعني ذلك أن الفقراء استغنوا عن الحطب، بل باتوا يعملون على جمعه من الحقول والأحراج، لذلك فهم يتنافسون على شراء المناشير الكهربائية المستعملة”.
وباختفاء المازوت وغلاء ثمنه، لم تعد مواقد الحطب خياراً بل “حاجة الزامية لأكثر العائلات الجنوبية” تقول المزارعة خديجة ترمس، التي بات البحث عن الحطب عمل اضافي لها يضاف الى أعمال المونة البيتية وطبخ الطعام. تقصد ترمس الحقول القريبة من وادي الحجير، لكن ذلك “لن يكون حلاًّ لأن كمية الحطب قليلة جداً نسبة الى الحاجة اليها، لذلك يتحدث بعض الأهالي اليوم عن امكانية الاستغناء عن المدافىء والاعتماد على مواقد الفحم”.
ابتكارات مختلفة يحاول اعتمادها اليوم لتخفيض كلفة التدفئة، أحد أبناء مركبا لجأ الى “تمرير قساطل وجاق المازوت من غرفة الجلوس الى غرفة أخرى قبل اخراجها الى الهواء الطلق، لتدفئة الغرفتين معاً”.
في حين لجأ عبدالله عواضة الى “تجهيز وجاق الحطب لاستخدامه في ذات الوقت كوسيلة لتسخين سخّان المياه”، ويشرح عواضه عن ابتكاره بأنه قد “وضعت سخّان المياه على الوجاق الحديدي في احدى زوايا غرفة الجلوس وقمت بتجميله بعازل خشبي جميل، بعد مدّ أنابيب المياه الساخنة من الخزان الى المطبخ والحمام”. ويختم بالتحسر على الوضع القائم بأن الأمر قد وصل “ببعض أصحاب الحقول، من الفقراء، إلى بيع الأشجار من بساتينهم لكسب بعض المال الإضافي”.
يذكر أن معظم قرى وبلدات بنت جبيل ومرجعيون ترتفع عن سطح البحر أكثر من 650 متر، وبعضها يصل ارتفاعه الى 900 متر، حيث تنخفض درجة الحرارة بشكل كبير، وتصبح التدفئة أمراً لازماً ولا مفرّ منه.