منوعات

الفتنة مجدداً … والسلم الأهلي في خطر

في عزّ الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمالية، وعجز التحالف الطائفي من مقاربة الحلول الضرورية لوقف حالة الانهيار على مختلف الصّعد. وحصول ما حصل من أحداث مؤسفة في منطقة «الطيونة» وبعض أحياء «عين الرمانة» بين بعض مكوِّنات السلطة، بسبب التناقضات في ما بينها من بعض القضايا الداخلية والاقليمية، وما رافقها من تجييش طائفي ومذهبي، وزج الشارع بمواجهة الشارع، والتهديدات، والاتهامات بتسييس التحقيق بجريمة إنفجار المرفأ، من قبل الثنائي، بالرغم من كل ذلك كان بالإمكان، ومن خلال رفع الحصانات، وحض الادعاءات قضائياً، إظهاراً للحقيقة وتحقيقاً للعدالة.

هذا وكادت هذه الحادثة أن تفتح باباً للفوضى والعنف الأهلي، بسبب مبادرة بعض القوى السياسية والحزبية المناوئة لحزب الله من استعمال السلاح الذي أدّى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى وإحداث الذعر بأوساط السكان المقيمين في تلك المناطق، وإلحاق الضرر بالملكيات الخاصة والعامّة، وأخطر ما في هذا الأمر محاولة إحياء خطوط التماس من جديد، بين الشيّاح وعين الرمانة، والتي ذاع صيتها في بدايات الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975.

إن إعادة الوضع على ما كان عليه قبل الأحداث المؤسفة، يتطلب عدم تكرار هذا النوع من الصدامات، والتدخل الحاسم والسريع في اللحظة المناسبة، من قبل الجيش والأجهزة الأمنية، كي لا تتسع حلقات الاشتباك… واستكمال التحقيقات من قبل الدوائر الأمنية والقضائية المختصة، ورفع الغطاء عن المحرضين والمنظمين والمشاركين مهما علا شأنهم، وضمان حقوق أهالي الضحايا والمتضررين من سكان مناطق الاشتباكات، وتفويت الفرصة أمام القوى التي تعمل من أجل إقامة الفدراليات «الطوائفية» التي تصب في مصلحة المشاريع الأميركية الصهيونية، التي تدفع بهذا الإتجاه في عموم المنطقة، وخاصة في بلدان المشرق العربي.

ومن المؤكد أن هذا الصدام، وما رافقه من شحنٍ وتحريض، سيُستخدم – إذا ما جرت الانتخابات – كأداةٍ للتعبئة الانتخابية، من أجل التجديد للطبقة السياسية ذاتها (زعامات طائفية وقوى طبقية تستظل بها) مع ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر جسيمة على وحدة البلاد وأمنها واستقرارها.

إن الضمانة الأساسية والوحيدة للشعب اللبناني كي ينعم بالهدوء والأمان، وعودة الحياة الطبيعية للبلد، وخلاصه من الأزمات الخانقة التي يعيشها، ولو بشكل متدرّج، هو إسقاط النظام الطائفي المفجّر للأحداث الدمويّة، وللحروب الأهليّة، والنضال من أجل قيام الدولة العلمانية الديمقراطية، دولة تحمي وتصون استقلالية القضاء، وسيادة البلد، وتحد من التدخلات الخارجية في الشؤون الوطنية. دولة تعمل وتكرّس وتصون دستورياً وعملياً الحقوق الديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية لكافة المواطنين… بذلك تتحقق وحدة الوطن وتزول إلى حد كبير أسباب وعوامل الصدامات الأهلية على مختلف أشكالها وخاصة العنفية منها.

رجا سعد الدين

كاتب وشاعر لبناني، يحمل شهادة الإجازة في التاريخ من الجامعة اللبنانية. له عدة مؤلفات في التاريخ السياسي والاجتماعي وديوان شعر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى