فاعل خير يطرق باب شخصيتين في “الحزب” و”المستقبل”!
بدأت القوى السياسية ومجموعات المجتمع المدني تعدّ العدّة للانتخابات النيابية المقبلة بعدما تأكّد أنّها ستحصل في موعدها، وبالتالي دارت محركات الماكينات الانتخابية لمعظم الأحزاب ونشطت حركة الوافدين الجدد إلى الحلبة تحت شعار الثورة والتغيير، والمعروفين بـ”ngos” .
ولعلّ حزب الله كان من أوائل الذين باشروا قبل أشهر، وبعيدًا من الضجيج والأضواء، في تحمية “المولدات” الانتخابية واستدعاء الكوادر المتخصّصة إلى “الخدمة”، استعدادًا للاستحقاق المنتظر.
ولكن الشقّ الأهم من التحضيرات للعملية الانتخابية يبقى ذاك المتصل بالتحالفات السياسية التي لم يحسم “الحزب” أمرها بعد، إلى حين الانتهاء من المشاورات والمفاوضات التي يخوضها نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم في الكواليس مع الأصدقاء من القوى والشخصيات السياسية حتى يُبنى على الشيء مقتضاه.
إنّما، ومن خارج سياق المألوف والمتوقع، علمت “أحوال” أنّ “فاعل خير” حاول أن يجسّ نبض شخصيتين في حزب الله وتيار المستقبل حيال احتمال تطوير ربط النزاع بين الجهتين إلى نوع من تقاطع انتخابي، يسمح لهما بالتنسيق الموضعي وتبادل الأصوات في بعض الدوائر.
صاحب الفكرة عرضها على صديقين له، أحدهما قيادي في الحزب والآخر قريب من الرئيس سعد الحريري، لتنتهي مهمته التطوعية عند هذا الحد، تاركًا للظروف تقرير مصير طرحه الذي يبدو للوهلة الأولى سورياليا.
أمّا أصل الاقتراح، وبمعزل عمّا إذا كان واقعيًا أم لا، فقد انطلق من ضرورة حماية الحريري كصوت للاعتدال السني لأنّ البديل عنه هو التشدّد السني، وبالتالي لا مصلحة على المستوى الاستراتيجي في إقفال بيت الحريري أو إضعافه كثيرًا لحساب خيارات أخرى، بغض النظر عن الخلاف الموجود مع رئيس “المستقبل” حول مسائل حيوي.
والمتحمسون لحياكة تقاطع انتخابي بين “الحزب” و”المستقبل” يعتبرون أنّ من شأنه أن يعود بمردود إيجابي، خصوصًا على مستوى تحصين العلاقات السنية الشيعية، بالترافق مع المساعي المتقدمة لتخفيض منسوب التوتر المذهبي في المنطقة عبر المفاوضات الإيرانية السعودية.
وإذا كانت الرياض قد أقفلت أبوابها أمام الحريري الذي يواجه في الوقت نفسه أزمة مالية، فإنّ هناك من يظن أنّ لا مصلحة في مزيد من شدّ الخناق عليه، بل يجب ترك ممر سياسيّ وانتخابي آمن له، تمامًا كما سبق لخصومه التقليديين أن اندفعوا إلى مساعدته بعد احتجازه في السعودية.
وعلى الرغم من المناوشات السياسية المتفرّقة بين حارة حريك وبيت الوسط، أصبح لدى البعض اقتناع بأنّ حزب الله يسعى باستمرار إلى تفادي الانخراط في مواجهة كسر عظم مع الحريري، سواء في الساحة السياسية أو في مرحلة الانتخابات، ولو أنّ هناك خصومة بينهما، تشتدّ حينًا وتتراجع حينًا آخر، تبعًا لمجريات التطورات. ومن آخر الأمثلة على ذلك أنّ “الحزب” ظلّ متمسكًا به حتى آخر لحظة رئيسًا مكلّفًا إلى أن قرّر هو الاعتذار عن تشكيل الحكومة.
في المقابل، هناك من يستبعد كليًّا احتمال اللّجوء إلى أيّ شكل من أشكال تبادل التمريرات الانتخابية بين حزب الله وتيار المستقبل في المساحات المختلطة، معتبرًا أنّ هذا السيناريو خيالي ويشكل ضربًا من ضروب المستحيل السياسي.
ويشدّد أصحاب هذا الرأي على أنّ اعتبارات كثيرة تمنع ولو الحد الأدنى من الالتقاء الانتخابي، بدءًا من الخيارات المتعارضة داخليًا واستراتيجيًا والتي لا تسمح للطرفين بتبرير أيّ تقارب مستجد أمام قواعدهما داخل صناديق الاقتراع، وصولًا إلى أنّ الحريري الذي تنقصه عوامل القوّة في الانتخابات المقبلة سيحاول التعويض من خلال شدّ العصب السنّي ضدّ “الحزب” وحليفه رئيس الجمهورية، وإلّا أيّ قضية تعبوية تبقى في حوزته لتعبئة الناخبين، وإن يكن يعرف أنّ هناك حدودًا في نهاية المطاف لهذه المواجهة، وأنّ مرحلة أخرى ستبدأ بعد الاستحقاق الربيعي وسيتجدّد معها ربط النزاع.. والأحزمة، خصوصًا اذا كانت مشاريع التسويات في المنطقة قد أصبحت أكثر وضوحًا.
وإضافة إلى ذلك، سيكون الحزب معنيًّا بمراعاة واقع حلفائه السنة ومصالحهم، خصوصًا أنّهم لطالما كانوا يشكون من “تغنيجه” الحريري على حسابهم.
عماد مرمل