انتخابات

مرشّحون لانتخابات لم تبدأ بعد: “بريستيج” وطموحات شخصية

ما كاد وزير الداخلية والبلديات السّابق، محمد فهمي، يعلن في 3 حزيران الماضي عن تحديد موعد مبدئي لإجراء الإنتخابات النيابية المقبلة في 8 أيّار المقبل، وتأكيد الرئيس نجيب ميقاتي بعده إثر إعلانه تشكيل حكومته في 11 أيلول الجاري أنّ “الحكومة ستقوم بإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها”، حتى توالى إعلان بعض الشخصيات والوجوه الطامحة عن ترشّحها للإستحقاق الإنتخابي المقبل.

غير أنّ هذا الترشّح لم يتجاوز إطار الإعلان الشكلي عن نيّة هذا المرشّح أو ذاك الإقدام على هكذا خطوة على منصّات وسائل التواصل الإجتماعي، لأنّ وزارة الداخلية والبلديات لم تفتح بعد عملياً باب الترشّح للإنتخابات المقبلة ولم تحدّد الشروط، فضلاً عن أنّ شكوكاً جدّية تحوم فعلياً حول احتمال إجرائها في موعدها المحدد، وسط إقتراحات تُطرح من أجل تقديم موعدها أسابيع إلى شهر آذار، أو تأجيلها أسابيع مماثلة حتى شهر حزيران، لدواعٍ منها أنّ شهر أيّار يكون شهر صوم الطوائف الإسلامية والمسيحية وأعيادهم، من غير إسقاط إمكانية تمديد ولاية المجلس النيابي الحالي تحت حجج وأعذار مختلفة.

“الضنّية” واحدة من المناطق التي شهدت إندفاع بعض الوجوه والشّخصيات للإعلان عن نيّتها الترشّح للإستحقاق النيابي المقبل، التي سارعت إلى نشر صور لها على صفحاتها الخاصّة على منصّات وسائل التواصل الإجتماعي، حيث حرص كلّ منهم على إبراز بعض صفاته وشخصيته وميوله فيها.

المحامي طارق محمد شندب، إبن بلدة بقرصونا، نشر صورة له وهو جالس على كنبة في صالون مرتدياً بزّة رسمية؛ بينما نشر أحمد عبد الوهاب مريم، إبن بلدة قرصيتا، صورة له وهو جالس على كنبة متحدثاً عبر الهاتف؛ في حين نشر المحامي أحمد عوض الكرمة، إبن بلدة كفرشلان، صورتين له: الأولى وهو جالس خلف مكتبه، والثانية داخل سيّارته معتمراً الكوفية والعقال، في إشارة إلى انتمائه لإحدى عشائر العرب في المنطقة.

هذا الترشّح الذي يبدو في الشّكل جدّيًا، يُنتظر له أن يتزايد ويرتفع أعداد المرشحين في العالم الإفتراضي للإنتخابات في الأيّام المقبلة، وسط توقعات ألا تبقى بلدة في الضنّية، التي تضم مقعدين نيابيين، إلا ويبرز منها مرشّح أو أكثر، طالما أنّ الأمر لا يُكلّف شيئاً ولا تدفع لقاء ذلك رسوم ترشيح للإنتخابات، ولا تحضير أو تقديم أوراق ثبوتية، بل نشر صورة يرتأي هذا المرشح أو ذاك أنّها تناسبه وتعبّر عن شخصيته أكثر من غيرها.

في دورة إنتخابات 2018، شهدت الضنّية ترشيحات من هذا النوع تنوّعت بين الجدّية و”البرستيج”. بعض هؤلاء المرشحين أكمل طريقه و”جرّب حظّه” حتى نهاية المطاف، وكشفت الأرقام التي حصل عليها في صناديق الإقتراع حجم شعبيته، وبعضها فضّل التراجع والإنسحاب مسبقاً لأسباب مختلفة.

من هذه الأسباب التي قد تدفع مرشحين للإنسحاب من السباق الإنتخابي، أن تتدخل شخصية بارزة أو مرجع سياسي كبير أو حزب معيّن، تتمنّى على هذا المرشّح أو ذاك الإنسحاب من أجل مصلحة اللائحة، فينزل المرشّح عند طلبهم وينسحب، بعد أن يتكفّل من طلب منه الإنسحاب بكل النّفقات المالية التي تحمّلها، أو أن يعده بضمّه إلى لائحته في استحقاق إنتخابي مقبل.

لكن الأسباب التي تدفع شخصيات مغمورة أو ذات حضور شعبي بسيط بين عائلاتها وفي قراها للترشّح للإنتخابات النّيابية كثيرة، منها أنّ هذه الشّخصيات تصبح مشهورة في محيطها الضيّق على الأقل، وهذا بدوره تعتبره طموحاً وإنجازاً لها، إذ بهذه الخطوة باتت تتصدر المجالس وتُدعى إلى أيّ مناسبة، وتصبح من الوجوه الإجتماعية البارزة في محيطها، والتي يشار إليها بالبنان.

غير أنّ مرشحين آخرين يقدمون على هذه الخطوة بجدّية أكبر، وإنْ كانت حظوظهم في النّجاح معدومة كليّاً، فهم من خلال هذا الترشح يعلنون بوضوح بأنّهم جاهزون للتحالف مع أيّ لائحة تحتاج إلى إكمال عدد مقاعدها، وأنّ بضعة أصوات تحصل عليها اللائحة التي انضموا إليها عبرهم قد تسهم بلا شك في رفع حاصلها وبالتالي تعزيز حضوظها في الفوز بأحد مقاعد الدائرة، أو في رفع عدد مندوبي اللائحة في هذه الدائرة الإنتخابية أو تلك، أو أن يستمروا في خوض الإنتخابات، على أنْ تدفع عنهم اللائحة التي انتموا إليها، أو الأبرز فيها ومموّلها أغلب النفقات.

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى