منوعات

ماذا جرى في الساعات الأخيرة التي سبقت إعتذار أديب؟

قبل 48 ساعة من اعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب عن تشكيل الحكومة، كانت الأمور إيجابية للغاية، وكان الحديث عن مواعيد صدور مراسيم تشكيل الحكومة، والصورة التذكارية للحكومة العتيدة، ولكن بظرف 24 ساعة فقط إنقلبت الآية، والتفاؤل تحول الى خوف من مصير مجهول ينتظر لبنان بعد اعتذار أديب.

إشارات خارجية واضحة

أمس، تأزّمت المفاوضات، والصعوبة كانت بأن الرئيس المكلف سابقا، لم يكن يملك اجوبة كاملة وشاملة ليقدمها للأطراف التي يلتقيها، هذا ما صعّب عملية التفاوض، بحسب مصادر سياسية مطّلعة على مسار المفاوضات.

الإشارات الخارجية التي وصلت الى لبنان كانت تشير الى أن لا اتفاق حالي على تشكيل حكومة في لبنان، فلا شك أن الموقف السعودي بالتصويب على حزب الله، والموقف الاميركي من مشاركة حزب الله بالحكومة، يؤكدان بما لا يدع مجالا للشك بأن لا حكومة في لبنان. ولكن كيف انعكست الإشارات الخارجية بالداخل؟

 

ثلاث إشارات داخلية

تشير المصادر الى أنه عندما التقى علي حسن خليل وحسين الخليل بالرئيس المكلف بعد مبادرة سعد الحريري، حاولا تقديم ورقة الأسماء العشر لأديب ليختار من بينها الوزراء لحكومته، ولكنه رفض ذلك بانتظار مزيد من التشاور، فشعر عندها الخليلان أن الأمور ليست على ما يُرام، وان التفاؤل لم يكن في محله، وان مبادرة الحريري لن تؤدي الى تشكيل الحكومة، ولكنها جاءت لرفع العتب، وهذه كانت الإشارة الداخلية الاولى لعدم وجود نوايا إيجابية لتشكيل الحكومة.

الإشارة الثانية كانت بلقاء أديب ورئيس الجمهورية أمس، اذ أعاد أديب التشديد على مطلب أن تكون الحكومة مصغرة من 14 وزيرا، وهذا الأمر الذي يعارضه رئيس الجمهورية، وتم التشاور حوله في بداية مسار المفاوضات، وتم التوصل يومها الى شبه اتفاق على أن لا يقل عدد الوزراء في الحكومة الجديدة عن 18، وتشير المصادر الى أن التراجع هذا أوحى للرئيس عون أن الامور عادت الى ما قبل نقطة الصفر وعدنا الى فرض الشروط القاسية.

أما الإشارة الثالثة فكانت ما حصل يوم أمس ليلاً، وكانت بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر التشكيل، من خلال التراجع عن الإتفاق السابق الذي يقضي بأن يسمي الفريق الشيعي أسماء وزرائه ليختار الرئيس المكلف من بينها، اذ تكشف المصادر أن أديب رفض مرتين فكرة اقتراح الاسماء، ونادي رؤساء الحكومات، رغم مبادرة الحريري، وافق على تولي الشيعة لحقيبة المال، ولكنهم أصروا على منعه من التسمية، على اعتبار أن المطلوب حكومة بعيدة عن السياسيين، مع أنهم يتابعون عملية التشكيل بكل شاردة وواردة، ويتدخلون بكل تفصيل، وهذا ما لم يكن ممكنا القبول به من قبل الفريق الشيعي، لان المسألة بحسب هذا الأخير لا تتعلق بإسم بل بحق سياسي مكتسب وموقف سياسي، وعندها وصلت الامور الى الحائط المسدود.

هذه الإشارات الثلاث كانت كفيلة بنسف كل التفاؤل السابق، فالصورة أصبحت ليل أمس واضحة، بأن لا حكومة في لبنان حالياً، وتشير المصادر الى أن اعتذار الرئيس المكلف يؤكد أن المطلوب منه كان تكريس أعراف جديدة بتشكيل الحكومة، والحصول على تنازلات كبرى، وعندما اقتنعوا أن الأمر سيكون مستحيلاً، اعتذر.

ما بعد الإعتذار

لن يكون شهر تشرين اول سهلا، فالضغط سيزداد خلال هذا الشهر، وسيرتفع سعر صرف الدولار، وستتوقف المساعدات الخارجية، ولن ينعقد المؤتمر الدولي لمساعدة لبنان، وأموال مؤتمر سيدر لن تأتي، وعملية بدء رفع الدعم عن السلع الأساسية ستنطلق، والحراك سيتحرك بالشارع مجددا، وسيكون هناك مبادرة جديدة بعد أسابيع تحاول مجدداً الحصول على نفس المكاسب السياسية، فهل ننتظر الى ما بعد الإنتخابات الاميركية؟

محمد علوش

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى