مجتمع

هكذا واجهت بلديات جبل عامل أزمة الكهرباء منذ ٨ سنوات حتى اليوم

قبل نحو ثماني سنوات، وبسبب الانقطاع المستمر والمتمادي للتيار الكهربائي، اتخذت عدة بلديات في جنوب لبنان، قراراً جريئاً بالتعويض على الأهالي والحلول مكان الدولة في تأمين الكهرباء، “يومها كانت أزمة الكهرباء، تشبه ما نحن عليه اليوم، اذ أن المولدات الخاصة لم تكن متوفرة الاّ للميسورين”، يقول المزارع حسن ماجد، ابن بلدة خربة سلم ( بنت جبيل)، مشيداً بخطوة البلدية الجريئة ” كونها استطاعت تأمين الكهرباء بشكل متواصل، وللمرة الأولى في تاريخ البلدة”.

نعمة الحصول على خدمة الكهرباء، وتعويد الأهالي على ترشيد استهلاكها والالتزام بدفع الرسوم المتوجبة بشكل منتظم، ساهم في تعزيز دور البلديات الانمائي. يقول رئيس اتحاد بلديات بنت جبيل رضا عاشور “قبل نحو 10 سنوات لم تكن البلديات تملك المولدات الكهربائية، ولم تكن قادرة أصلاً على شرائها، بسبب عجزها المالي”.

فبلدية شقرا ودوبيه، التي كانت برئاسة السيد عاشور حينها، كانت ميزانيتها لا تزيد على 370 مليون ليرة، وهو مبلغ بحسب عاشور “لم يكن كافياً لدفع أجور الموظفين والقيام بأعمال النظافة وتنفيذ بعض الأعمال الأساسية المتواضعة، لكن رغم كل ذلك كان علينا أن نتخذ قراراً جريئاً بتأمين الكهرباء، فلجأت البلدية مع 3 بلديات أخرى هي دير قانون، خربة سلم، والخيام، الى شراء المولدات وتأمين الكهرباء، باستخدام العدادات، حتى حصل الأهالي لأول مرة في تاريخ المنطقة على الكهرباء لمدة 24 ساعة متواصلة، وهذا الحدث يعتبر سابقة، ليس في المنطقة فحسب، بل في لبنان أيضاً”.

وبسبب نجاح هذه التجربة، والتزام الأهالي بدفع بدلات الاشتراكات، التي كانت مدعومة نسبياً من البلديات، لجأت معظم البلديات الجنوبية الأخرى الى هذا الخيار. كلفة شراء المولد الكهربائي بحسب عاشور كانت “تزيد على 60 مليون ليرة، أي ما يعادل 40 ألف دولار، وكانت معظم البلديات تعمد الى تأمين هذه الكلفة من خلال القروض الميسرة، وتسديدها لاحقاً من عائدات المولدات، أما اتحاد بلديات بنت جبيل فقد قدم لكل بلدية مولد كهربائي واحد على الأقل”.

اذاً استطاعت البلديات خلال السنوات الماضية، حلّ أزمة الكهرباء في المنطقة، لكن الأزمة المستجدة، بارتفاع أسعار المازوت، أدت الى لجوء البلديات الى التقنين في ساعات التغذية من المولدات، للتخفيف عن كاهل الأهالي، لا سيما محدودي الدخل، لأن الفواتير باتت قاسية جداً ولا تتناسب مع مداخيلهم. لكنها اليوم، بدأت فعلاً في ابتكار الحلول، بمتابعة حثيثة من العمل البلدي في حزب الله، لتصبح سبّاقة أيضاً في اتخاذ خطوات جريئة للتخفيف من الأعباء الناجمة عن أزمة الكهرباء المستجدة، وذلك باستخدام الطاقة الشمسية لحلّ العديد من المشكلات، لا سيما مشكلة المياه، التي يتم ضخّها الى بلدات المنطقة من نهري الليطاني والوزاني أو من الآبار الأرتوازية، وبانقطاع الكهرباء شبه الدائم، توقفت أعمال الضخ ما حرم أبناء المنطقة من المياه، لذلك يقول عاشور “بدأت معظم البلديات تعمل بشكل جدي على تأمين الطاقة الشمسية للآبار الأرتوازية، وتجميع الأموال لأجل ذلك”، ويشير مسؤول العمل البلدي في الجنوب الحاج علي الزين الى أنه “منذ بدء أزمة المازوت وارتفاع كلفة شرائه، تم التنسيق مع البلديات لايجاد بعض الحلول الممكنة للتخفيف عن كاهل الأهالي، فبعض البلديات لجأت الى الطاقة الشمسية لاستخراج المياه من الآبار الأرتوازية، وأخرى استخدمتها لتشغيل المدارس الرسمية وانارة الطرقات العامة، أو لدعم مولدات الاشتراكات لتخفيف قيمة الفواتير”.

ويلفت الزين الى أن ” العمل البلدي نظّم دورات تدريبية لرؤساء البلديات في منطقة صور واتحاد بلديات جبل عامل، بهدف تمكينهم من كيفية الاستفادة من أنظمة الطاقة الشمسية التي باتت تملكها البلديات، أو تلك التي يمتلكها الأهالي، بشكل يؤمن الخدمة للجميع”.

وبحسب الزين فان عشرات المشاريع العاملة على الطاقة الشمسية ضمن نطاق العمل البلدي تم تنفيذها، وأخرى على طريق التنفيذ، وقد استطاعت البلديات الحصول على مصادر تمويل مختلفة، من بينها جميعات أهلية ودولية، واليونيفل، وعدد من المغتربين وأصحاب الأيادي البيضاء..وقد تم تقسيمها كالتالي:

1- 41 مشروعا منفذاً ويشمل تأمين الكهرباء المجانية الى : مدرسة رسمية ،5 مراكز بلدية، مسجد، مكتبة عامة عدد 2، 9 شوارع عامة ، 18 بئراً ارتوازياً، 3 محطات لتكرير المياه، معمل للنفايات. اضافة الى تأمين جزء من الكهرباء الى المنازل في بلدتين.

2- 19 مشروعاً قيد التنفيذ ويشمل: مدرستان، 5 مراكز بلدية، 11 بئراً ارتوزاياً، محطة لتكرير مياه الشرب.

3- 55 مشروعاً موعوداً ، وتشمل : 9 مراكز بلدية، انارة طرقات عامة، 38 بئر أرتوازي، محطتان لتكرير المياه، تأمين الكهرباء لأربع بلدات.

داني الأمين

داني الأمين

صحافي وباحث. حائز على اجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى