ميديا وفنون

MTV تنبش قبور الموتى وتعيد جمع أشلائهم في أسوأ فيديو ينتهك أخلاقيات المهنة

كالصّفعة على وجوه المشاهدين، جاء الفيديو الذي أعدّته MTV مع اقتراب ذكرى 4 آب أحيت فيه الموتى، ونبشت قبورهم وفلشت عظامهم، بنيّة تحريك ضمائر الزعماء، لكنّها لم تحرّك سوى غضباً شعبياً، تمثّل في حجم الانتقادات التي طالت الفيديو، المخالف لأبسط قواعد المهنة، حتى لو برّأت المحطّة ذمّتها بالحصول على توقيع أهالي الشهيدين اللذين ظهرا في الفيديو، يقول أحدهما “أجسادنا تحررت بس نفوسنا عم تتعذب”، ويقول الآخر “من آلامنا وبقايا عضامنا، رح يتعمّر لبنان جديد”.
يختلف اللبنانيون حتّى على الهواء الذي يتنفّسونه لكنّه كان ثمّة شبه إجماع على أنّ الفيديو خانق، يصفع المشاهد لا القضاء ولا السياسيين ولا مَن مِن المفترض أن تُهزّ لهم العصا قبل أيّام من الذّكرى الأولى للانفجار.
أقامت المحطّة الأموات من قبورهم، مشوا وتحدّثوا عن نفوسهم التي تتعذب، وعظامهم المبعثرة، وعلى طريقة “عداني العيب” استبقت المحطّة الفيديو بالتأكيد أنّ عائلتي الشهيدين رالف ملاحي وأمين الزاهد تعاونتا معها لإنجاز الفيديو، لتوجيه رسالة إلى القضاء اللبناني والقاضي بيطار لإحقاق العدالة للضحايا وعائلاتهم.
إلا أنّ جسم MTV لبّيس، فهي ليست المرّة الأولى التي تستغل فيها الانفجار لتوجيه رسائل سياسيّة، وهذه المرّة حتى لو كنت النوايا صافية، إلا أنّ التنفيذ كان مقيتاً، منفراً، يترك في المشاهد انطباعاً أنّ المحطّة لحقت بالأموات إلى قبورهم، وأعادت ترتيب أشلائهم ووضعت على شفاههم كلمات لم يقولوها، بل أرادت قولها عن طريقهم دون أي اعتبار لحرمة الموت.
أما أهاليهم، معذورون، فحجم المصيبة كبير، لكن هل يحقّ للأهل أن يعطوا الموافقة أو يحجبوها عندما يتعلّق الأمر بأحد أفراد العائلة الذي فارق الحياة؟ هل يملك الأهل حقّ السّماح باستغلال الميّت ولو كانت الأهداف نبيلة؟
ردود الفعل الغاضبة تجاهلتها المحطّة، فمقولة أن الدعاية السيّئة هي في وجهها الآخر دعاية جيّدة، تصلح لكل أنواع الدعاية إلا لهذه، حين يصبح نبش القبور وسيلة لتسجيل أهداف، وحين تستباح أبسط الأعراف والأخلاقيات المهنية لإحداث بلبلة في غير مكانها، ينقلب السّحر على السّاحر، ويصبح التوجّه إلى القضاء لا لإحقاق العدالة فحسب، بل لكبح جماح المحطّات التي تتجاوز كل الأعراف بحجّة حريّة التعبير.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى